د. بركات عوض الهديبان
عندما يتوجه نحو 58 مليون مصري إلى صناديق الاقتراع اليوم، للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية ، فإنهم يعلمون أنهم أمام استحقاق ديمقراطي ، سيحدد معالم المستقبل لبلد أخذ في التعافي بقوة ، وشرع في تجاوز الكثير من العراقيل والمعوقات ، التي واجهت مسيرة تقدمه خلال السنوات الماضية .
يعلم المصريون أيضا ، وهم يضعون أوراق الاقتراع في الصناديق ، أنهم لا يختارون فقط شخصا يريدونه رئيسا ، وإنما يختارون مسارا يكفل لهم الأمن والاستقرار ، في محيط إقليمي عاصف ، اقتلعت رياحه أوتاد وركائز دول كانت آمنة وراسخة ، وشتت شعوبها في منافي الداخل والخارج ، وأدت إلى اشتعال حروب أهلية بين أبنائها ، وبددت ثرواتها ، وأحالت حياة أناسها إلى جحيم لا يطاق.
لكن مصر استطاعت ، برغم كل تلك التحديات ، ليس فقط أن تحمي أمنها واستقرارها ، بل وتستأنف أيضا مسار التنمية الذي كاد يصيبه الشلل ، وتعيد تشغيل مئات المصانع التي توقفت ، وتطلق عشرات المشروعات القومية الكبرى ، والتي تشمل الخدمات الحيوية ، كالطرق الدائرية التي ربطت البلاد من أقصاها إلى أقصاها ، ومحطات القوى الكهربائية التي نجحت في القضاء تماما على مشكلة انقطاع التيار ، ووفرت كذلك الطاقة المطلوبة لتشغيل المصانع الكبرى ، فضلا عن استصلاح مئات الآلاف من الأراضي الصحراوية وزراعتها ، وإقامة عشرات المشاريع الإسكانية الكبرى ، ضمن إستراتيجية شاملة لتطوير العشوائيات ونقل قاطنيها إلى مساكن محترمة ولائقة بهم.
وفيما كانت مصر تفعل كل ذلك ، فإنها تمكنت في موازاته من مواجهة التحدي الأخطر ، والمتمثل في الإرهاب الذي سعى لتهديد الحدود المصرية ، وزرع حالة من الفوضى والاضطراب فيها ، لكن مصر بقيادتها المتمثلة في الرئيس عبد الفتاح السيسي ، وقواتها المسلحة ، وشعبها الصبور المكافح ، حققت نجاحا شهد به العالم كله ، في التصدي لهذا الإرهاب ، والقضاء على مكامن خطورته ، واستعادة سيناء التي استهدفها هذا الإرهاب ، إلى حضن الوطن الآمن والموحد .
من هنا فإن شعب مصر يعلم يقينا أنه بمشاركته في هذه الانتخابات ، فإنه يوجه رسالة إلى العالم كله ، بأنه لن يقبل بأن تهتز مصر أبدا ، أو يصيبها ما أصاب غيرها من انشطار وتمزق ، ويعي شعبها أيضا أن استقرار مصر هو استقرار للعالم العربي كله ، ولمنطقة الخليج بصفة خاصة .. ومن هنا أيضا يأتي اهتمامنا الشديد في الكويت بهذه الانتخابات ، لأننا نعرف مكانة مصر وقيمتها ، ونثق بأنها ستظل – إن شاء الله – قائدة ورائدة لأمتها ، و»رمانة ميزان» أمنها واستقرارها ، والضامن الأكبر لتنميتها وازدهارها .