
الفنان الراحل إسماعيل ياسين، يُعد أحد رواد فن «المونولوجست» في مصر منذ منتصف الثلاثينيات، وقد استطاع من خلال فنه أن يدخل البهجة على قلوب جمهوره ، عاش حياته بأكملها متخذاً الابتسامة وسيلة للحياة، يجعل الآخر يُقدم عليها بلا تفكير، ويصمم على انتزاعها رغم كل الظروف.
إسماعيل ياسين، كان لا يتمتع بالوسامة إلا أنه استطاع أن يجذب إليه الجماهير حتى أصبح نجماً لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير، فسعى المنتجين للتعاقد معه حيث بلغ عدد أفلامه 16 فيلماً في العام الواحد وهو ما لم يستطع أن يحققه أي فنان آخر، كما كان البطل الوحيد الذي تقترن الأفلام باسمه.
أسطورة الكوميديا في السينما المصرية بدأ حياته بمأساة كبيرة بعدما توفي والده مفلسا لسوء تدبير إدارة محل الصاغة الخاص به، ليجد الشاب الصغير نفسه في الشارع يعمل مناديا أمام إحدى محلات الأقمشة.
البداية
ولد “إسماعيل ياسين على نخلة” يوم 15 سبتمبر عام 1912م في محافظة السويس لأب صائغ ميسور الحال في شارع عباس، إلا أن وفاه والدته وهو لا يزال طفلاً صغيراً وإفلاس والده لسوء إنفاقه ودخوله السجن بعد أن تراكمت عليه الديون جعله يقضي طفولة بائسة حيث اضطر للعمل منادياً أمام محل لبيع الأقمشة لتحمل مسئولية نفسه خاصةً بعد أن هجر منزل والده خوفاً من بطش زوجة أبيه.كان “إسماعيل ياسين” منذ صغره يعشق أغنيات الموسيقار “محمد عبد الوهاب” ويحلم أن يكون مطرباً منافسا له، وعندما بلغ عامه السابع عشر اتجه إلى القاهرة وعمل صبياً في أحد المقاهي بشارع محمد على وأقام بالفنادق الصغيرة الشعبية، ثم التحق بالعمل مع أشهر راقصات الأفراح الشعبية في ذلك الوقت، ولكنه لم يجد ما يكفيه من المال فتركها وعمل وكيلاً في مكتب أحد المحامين بحثاً عن لقمة العيش.
الاكتشاف
دخل إسماعيل ياسين المجال الفني <>محترفا>> بواسطة المؤلف الكبير أبو السعود الإبياري، الذي رشحه أن يكون <>مونولوجست>>، يقف وحيدا على المسرح يقدم حوارا كوميديا، وعمل ياسين هكذا في الملهى الليلي الأشهر وقتها، ملهى بديعة مصابني.
تألق الفنان “إسماعيل ياسين” في فن المونولوج وظل عشر سنوات (1935- 1945) متألقاً في هذا المجال حتى أصبح يلقى المونولوج في الإذاعة، كما اقتحم عالم التمثيل عام 1939م عندما اختاره “فؤاد الجزايرلى” للمشاركة في فيلم “خلف الحبايب”، ثم قدم مجموعة من الأفلام التي لعب فيها الدور الثاني من أشهرها “علي بابا والأربعين حرامي” و”نور الدين والبحارة الثلاثة” و”القلب له واحد”.
أعقب ذلك دخول إسماعيل ياسين عالم السينما، بعدما نجح في لفت انتباه الفنان الراحل أنور وجدي، ليحصل على البطولة المطلقة للمرة الأولى عام 1949، ليبدأ بعدها رحلة طويلة في العمل الثنائي، وقد أثرى السينما المصرية بالعديد من الأعمال المميزة التي مازال الجميع يشاهدها حتى الآن.
أسس إسماعيل ياسين فرقة مسرحية حملت اسمه، بالتعاون مع رفيقه أبو السعود الإبياري، وعملت فرقته في الفترة بين عامي 1954 و 1966، وقدم خلال تلك الفترة 60 عملاً مسرحيا جذبت العديد لمشاهدتها، وانتزع الضحكة من الجمهور بأسلوبه البسيط الذي يلمس القلوب، وتلقائيته التي لفتت الانتباه.
سلسلة أفلام
الراحل إسماعيل ياسين قام ببطولة عشرات الأفلام الرائعة، ولكن الجمهور يعرفه جيدا بتلك الأفلام التي حملت اسمها، ومن أشهرها، إسماعيل ياسين في البوليس الحربي، إسماعيل ياسين في الطيران، إسماعيل ياسين في متحف الشمع، إسماعيل ياسين في البحرية، إسماعيل ياسين في مستشفى المجانين، إسماعيل ياسين في الجيش، إسماعيل ياسين طرزان.
أزمة مع الملك
في عام 1950، طلب الملك فاروق من أحد رجاله دعوة إسماعيل ياسين إلى الاستراحة الملكية للترفيه عنه، بحسب ما ذكره المؤرخ الفني محمد فتحي، وحضر ياسين وحدثه الملك قائلا: <>يالا يا إسماعيل سمعنا نكتة جديدة>>، وارتبك ياسين قبل أن يقول: <>مرة واحد مجنون زي جلالتك كده>>، ليصرخ الملك قائلا: <>إنت بتقول إيه يا يا مجنون>>؟ ليدرك الراحل الموقف ويسقط متظاهرا بالإغماء، وغادر الملك غاضبا قبل أن يظل البعض من حراسته حول إسماعيل ياسين انتظارا لتنفيذ العقاب الذي يأمر به الملك، وليخرج ياسين من هذا الموقف، حضر طبيبه الخاص الذي أخبرهم بأن ياسين تصيبه حالة من ضعف الذاكرة ودم الإدراك، ليأمر الملك بوضعه لفترة بمستشفى الأمراض العصبية والنفسية.
علاقته بالنجوم وموقف مع أم كلثوم
عُرف عن إسماعيل ياسين علاقته الجيدة بنجوم الفن في تلك الحقبة، وله موقف شهير مع الراحلة أم كلثوم، التي قابلته عن طريق الصدفة بالإسكندرية داخل إحدى الصيدليات، وكان ياسين يقف بجوار الميزان الآلي، لتسأله أم كلثوم عن وزنه، وأجاب قائلا: «زي الفل 78 كيلو فقط»، لتندهش أم كلثوم قائلة: «مش معقول، لازم تتوزن تاني، أكيد اتوزنت من غير بقك»، في إشارة لكبر حجم فمه، وقابل ياسين سخرية كوكب الشرق بسخرية مماثلة، وأصر على أن تزن نفسها هي الأخرى، وعندما رفضت أخبرها قائلا: «أكيد سيبتي صوتك في القاهرة وخايفة تتوزني من غيره».
3 زوجات وابن وحيد
تزوج إسماعيل ياسين 3 مرات، وعلى الرغم من ذلك لم ينجب إلا ابنا واحدا هو المخرج الراحل ياسين إسماعيل ياسين، وذلك من زوجته الأخيرة فوزية، وقد عمل نجله مخرجا للعديد من السنوات، قبل أن يرحل في عام 2008.
وفاة بائسة
تعرض إسماعيل ياسين للعديد من الأزمات المادية قبل أن يعلن إفلاسه ويذهب إلى لبنان وحيدا ليعمل هناك بالمنولوج، الذي بدأ به حياته، وعاد ياسين من جديد لمصر بعد أن أرهقه مرض <>النقرس>>، وطالبته الضرائب بدفع متأخرات أرباحه وحجزت على منزله الوحيد الذي تبقى من ممتلكاته، حتى توفي وحيدا بائسا في 24 مايو 1972.