د. بركات عوض الهديبان
انطلاقا من «مسؤولية وأمانة الحكم»، ومن يقينه بأنه تولى هذا الحكم «تكليفا لا تشريفا»، كما ذكر صاحب السمو أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد، في خطابه الأول، عقب أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة، أميرا للكويت، فقد اختار سموه أن يصارح أبناء شعبه، بكل الحقائق، وأن يبصرهم جميعا بعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه، وأهمية أن يدركوا حجم المخاطر والتحديات التي تواجه الكويت، والواجبات المنوطة بكل واحد منهم، حسب موقعه والمهام المكلف بها.
من هنا جاءت دعوة سموه إلى «ضرورة مراجعة واقعنا الحالي من كل جوانبه، خصوصا الجوانب الأمنية والاقتصادية والمعيشية، وأن نتحاور وأن نتبادل الرأي والمشورة والنصيحة». وهي رؤية حكيمة ودقيقة تستشرف المستقبل المنشود والمأمول، لهذا البلد الذي يستحق بجدارة، أن يكون في مصاف الدول المتقدمة، وأن يستعيد دوره الرائد، كقاطرة للتنمية والازدهار في المنطقة، توازيا مع دوره الريادي المشهود له به، في مجال الديمقراطية والحريات واحترام حقوق الإنسان.
وبالقدر نفسه من الأهمية، ينبغي النظر إلى دعوة صاحب السمو الأمير، بأن «نسعى جميعا لإشاعة أجواء التفاؤل وبث روح الأمل، لتحقيق الطموح المنشود». ذلك أنه في مواجهة المخاطر والتحديات، يجب ألا تستسلم الأمم والشعوب، لدعوات الإحباط والتيئيس، التي يشيعها البعض، حتى لا يضرب جسدها الوَهَن، أو ينال من عزيمتها الفتور، ولكي تحتفظ بروحها قوية وثابة، وقادرة على صناعة الحاضر الزاهر، والغد المشرق.
ولا يمكن لنا أن نغفل أيضا، عن توجيه سموه بالغ الأهمية للسلطتين التشريعية والتنفيذية، بأن تضعا نصب أعينهما دائما، مصالح الوطن والمواطنين، وأن يكون ذلك هو ميزانهما الدقيق والوحيد، في كل ما يشرعانه، أو يتخذانه من قرارات، بحيث لا يتم تمرير أي قانون أو قرار، على حساب المصلحة الوطنية للعليا للكويت، وحماية أمنها واستقرارها، مستذكرا سموه في هذا الصدد «ما تركه لنا الأباء والأجداد من أمانة الحفاظ على الوطن، ومنفذا وصية حكامنا السابقين طيب الله ثراهم، بأن الكويت هي البقاء والوجود، وأن أعمارنا إنما هي في أعمالنا».
إن الشعب الكويتي الذي عرف صاحب السمو الأمير جيدا، وخبره في مواقع مختلفة ومهمة من مواقع صنع القرار، وأدرك جيدا أنه كان السند والعضيد، لأخيه سمو أمير البلاد الراحل، الشيخ نواف الأحمد، طيب الله ثراه، وجعل الجنة مثواه، خلال سنوات حكمه الثلاث، لعلى يقين من أن الأمير السابع عشر للكويت سمو الشيخ مشعل الأحمد، هو – كما وُصف بحق – «أمير تصحيح المسار»، وهو الحاكم الذي ينظر إلى الحكم كأمانة ومسؤولية، لا كوجاهة ومنزلة، وهو الذي يقول عن واجبات الحكم: «إنه يتوجب علينا كقيادة سياسية، أن نكون قريبين من الجميع، نسمع ونرى ونتابع كل ما يحدث من مجريات الأمور والأحداث، مؤكدين على أهمية المتابعة والمراقبة المسؤولة والمساءلة الموضوعية والمحاسبة الجادة، في إطار الدستور والقانون عن الإهمال والتقصير، والعبث بمصالح الوطن والمواطنين».
وكم كان لافتا ورائعا أيضا، أن يعلن سموه في خطابه، أنه يعاهد الله سبحانه وتعالى، ثم يعاهد الشعب الكويتي الوفي، بأن يكون «المواطن المخلص لوطنه، وشعبه الحريص على رعاية مصالح البلاد والعباد، المحافظ على الوحدة الوطنية، الساعي إلى رفعة الوطن وتقدمه وازدهاره، المتمسك بالدين الحنيف والثوابت الوطنية والدستورية الراسخة، حاملا لواء احترام القانون وتطبيقه المحارب لكافة صور الفساد وأشكاله».. فكل ذلك يجعل الشعب الكويتي مستبشرا بأنه أمام «عهد جديد»، يسود فيه احترام القانون، وترتفع خلاله راية العدل، وتنطلق معه في كل أنحاء البلاد، عجلة التنمية والبناء والازدهار، في رحاب وطن آمن مستقر، تحوطه عناية الله، وتحرسه أعين أمينة ساهرة على أمنه وأمانه، وتسوسه قيادة مباركة ، يساندها شعب تعاهد طوال تاريخ الكويت، على البروالوفاء، لأسرة الحكم، وامتزج بها ومعها، حتى بات حاكمها يتعهد بأن يكون «المواطن المخلص لوطنه».
وآخر دعوانا أن يوفق الله أميرنا وقائد مسيرتنا، إلى ما يحبه ويرضاه، وأن يسدد على طريق الخير خطاه.