د. بركات عوض الهديبان
في كل يوم يتأكد للكويتيين ، أنهم - ودون أدنى مبالغة – الشعب الأكثر ارتباطا وتماسكا ، وأن نسيجهم المجتمعي هو الأشد قوة ومتانة ، وأن وحدتهم الوطنية قادرة دوما على أن تذيب أي خلافات قد تنشأ بينهم ، وتزيح أي عراقيل يمكن أن تعوق طريقهم .
ولا شك أن مما ساعد على ذلك ، وجعله من أهم الثوابت في مجتمعنا ، العلاقة الوثيقة والمتجذرة بين الشعب الكويتي وأسرته الحاكمة ، وهي علاقة تزداد رسوخا مع مرور الزمن، وتعبر عن نفسها في تجليات عديدة ، لعل من بينها وأبرزها ذلك الجهد الكبير الذي يبذله الشيخ علي جابر الأحمد ، والذي استطاع على مدى 27 عاما متصلة ، أن يقدم صورة رائعة للتواصل الحميم بين كل مكونات المجتمع الكويتي بشكل عام ، وللتواصل بين أبناء أسرة الصباح ، وسائر المواطنين .
والرائع في الأمر أن اللقاءات التي يقيمها الشيخ علي الجابر، في مزرعته «عزايز» بمنطقة العبدلي ، تأتي بشكل عفوي وتلقائي، دون تصنع أو تكلف ، و من دون أن تصاحبها دعاية كبيرة أو تكثيف الأضواء الإعلامية عليها ، لأن المستهدف منها أسمى من ذلك وأكبر ، وهو أن تعطي رسالة مؤداها أن الكويت «أسرة واحدة»، وإن تعدد أفرادها وتنوعت أطيافهم ، فقبلتهم الوطنية واحدة ، وغايتهم لا تتعدد أو تختلف . ولعل بدء تلك اللقاءات باللقاء الذي يجمع بين صاحب السمو الأمير ، وسائر أبناء أسرة الصباح ، يمثل تتويجا لهذا المعنى ، وتكريسا لكل ما جبلت عليه الكويت ، من قيم وتقاليد احترام الكبير ، والرحمة والعطف على الصغير , فضلا عن التأكيد على أن ديمقراطية هذا البلد ، لا تنبع فقط من كونه يمتلك برلمانا قويا ، وإنما أيضا استنادا إلى أن هذه الديمقراطية راسخة الجذور فيه ، وأن دواوينه هي أحد تجليات تلك الديمقراطية ، التي تميز مجتمنا عن أي مجتمع آخر في المنطقة . وفي اعتقادنا أن أي شخص يرتاد دواوين أهل الكويت ، حتى لو كان من دولة أخرى ، سيلحظ مدى الفاعلية والحيوية اللتين تميزان هذه الدواوين ، وسيدرك أنها التربة الصالحة التي تنبت فيها بذور الديمقراطية الحقيقية ، لتطرح ثمارها وأزهارها في كل مؤسسات الدولة .
وعندما نرى لقاءات «عزايز» تجمع كل أهل الكويت ، سواء من أبناء الأسرة الحاكمة ، أو ممثلي ديوانياتها ، وكذلك رجال الأعمال وغيرهم ، فضلا عن أعضاء السلك الدبلوماسي للدول الشقيقة والصديقة في البلاد ، والذين يحرصون بدورهم على الإشادة بهذه اللقاءات الفريدة ، والبعيدة عن أجواء وقواعد البروتوكول الرسمية ، فإننا بإزاء عمل كبير ، يحمل صاحبه رسالة مهمة يحرص على توصيلها في كل عام ، بمنتهى الأمانة والدقة والموضوعية .
أخيرا فإن «عزايز» باتت بعد هذه التجربة الطويلة ، ركنا أصيلا من أركان الوحدة الوطنية ، والتماسك المجتمعي ، ومناسبة رائعة لتذكيرنا بالمعنى القرآني العظيم ، عن أمة الإسلام والقائل « وألّف بين قلوبهم ، لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ، ولكن الله ألّف بينهم» .
دامت الكويت عزيزة شامخة ، بشعبها وقيادتها ، وأسرتها الحاكمة ، أسرة الخير والمحبة والوفاء .