تركي اليوسف هو أحد الممثلين السعوديين الذين يملكون حضوراً فنياً مؤثراً في ذاكرة المشاهد المحلي والخليجي.
ورغم الهدوء الذي تتسم به ملامحه وطبيعته النفسية إلا أن ذلك ليس سوى نوع من الهدنة مع المتلقي الذي يصطدم مع شخصيته الدرامية الموغلة في الشر التي يتقنها اليوسف جيداً. وتأهيله الفني منذ سن مبكرة بمروره على مقاعد الدراسة في أحد المعاهد الفنية بدمشق، واحتكاكه بنجوم الدراما السورية في حوالي 17 عملا بدويا وتاريخيا في أواخر الثمانينات عوامل صقلت شيئا من موهبته التي عززها بالقراءة والاطلاع والمشاهدة والممارسة.
وقبل هذه المرحلة شارك في الفيلم السعودي الياباني المشترك عام 1986 وهو في عمر 18 عاماً، إضافة إلى تجربة عمله في الإذاعة رتبت حضوره على مستوى نبرات الصوت والتنفس والإحساس والتفاعل مع المحيط، وكان دخوله للإذاعة في مطلع التسعينات بتأثير والده المذيع المخضرم خالد اليوسف الذي كان يرى في ابنه خير خلف له إلى أن آمن لاحقاً بأن روح الممثل داخل الابن تركي تطغى على كل شيء، ويرى أن والده له تأثير ثقافي على شخصيته، وللعلم تركي اليوسف من جيل المذيعين سعود الدوسري ومحمد عابس في بداية التسعينات.
وأحد أسرار حضوره القوي الذي كان آخره في مسلسل «حياة ثانية» من بطولته هو والنجمة هدى حسين، أن اليوسف لديه قدرة عالية على الانتقاء، فيدرس الدور جيداً قبل تمثيله، وتكرر ذلك في أكثر من مسلسل، إضافة إلى التركيز العالي في تقمص الشخصية والانغماس في تفاصيلها وعدم التشتت والارتباط مع أكثر من منتج في نفس الوقت.
في حياة_ثانية نجحت شركة «الصبّاح بيكتشرز» في اختياره للدور وهذا الأمر يحسب لها، وكان كعادته في الموعد، واستطاع أن يضيف قيمة للعمل، وأن يثبت أن الدراما السعودية قادرة على تصدير أسماء مهمة، وأن الصورة النمطية للحضور الكوميدي للفنان السعودي في السنوات الأخيرة هي مجرد ظرف نمر به، وأن الجميع لا يزال تحت تأثير التجربة الثرية «طاش ما طاش».
وفي مسلسل «حياة ثانية» الذي قصرت الصحافة الفنية المحلية في تغطيته ونقده رغم الاحتفاء به خليجياً وفي مواقع التواصل الاجتماعي التي وصفت العمل بأنه من أهم الأعمال التراجيدية في العقد الأخير، تماهت فيه رؤية المخرج محمد القفاص مع فكرة وحبكة السيناريست السعودي علاء حمزة، وأداء النجمين تركي اليوسف وهدى حسين، والحضور المميز لبقية طاقم العمل، ويعيد الذاكرة للنجاح الأهم في مسيرته عبر مسلسل «دمعة عمر» من بطولته مع النجمة زينب العسكري عام 2003، وترك غصة كبيرة في حلوق المشاهدين وانطباعا مريرا لديهم لازال يتذكر البعض تفاصيله بشيء من الغيظ، وهو من أنجح الأعمال التراجيدية التي عرضت على شاشة التلفزيون السعودي في الفترة (2000-2010).
اليوسف يصور هذه الأيام مسلسل «ظل الحلم» في المنطقة الشرقية بالسعودية، وهو من إنتاج شركة الصدف، وسيناريو علاء حمزة، وإخراج عمر الديني، ومشاركة هيفاء حسين ومحمد الطويان ويامور ومجموعة من الفنانين، ويؤدي من خلاله شخصية نفسية معقدة، وهو العمل الدرامي رقم 45 لليوسف، يطمح من خلاله لتقديم تجربة تضاف إلى رصيده، ومواصلة الحضور بذكاء عبر أدوار مهمة يتم انتقاؤها بعناية.