د. بركات عوض الهديبان
ونحن نودع العام 2019 ، يجدر بنا أن نتوقف عند محطات مهمة وبارزة فيه ، لنرى من خلالها بوضوح ملامح من الدور الوطني والعربي والإسلامي والإنساني ، الذي يقوم به سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد ، والذي يزكيه بجدارة لأن يكون «شخصية العام» ، ويجعله أحق بالفعل بالتقدير العالمي والأممي الكبير الذي ناله سموه ، والذي مازلنا نطمح إلى المزيد منه ، ونرى استحقاق سموه لجائزة «نوبل للسلام» ، على سبيل المثال ، أمرا لا يكاد يختلف عليه اثنان ، ولا ينازع فيه أحد ، ونتمنى أن تأخذ مبادرة ترشيح سموه لها ، جهة أكاديمية كويتية أو عربية ، لأن ما يقوم به سموه يستحق أن يتوج بهذه الجائزة ، بل إن نيله إياها هو تشريف لها وإعلاء لمكانتها .
والمتأمل لما يجري في منطقتنا ، يدرك بوضوح أنه لولا حكمة صاحب السمو الأمير ، وجهوده الدبلوماسية الرائعة والموفقة ، لسمعنا قعقعة السلاح في هذه المنطقة الخليجية ، ولنال دولها - معاذ الله – من الخراب والدمار ، ما نال غيرها من المناطق ، ولما استطاع أحد بعدها أن يلجم زمام الحروب والفتن والصراعات ، التي أطلت بقرونها بالفعل غير مرة ، لكن سموه كان حاضرا في كل مرة ، يمد يده بالخير، ويسعى سعيه الذي يفيض بالسلام والإنسانية ، ليعيد الأمور إلى نصابها الصحيح ، وليقمع نزعات السوء والشر ، ويعلي قيم الصلاح والخير . ولأن الله سبحانه يعلم صدق نيته ، وصلاح مقصده ، فقد كان سبحانه يكتب له التوفيق والسداد ، ويفتح به أبوابا للخير ، ويغلق به أبوابا للشر .
وحين تغرب شمس اليوم الأخير من هذا العام غدا الثلاثاء ، فإننا نستعيد أياما وأوقاتا رأينا فيها الأزمة الخليجية وقد استحكمت واستغلقت ، وظن الجميع أن الأمور ستمضي إلى الأسوأ ، لكن مساعي صاحب السمو الأمير حققت نجاحات باهرة ، على أكثر من صعيد ، فقد تمكن سموه من إقناع جميع دول مجلس التعاون بالمشاركة في بطولة «خليجي 24» التي استضافتها دولة قطر .. وكانت البطولة فرصة لتلاقي الرياضيين والجماهير من كل الدول الشقيقة ، ليدرك الجميع معنى أننا إخوة متحابون مترابطون ، وأن ما يجمع بيننا أكثر مما يفرقنا .
ثم كان النجاح الأكبر والأهم عندما أسهمت مساعي الكويت الدبلوماسية ، بقيادة صاحب السمو ، في لم الشمل الخليجي مجددا ، عبر مشاركة كل دول مجلس التعاون في القمة الخليجية التي احتضنتها المملكة العربية السعودية ، في العاشر من الشهر الجاري. وأكد سموه خلال هذه القمة أن المنطقة «تتعرض لتصعيد خطير يهدد أمنها واستقرارها ، مما يتطلب التهدئة وتغليب الحكمة ، وتعزيز خيار الحوار ، حتى لا تدخل الى مصير مجهول» .
يتوازى مع هذا النجاح العريض ، الدور المشرف والعظيم الذي يقوم به سمو أمير البلاد ، تجاه القضايا الأخرى بالمنطقة . ولا يخفى على أحد جهوده الكبيرة للتخفيف من معاناة الشعب السوري الشقيق والمؤتمرات العديدة التي استضافتها الكويت ، أو شاركت في رعايتها وترؤسها بدول أخرى ، وخصصت للمانحين للشعب السوري ، والتي تمكنت من جمع المليارات من الدولارات ، لمساعدة النازحين واللاجئين السوريين . كما يعرف الجميع أيضا ما تبذله الكويت من أجل إنهاء الأزمة اليمنية ، وقيامها بجمع الفرقاء اليمنيين أكثر من مرة ، لإجراء مفاوضات في الكويت ، وإبداءها استعدادها الدائم لاستضافة المحادثات النهائية التي يؤمل أن تفضي إلى حل شامل ودائم لمأساة الشعب اليمني .
وليس خافيا أيضا ما تبذله الكويت من جهود هادفة إلى تخفيف الاحتقان بين إيران ودول الجوار ، والسعي من أجل تذويب الخلافات بين كل الأطراف، وتكريس الأمن والاستقرار بالمنطقة . هذا فضلا عن الدور الإنساني الكبير للكويت ، على مستوى العالم، حيث تتواصل المساعدات الكويتية إلى كل الدول المحتاجة على ظهر الأرض .
أخيرا فإن ما يستوقفنا بحق أيضا ، أن صاحب السمو الأمير قدم مر هذا العام بظروف صحية استدعت علاجه بأحد مستشفيات الولايات المتحدة . ولو أنه اعتذر بهذا الظرف الصحي عن مواصلة جهوده ومساعيه لنشر السلام ، وترسيخ الأمن والاستقرار بمنطقتنا ، لما لامه أحد . لكن سموه أبى أن يستسلم للراحة ، أو يركن للقعود ، وأصر على استئناف نشاطه ومساعيه الخيرة . في تلك اللحظات كانت عيون الكويتيين ترنو إليه بإعجاب ، وقلوبهم تدعو له: اللهم احفظه لنا قائدا وزعيما ووالدا ، وحكيما ينشر المحبة والخير والسلام، في المنطقة والعالم كله .