حياة النجوم مليئة بالنوادر والمواقف الغريبة والطريفة والمثيرة في كثير من الأحيان والتي قد تنتزع منك الابتسامة في الوقت الذي أصبحت فيه الابتسامة تنتزع ولا تكتسب،فمَن منا لا يضحك من قلبه عندما يشاهده ولا يتذكر له فيلمًا أو مشهدا أو حتى مقولة في أحد أفلامه، انه أسطورة الكوميديا التي لا تُنسى، وكما قال عن نفسه أنا البسمة التي لن تنتهي، ولو بعد الرحيل الى قرافة المجاورين. معا نحاول أن نتذكر نوادر سمعة:
حياته
ولد في محافظة السويس وانتقل الى القاهرة، في بدايات الثلاثينيات لكي يبحث عن مشواره الفني كمطرب، الا أن شكله وخفة ظله حجبا عنه النجاح في الغناء، وقد امتلك اسماعيل الصفات التي جعلت منه نجما من نجوم الاستعراض حيث انه مطرب ومونولوجست وممثل، وظل أحد رواد هذا الفن على امتداد عشر سنوات من عام 1935 - 1945 ثم عمل بالسينما وأنتجت لهما أفلام بأسمائهما بعد ليلى مراد، ومن هذه الأفلام اسماعيل ياسين في متحف الشمع - اسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة - اسماعيل ياسين في الجيش -اسماعيل ياسين بوليس حربي فيلم – اسماعيل ياسين في الطيران – اسماعيل ياسين في البحرية – اسماعيل ياسين في مستشفي المجانين..الخ.
بدايته
ولد اسماعيل ياسين في 15 سبتمبر عام 1912 م، وهو الابن الوحيد لصائغ ميسور الحال في شارع عباس بمدينة السويس، وتوفيت والدته وهو لا يزال طفلا يافعاً.
التحق اسماعيل بأحد الكتاتيب، ثم تابع في مدرسة ابتدائية حتى الصف الرابع الابتدائي. عندما أفلس محل الصاغة الخاص بوالده نتيجة لسوء انفاقه ثم دخل والده السجن لتراكم الديون عليه، اضطر الفتى للعمل مناديا أمام محل لبيع الأقمشة، فقد كان عليه أن يتحمل مسئولية نفسه منذ صغره. ثم اضطر الى هجر المنزل خوفا من بطش زوجة أبيه ليعمل مناديا للسيارات بأحد المواقف بالسويس.
كان اسماعيل ياسين يعشق أغنيات الموسيقار محمد عبد الوهاب ويرددها منذ نعومة أظافره، ويحلم بأن يكون مطربا منافسا له.
عندما بلغ من العمر 17 عاما اتجه الى القاهرة في بداية الثلاثينات حيث عمل صبيا في أحد المقاهي بشارع محمد علي وأقام بالفنادق الصغيرة الشعبية. ثم التحق بالعمل مع الأسطى «نوسة»، والتي كانت أشهر راقصات الأفراح الشعبية في ذلك الوقت. ولأنه لم يجد ما يكفيه من المال تركها ليعمل وكيلا في مكتب أحد المحامين للبحث عن لقمة العيش أولا.
ثم عاد يفكر مرة ثانية في تحقيق حلمه الفني فذهب الى بديعة مصابني، بعد أن اكتشفه توأمه الفني وصديق عمره وشريك رحلة كفاحه الفنية المؤلف الكوميدي الكبير أبو السعود الابياري والذي كون معه ثنائياً فنياً شهيراً وكان شريكاً له في ملهى بديعة مصابني ثم في السينما والمسرح، وهو الذي رشحه لبديعة مصابني لتقوم بتعيينه بفرقتها وبالفعل انضم الى فرقتها ليلقي المونولوجات في ملهى بديعة مصابني.
استطاع اسماعيل يس أن ينجح في فن المونولوج، وظل عشر سنوات من عام 1935- 1945 متألقا في هذا المجال حتى أصبح يلقي المونولوج في الاذاعة نظير أربعة جنيهات عن المونولوج الواحد شاملا أجر التأليف والتلحين، والذي كان يقوم بتأليفه دائماً توأمه الفني أبو السعود الابياري.
السينما
وفي عام 1939 كان بداية دخوله السينما، عندما اختاره فؤاد الجزايرلي ليشترك في فيلم خلف الحبايب. وقدم العديد من الأفلام لعب فيها الدور الثاني من أشهرها في تلك الفترة علىبابا والأربعين حرامي ونور الدين والبحارة الثلاثة والقلب له واحد. وقد قدم اسماعيل ياسين أكثر من 166 فيلم في حياته.
البطولة المطلقة
في عام 1944 جذبت موهبة اسماعيل ياسين انتباه أنور وجدي فاستعان به في معظم أفلامه، ثم أنتج له عام 1949 أول بطولة مطلقة في فيلم الناصح أمام الوجه الجديد ماجدة.
استطاع ياسين أن يكون نجما لشباك التذاكر تتهافت عليه الجماهير، وكانت أعوام 52 و53 و54 عصره الذهبي، حيث مثل 16 فيلما في العام الواحد، وهو رقم لم يستطع أن يحققه أي فنان آخر.
وعلى الرغم من أن اسماعيل ياسين لم يكن يتمتع بالوسامة والجمال، وهي الصفات المعتادة في نجوم الشباك في ذلك الوقت، فانه استطاع أن يجذب اليه الجماهير عندما كان يسخر من شكله وكبر فمـه في معظم أعماله. وهكذا استطاع أن يقفز للصفوف الأولى وأن يحجز مكانا بارزا، مما دفع المنتجين الى التعاقد معه على أفلام جديدة ليصبح البطل الوحيد الذي تقترن الأفلام باسمه حتى وصل للقمة.
وفي عام 1954 ساهم في صياغة تاريخ المسرح الكوميدي المصري وكون فرقة تحمل اسمه بشراكة توأمه الفني وشريك مشواره الفني المؤلف الكبير أبو السعود الابياري، وظلت هذه الفرقة تعمل على مدى 12 عاما حتى 1966 قدم خلالها ما يزيد على 50 مسرحية بشكل شبه يومي من تأليف أبو السعود الابياري حسن عبده.
سلسلة أفلام باسمه
بداية من عام 1955 كون هو وتوأمه الفني أبو السعود الابياري مع المخرج فطين عبد الوهاب ثلاثياً من أهم الثلاثيات في تاريخ السينما المصرية وتاريخ اسماعيل ياسين وأبو السعود الابياري أيضاً فقد عملوا معاً في أفلام عديدة.
و يذكر أن 30 في المئة من الأفلام التي قدمها نجم الكوميديا كان وراءها المخرج فطين عبد الوهاب، وكانت تحمل أغلبها اسم اسماعيل ياسين، حيث انتجت له الأفلام باسمه بعد ليلى مراد، ومن هذه الأفلام اسماعيل ياسين في متحف الشمع - اسماعيل ياسين يقابل ريا وسكينة - اسماعيل ياسين في الجيش - اسماعيل ياسين في البوليس – اسماعيل ياسين في الطيران – اسماعيل ياسين في البحرية – اسماعيل ياسين في مستشفي المجانين – اسماعيل ياسين طرزان - اسماعيل ياسين للبيع، والتي كان معظمها من تأليف أبو السعود الابياري.
ولازمه في هذه الأفلام الممثل رياض القصبجي الشهير بالشاويش عطية، حيث كانت مشاهدهما – ولا تزال الى الآن - محطة هامة في تاريخ الكوميديا والتي يستمتع بها الجمهور حتى الآن بسبب المفارقات العجيبة والمواقف الطبيعية والمقالب التي يدبراها لبعضهما البعض كما شاركهما التمثيل في بعض هذه الافلام عبد السلام النابلسي.
ثنائيات
التقت شاديه باسماعيل ياسين في حوالى 23 فيلما ما بين عامي 1949 و1954 بمعدل لا يقل عن 3 أفلام في العام الواحد. وكان أول لقاء بينهما في فيلم كلام الناس ثم التقيا مره أخرى في فيلم صاحبه الملاليم وكان لنجاحهما معا أكبر الأثر مما جعل المنتجين والمخرجين يجمعون بينهما. فكان لاسماعيل ياسين دورا بارزا في أفلام شاديه حتى ولو لم يكن هو البطل الرئيسي للفيلم.
ومن الأفلام التي جمعتهم في الهوا سوا وحماتي قنبلة ذريه ومغامرات اسماعيل يس والظلم حرام والحقونى بالمأذون ويعتبر فيلم الستات ما يعرفوش يكدبوا آخر فيلم جمع بينهما عام 1954 بالاشتراك مع شكري سرحان وزينات صدقي.
مثل اسماعيل يس مع الكثير من الممثلين والمطربين فقد قضى مدة طويلة في دور الرجل الثاني أو مساند البطل حتى واتته الفرصه فأصبح بطلاً وقام ببطولة الكثير من الأفلام التي تبدأ باسمه وقد شاركه في أكثر هذه الأفلام أصدقاء عمره رياض القصبجي، زينات صدقي، حسن فايق، عبد الفتاح القصري، عبد السلام النابلسي.
أهم المشاهد
ولاسماعيل يس مشاهد لا تنسى سواء في أفلام قام ببطولتها أو قدم الدور الثاني منها فيلم الآنسة ماما لحلمي رفلة 1950 قدم مع محمد فوزي وصباح نموذجا بديعا لفن «البيرلسك» أو المحاكاة الكاريكاتورية الساخرة لمشاهد شهيرة، وكان هذا في الاسكتش عنوانه «أبطال الغرام» ويتضمن ثلاثة مواقف «كلاسيكية» «قيس وليلى»، «انطونيو وكليوباترا»، «روميو وجولييت».
وفي دهب الذي أخرجه أنور وجدي عام 1953، قدم اسماعيل ياسين مشهدا صامتا من فن البانتوميم، عندما يندمج في أكل «المعكرونة» الوهمية، وشرب الشوربة التي لا وجود لها. وفي الفيلم نفسه قدم مع الطفلة فيروز عدة استعراضات غنائية تضاف الى الثروة الهائلة التي خلفها، في هذا المجال.
فيلم الآنسة حنفي لفطين عبدالوهاب 1954 الذي يكتسب قيمة فريدة سواء بكشفه عن سلبيات الرجل «الشرقي» المصر على حقه في الهيمنة على المرأة أو بكشفه عن اصرار المرأة على انتزاع حقوقها وبلمسات اسماعيل ياسين الساحرة وبأدائه «الكاريكاتوري» خصوصا في مشاهد الحمل والولادة، ما زال الفيلم قادرا على اثارة الضحك حتى الآن.
المسرح
وقد استعان اسماعيل ياسين وشريكه أبو السعود الابياري بعدد كبير من المخرجين المرموقين في اخراج مسرحياتهم منهم: السيد بدير، محمد توفيق، عبد المنعم مدبولي، نور الدمرداش. كما عمل في مسرح اسماعيل ياسين نخبة كبيرة من كبار النجوم أمثال: عبد الوارث عسر، شكري سرحان، سناء جميل، تحية كاريوكا وغيرهم.
وقد قدم للمسرح 60 مسرحية سجلت جميعها للتليفزيون ولكن أحد الموظفين بالتليفزيون المصري أخطأ وقام بمسحها جميعا، الا فصلين من مسرحية «كل الرجالة كده» وفصل واحد من مسرحية أخرى، وان كان من يرى أن ذلك المسح تم بشكل متعمد.
النهاية
رغم هذا النجاح الساحق الذي حققه اسماعيل ياسين، خصوصاً فترة الخمسينيات، لكن مسيرته الفنية تعثرت في العقد الأخير من حياته
فقد شهد عام 1961 انحسار الأضواء عن اسماعيل يس تدريجيا؛ فبعد أن كان يقدم أكثر من عشرة أفلام في العام الواحد قدم فلمين فقط هما زوج بالايجار والترجمان وفي العام الذي يليه قدم ملك البترول والفرسان الثلاثة وانسى الدنيا ثم في الفترة من 1963 الى 1965 لم يقدم سوي فلمين هما المجانين في نعيم والعقل والمال.
ويقال ان انحسار الأضواء عنه يرجع الى: مرض أصابه fالقلب وابتعاده عن الساحة الفنية في مرحلة تحول على الساحة الفنية وايضا تدخل الدولة في الانتاج الفني في فترة الستينيات وانشاء مسرح التليفزيون واعتماده شبه الكلي على صديق عمره أبو السعود الابياري في تأليف جميع أعماله مما جعله يكرر نفسه في السينما والمسرح على سبيل المثال فيلم المليونير وزوج بالايجار وايضا ابتعاده عن تقديم المونولوج في اعماله الأخيرة والذي كان يجذب الجمهور الى فنه, ولانه لم يكن من المقربين من المسؤولين في الحكومة، فقد فوجئ بتراكم الضرائب عليه وأصبح بين عشية وضحاها مطاردا بالديون وحجز علىالعمارة التي بناها بكفاح عمرة لتباع امام عينه ويخرج من رحلة كفاحه الطويلة خالي الوفاض فاضطر الى حل فرقته المسرحية عام 1966 ثم سافر الى لبنان وعمل في بعض الأفلام القصيرة منها فرسان الغرام، وكرم الهوى، ولقاء الغرباء، وعصابة النساء وعمل مرة أخرى كمطرب للمنولوج كما بدا ثم عاد الى مصر محطما كسيرا وعمل في أدوار صغيرة لا تتناسب مع تاريخه الحافل ولم يرحمه أحد أو يقدره أحد، وبدون مقدمات. وبينما كان الرئيس السادات يفكر في تكريم هذه القيمة الفنية غير المسبوقة في تاريخ الفن المصري الشريف فقد وافت نجمنا المنية في 24 مايو 1972 اثر أزمة قلبية حادة قبل أن يستكمل تمثيل دوره الأخير والصغير في فيلم بطولة نور الشريف ولذلك كان يسمى بالمضحك الحزين فرغم أن أكثر افلامه كوميدية ومضحكة الا أنه كان يعيش حزينا وخاصة آخر ايام عمره.