د. بركات عوض الهديبان
قيل لعمر بن عبد العزيز يوماً : يا أمير المؤمنين... إن الناس قد تمردت وساءت أخلاقها ، ولا يقوّمها إلا السوط . فأجاب رضي الله عنه : «كذبتم.. إنما يقومها العدل والحق» .
والعدل والحق هما غاية أي حكم رشيد ، وقد كانا دائما نصب أعين حكام الكويت ، الذين ساسوا رعيتهم بالحكمة والرحمة ، وسعوا لترسيخ أواصر المودة مع شعبهم ، حتى أصبحت العلاقة بين الحاكم والمحكوم في بلادنا ، مضرب الأمثال ، ومصدر فخر وعز لنا .
وقد كان اختيار سمو الشيخ صباح الخالد رئيس مجلس الوزراء ، لأنس الصالح كي يشغل منصب وزير الداخلية ، اختيارا أمينا ، وقرارا مسددا . حيث أثبت الصالح خلال فترة شغله لهذه الحقيبة، أنه أهل لهذه المهمة الكبيرة ، رغم أن توليه المنصب جاء في واحدة من أعقد المراحل التاريخية التي مرت بها الكويت ، وأكثرها دقة وحساسية .. فمن ناحية تواجه الكويت تداعيات جائحة «كورونا»، كما يواجهها العالم كله ، وما تطلبه ذلك من فرض حظر جزئي أحيانا ، وكامل أحيانا أخرى، وما رافق ذلك أيضا من ترحيل لأعداد كبيرة من الوافدين المخالفين للإقامة ، وضرورة تطبيق الإجراءات والتدابير الاحترازية بحذافيرها . فضلا عما يحيط بالمنطقة كلها من توترات وقلاقل وظروف كثيرة تقود إلى عدم الاستقرار .
وانطلاقا من الثقة التي أولاه إياها صاحب السمو أمير البلاد ، وسمو نائب الأمير ، وسمو رئيس الوزراء ، فقد تمكن الوزير الصالح من إعادة ترتيب بيت «الداخلية» ، واتخذ عددا من القرارات والإجراءات التي نجحت في استعادة الهيبة التي اهتزت قليلا، نتيجة ممارسات خاطئة وتجاوزات لعدد محدود جدا من منتسبي الوزارة . وكان عند حسن ظن قيادته وشعبه به ، حين حرص على أن يجمع من حوله أصحاب الخبرة والكفاءة والقدرة، من خلال تعيين بعضهم في مناصب مهمة ، أو ترشيح أسمائهم وتزكيتهم لدى القيادة السياسية ، لشغل المناصب العليا والرفيعة في الوزارة .
كل ذلك جاء معززا ومسنودا بما حرص سمو نائب الأمیر ولي العهد الشیخ نواف الأحمد ، على تأكيده وتكراره في أكثر من مناسبة ، بشأن «أهمیة تطبیق القانون على الجمیع ، بمنتهى الحزم والشفافیة» ، وتوجيهه الدائم لكل القيادات أنه لا حصانة لفاسد ، ولا تهاون في مكافحة الفساد .
من هذا الباب جاءت تزكية اللواء الشيخ سالم نواف الأحمد ، لشغل منصب رئيس جهاز أمن الدولة ، وتعيين اللواء المتقاعد جاسم الكندري مستشارا لهذا الجهاز . ويعرف الجميع ما لدى اللواء سالم النواف من كفاءة وخبرة اكتسبهما من خلال عمله الطويل ، في جهاز أمن الدولة ، ولذلك صادف ترشيحه ارتياحا كبيرا لدى جميع المواطنين . كما أن اللواء جاسم الكندري كان مديرا عاما سابقا لجهاز أمن الدولة ، وعرف طوال مسيرته المهنية بالكفاءة والتجرد والنزاهة ، والإخلاص الشديد في عمله .
يدرك الكويتيون إذن إنهم أمام إرادة حقيقية للإصلاح ، ورغبة جادة في محاربة الفساد ، وإصرار على تطبيق القانون على الجميع ، دون أدنى تمييز بين كبير أو صغير ، وسعي فعلي لتكريس العدالة ، والمساواة بين جميع المواطنين في الحقوق والواجبات. ويدركون أيضا أنهم بإزاء رجال مخلصين ، أتى اختيارهم لمواقعهم عن حنكة ودراية ، همهم الأول والأساسي هو حفظ الأمن والاستقرار لهذا الوطن ، وحماية مواطنيه من كل ما يمكن أن يشكل مساسا بأمنهم أو بحرياتهم وحقوقهم وخصوصياتهم .
يدرك الكويتيون تماما أن أمنهم وأمانهم بأيدٍ أمينة، وأن الثقة التي وضعت في هؤلاء الرجال كانت في محلها ، وأن وزير الداخلية أنس الصالح الذي حورب واستُهدِف ، لم يهتز ولم يحد عن خطه الذي رسمته له القيادة السياسية ، وسار عليه والتزم به بكل تجرد وأمانة ، ليثبت للجميع أنه الرجل المناسب في المكان المناسب ، وأنه أمين على المهمة التي أنيطت به، وقادر على الوفاء بتبعاتها ، بكل ما يملك من كفاءة وخبرة في العمل السياسي والتنفيذي ، وإخلاص لقيادته ، ولشعبه العظيم.