د. بركات عوض الهديبان
في حياة الأمم والشعوب – كما علمنا التاريخ دائما – هناك محن وابتلاءات ، تتحول إلى منح وعطايا ، وتصبح مع مرور الأيام مرتكزات للنهوض، ومنطلقات للتقدم والتطور وتحقيق الإنجازات .. وباستطاعتنا أن نقول إن ما مرت به الكويت ، خلال الأيام القليلة الماضية، مع سقوط أمطار غزيرة ، تحولت في بعض المناطق إلى سيول ، كان من هذا القبيل ، وسيظل تاريخ الكويت يتوقف أمام هذا الحدث، ليؤكد أنه كان علامة فارقة على مدى توحد صفوف الكويتيين ، وقت المحن والأزمات ، حتى لو كانت من الكوارث الطبيعية .
هذا المعنى لمسته بقوة كلمة صاحب السمو أمير البلاد، والتي أعرب من خلالها عن شكره وتقديره، على ما أبدته الجهات المشاركة من تعاون وتفاعل لمواجهة تداعيات الأمطار التي تعرضت لها البلاد ، وأكد سموه فيها أن تضامن المواطنين مع المؤسسات الرسمية ، في التعامل مع آثار الأمطار ، قد «جسد روح التآزر والتعاضد التي جبل عليها أهل الكويت في السراء والضراء ، وأبرز الروح الكويتية الواحدة المعهودة»
وجاءت إشادة سموه بالجهود الكبيرة التي بذلتها الحكومة ، بقطاعاتها كافة ، وبرئيسها سمو الشيخ جابر المبارك ، أبلغ تعبير عن حكمة القائد والزعيم الذي يقدر العاملين المخلصين ، ودرسا رائعا نتمنى أن يعيه الجميع ، خصوصا أولئك الذي عنتهم الآية القرآنية الكريمة بقولها: «ولا تبخسوا الناس أشياءهم» ، من الذي يجلسون في بيوتهم ويوجهون سهام نقدهم لمن يعملون بجد وإخلاص من أجل وطنهم ، ويؤدون عملهم خالصا لوجه الله ، وحبا في وطنهم وقيادتهم وشعبهم ، وامتثالا لأمانة المسؤولية الملقاة على كواهلهم .
في السياق نفسه تأتي كلمة سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء ، خلال إحدى جولاته الميدانية، لمتابعة سير العمل بأجهزة الدولة الحيوية ، أيام هطول الأمطار الأخيرة ، عندما قال سموه : « تكفينا جميعاً إشادة حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ صباح الأحمد ، فهذه الإشادة تاج على رؤوسنا كافة» ، وتأكيده على أن «التوجيهات السامية تشدد على أن حماية أمن وممتلكات أهل الكويت هي الهدف الأسمى على رأس أولويات الدولة» ، وإشارته أيضا إلى أن أبناء الكويت يتكاتفون و يتعاونون جميعاً في جميع الأزمات للتغلب عليها ، رغم وجود من يحاول أن يعرقل هذه الجهود ، وما نبّه إليه من أن من يتصدى لمسؤولية العمل العام ينبغي ألا تشغله كثيرا مسألة الانتقادات أو حتى التهديدات ، وقوله : «نحن لا نأبه لأية تهديدات فالمهم مصلحة الوطن» .
ولا شك أن الكويت يحق لها أن تفخر بهذا التجاوب الرائع ، مع أزمة غير مسبوقة في تاريخها الحديث ، أثبت خلالها الكويتيون أصالة معدنهم ، وقدرتهم على حمل المسؤولية والوفاء بتعهداتهم .. وفي هذ الإطار كذلك أتت إشادة سمو رئيس الوزراء بأخيه ورفيق دربه، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ خالد الجراح ، وتقديره لكل «تلك التدابير الجارية والإجراءات والخطط التي يتم تنفيذها» ، وهو شكر مستحق يشاركه فيه كل أبناء الكويت ، الذين رأوا ما قدمه الوزير الجراح ورجاله من عطاء كبير خلال أزمة الأمطار والسيول .
وقد كانت إشادة القيادة السياسية بالدور الذي قام به الإعلام الكويتي الرسمي والخاص، وكذلك الصحف اليومية ، وساما يستحق الاحتفاء ويحمل كل الصحف ووسائل الإعلام الكويتية المزيد من المسؤولية ، تجاه الوطن الحبيب .
أما الأصوات «النشاز» التي حاولت التشويش على الجهد المبذول ، وإفساد الصورة البديعة والرائعة للكويت ، فقد ظلت معزولة ومستبعدة، وغير قادرة على إحداث أي تأثير يذكر .. وصدق الله تعالى إذ يقول «فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض» .
ولا شك أن جهود جميع الوزارات والجهات الحكومية، في التعامل مع تداعيات الأمطار ، مقدرة ومشكورة ، رسميا وشعبيا . ومن المؤكد أيضا أن النجاح الكبير الذي حققته هذه الجهات في مواجهة المخاطر التي كانت تحف بنا جميعا ، قد زادت من حقد الحاقدين، لاسيما مع تكرار إشادة القيادة السياسية بعطاء الحكومة الوافر ، وقدرتها بقيادة سمو الشيخ جابر المبارك ، على أن تعبر بنجاح واحدة من أكبر وأخطر الأزمات التي واجهتها الكويت ، والتي تعثرت دول كبرى عديدة تملك إمكانات وقدرات أكبر منا بكثير ، في مواجهة مثل هذه الأزمات .
ولم تأت الشهادة السامية للمبارك وللجراح من فراغ، وإنما وراءها ثقة صاحب السمو بهما وبإخلاصهما وتفانيهما من أجل الكويت وشعبها ، وتلك شهادة لا تقدر بثمن ، لاثنين من أبر أبناء الكويت بوطنهما ، وأخلصهما لقيادتها السياسية .