د. بركات عوض الهديبان
من أعظم النعم التي أكرمنا الله سبحانه وتعالى بها في الكويت ، نعمة التواصل الاجتماعي التي تزداد وتكتسب أجواء روحانية معطرة ، في شهر رمضان المبارك . ولا شك أننا جميعا كمواطنين نستلهم القدوة والمثل في هذا الصدد أيضا ، مما يفعله صاحب السمو الأمير خصوصا في هذا الشهر الكريم ، بتواصله الحميم مع أبناء شعبه، واستقباله لهم أو لمن يمثلهم من شتى أطياف المجتمع ، وقيامه كذلك بزيارات عديدة لأبنائه من حراس هذا البلد ، والقائمين على حماية أمنه وأمانه في الجيش والحرس الوطني والداخلية والإطفاء .
واتساقا مع هذا النهج الكريم ، فإن شهر رمضان الفضيل يتحول في الكويت ، إلى مناسبة لجمع الشمل ، وصلة الأرحام ، وهنا تشعر أن الكويت كلها رحم واحد ، يتصل بعضه ببعض ، ويتواصل الجميع مع الجميع ، حتى ليخيل للإنسان أنه التقى طوال أيام رمضان ولياليه مع كل أبناء شعبنا ، من سائر مناطق الكويت ومختلف قبائلها ، ويدرك أنه بإزاء نسيج مجتمعي ووطني واحد ، يستحيل اختراقه أو العبث به ، ونحمد الله سبحانه على هذه النعمة ، وذلك الفضل الكبير ، مستذكرين ما جاء في كتابه الكريم ، من توجيه لهذه الأمة بقوله تعالى : «وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم» .
وتنطلق الخواطر إلى ما هو أبعد ، فهذا البلد الكريم الذي أصبح أيقونة ورمزا للمحبة والسلام والإنسانية ، بات مؤهلا بحق لأن يلعب دورا كبيرا ولائقا به في صنع السلام والأمن والاستقرار في المنطقة ، وهذا ما نرى قيادتنا السياسية تفعله الآن ، وتكرس الجهود والمساعي الكبيرة والمكثفة من أجله ، تقف خلفها مساندة دولية كبيرة ، بعد أن أصبح العالم كله يرى الكويت جديرة بهذا الدور الرائد ، ويضع إمكاناته بتصرفها ، من أجل تحقيق هذا الهدف النبيل .
إن الكويتيين يقدمون بتلاقيهم واجتماعهم نموذجا ساطعا لمجتمع متآلف متحاب متماسك ، ويؤكدون أن قدرتهم على عبور كل المحن التي واجهتهم لم تكن من فراغ ، وإنما هي مستمدة من تقاليد وقيم أصيلة، تضرب بجذورها في أعماق أرضهم ، وترتقي إلى عنان السماء . ونعتقد أن الرسالة من ذلك كله واضحة أشد الوضوح ، وهي أننا أمام وطن عصي على الاختراق أو الفتنة ، وأن شعبا تتلاقى قلوب أبنائه هكذا ، لا يمكن التفريق بين صفوفه أبدا .
اللهم بحق هذا الشهر العظيم ، وهذه الليالي المباركة ، زدنا قربا وألفة ، واحفظ الكويت أميرا وشعبا ووطنا غاليا من كل سوء ، ووفقها لكل خير ، وأعن أهلها على المحبة والتواصل ، والتعاون على البر والتقوى .. إنك سبحانك نعم المولى ونعم النصير .
وكل عام وأنتم بخير .