
عندما تجد أمامك مجموعة من الشباب المسرحي يبذلون قصارى جهدهم من أجل التعريف عن أنفسهم وعن مدى ارتباطهم بخشبة «أبو الفنون» تجد نفسك طواعية تصرخ بصوت عال: «يعطيكم العافية ما قصرتم»، طبعاً هذه الكلمات التي تعبر عن الإطراء لا تعني بالضرورة بأن العمل قد نال استحسانك إنما التجربة في حد ذاتها تستحق الشكر، من سلطنة عمان البهية حمل المؤلف والممثل وليد المغيروي على عاتقه مهمتين، الأولى هي الكتابة، والثانية التمثيل وبالتالي حمل نفسه طاقة ربما تكون مضاعفة.. فالعرض المسرحي «الألفية» الذي قدم على هامش مسابقة ايام المسرح للشباب 12 كان عملا بسيطا ومتواضعاً وغير معقد، حاول من خلاله المخرج الصلت السيابي تقديم رؤية إخراجية «على قد النص» ولم يبالغ في فرد عضلاته أو « يتفذلك» لذا كانت التجربة بشكل عام متناسقة شكلا وتليق بقدرات من وقف فوق الخشبة الثلاثي المغيروي وماجد المقيمي وصالح الرئيسي.
انطلقت الفكرة العامة للنص من الواقع المعاش حيث أحلام الشباب وطموحاتهم والأمل الذي يقودهم لما يحلمون به لكن عندما يجد الجد تتحول هذه الأحلام إلى أوهام وكل ما يحلمون به يتحطم على صخرة الواقع.. هذه هي الحقيقة وهذا واقع غالبية الشباب العربي لا عمل، لا وظائف، لا مستقبل، لا زوجة، لا أسرة.. أجيال متعاقبة تختلف في ثقافاتها مثلما تختلف في ابسط حقوقها، إعلام كاذب يزيف الحقائق ويحول المعاناة إلى أمل.
النص المكتوب يحتاج إلى إعادة «صياغة» وإعادة حوار.. فالصراخ والحركات البهلوانية لن تضحكنا مالم تكن موظفة بشكل أنيق فربما تظهر قبيحة ومشوهة.
السينوغرافيا التي لجأ إليها المخرج كانت متواضعة ومعبرة، قطع أثاث متناثرة تعكس واقع الشباب الذي تناثرت سنوات أعمارهم من دون أن يلملموها، الإضاءة كانت عدم.. وحتى الموسيقى وصوت فيروز الملائكي أزعجنا بشدة لأنه كان يطغى على أصوات الممثلين فتحول الحوار إلى مشاهد صامتة إمام الموسيقى التي ظلت «تزن» طوال العرض وأصمت آذاننا ولم توظف في مكانها الصحيح.
في النهاية تظل «الألفية» تجربة مسرحية شابة من سلطنة عمان ستنضج يوماً ما يقودها شباب يدور في عقولهم فكر يمثلهم ويحملون على ظهورهم ثقلا يؤرقهم، صرخوا بصوت عال، وتألموا من داخلهم لعل هناك من يسمع أصواتهم.