د. بركات عوض الهديبان
حين تم اختيار خالد الروضان للانضمام إلى الحكومة ، وزيرا للتجارة والصناعة ، ووزير دولة لشؤون الشباب ، فإنه لم يركن إلى تراث عريق في عائلته ، كان كفيلا بتقديمه إلى مواطنيه تقديما طيبا وراقيا ، فقد كان والده نائبا في مجلس الأمة ، ووزيرا للمالية، كما كان جده أيضا نائبا ووزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل في إحدى الحكومات ، ووزيرا للأوقاف ووالشؤون الإسلامية في حكومة أخرى ، لكنه آثر أن يختار الطريق الأصعب ، وأن يقدمه إلى الناس عمله واجتهاده وعطاؤه .
ومنذ اليوم الأول لممارسته مهام منصبه برز الوزير الشاب بصورة لفتت إليه أنظار الجميع ، وبدا بوضوح أننا أمام نموذج جديد يمثل بحق شباب الكويت المؤهل علميا وثقافيا ، والمكتسب للكثير من الخبرات التي تمكنه من قيادة دفة العمل في أي قطاع يتولاه . وكانت أمامه تحديات كبيرة بالفعل في قطاعين من أهم وأخطر القطاعات بالدولة ، وهما «التجارة والصناعة» من ناحية ، و«الشباب والرياضة» من ناحية أخرى . وعلى الرغم من أن كلا من القطاعين يتطلب وجود وزير متفرغ له ، فقد استطاع الروضان أن يتصدى لكل التحديات التي وجد نفسه في مواجهتها بالقطاعين . ونحسب أن كل المواطنين على وعي تام بما تمكن الوزير الروضان من إنجازه في قطاع التجارة والصناعة ، خصوصا بالنسبة للتسهيلات غير المسبوقة التي أتاحها لشباب الكويت ، في إقامة المشاريع الصغيرة والمتوسطة ، وتقديمه كل أشكال الدعم لهم ، وهو توجه ستقطف الكويت ثماره الإيجابية في القريب العاجل .
أما التحدي الأصعب والأشق الذي كان بانتظار الروضان ، فهو المتعلق بوقف النشاط الرياضي الكويتي دوليا . ولسنا نبالغ حين نقول إن هذا الوزير الشاب لم يكد يغمض له جفن ، حتى تمكن عبر جهد كبير ، برعاية وتوجيه صاحب السمو الأمير ، وبإشراف ومتابعة من سمو رئيس الوزراء ، من رفع الإيقاف عن الكويت . وفي هذا الجانب فإن الكويت المعروف عنها الوفاء لكل من أسدى إليها معروفا ، لم تنس أحدا ممن قدم لها يد العون في هذا المجال ، سواء من الدول الشقيقة ، أو من الجهات والمؤسسات الرياضية القارية والدولية .. وكان موقف الروضان محددا وواضحا تماما في هذا الشأن ، حين تقدم بالشكر والامتنان «لكل من ساهم في رفع الايقاف عن الرياضة الكويتية ، من الأشقاء والأصدقاء في دول مجلس التعاون والدول الأخرى» .
يبقى أن كل من يتصدى للعمل العام «يتصدق ببعض عرضه» ، كما يقول علماؤنا الأسلاف ، ومن ثم فليس غريبا أن يتعرض الوزير خالد الروضان للنقد أو التجريح ، لكن ما نوقن منه أنه لا وقت لديه لكي يدخل في سجال مع أحد ، أو يتبادل مع طرف من الأطراف «الغمز واللمز والتنابز بالألقاب» ، فهذه ليست أخلاقيات أولئك الذين آثروا أن تشغلهم أعمالهم وعطاءاتهم لوطنهم ، عن أي معارك جانبية ، أو أمور شخصية ، تعوق مسيرتهم ، وتعطلهم عن أهدافهم الأهم ، تاركين الحكم للناس القادرين على أن يميزوا بين الحق والباطل ، والصواب من الخطأ ، مؤمنين بأنه في النهاية ، لا يصح إلا الصحيح ، ولا يمكث في الأرض إلا ما ينفع الناس .