العدد 4935 Friday 26, July 2024
جريدة كويتية يومية سياسية شاملة مستقلة
الحكومة : لن نسمح بتعطيل المشاريع التنموية العدواني يحيل دفعة ثانية من الشهادات العلمية إلى النيابة العامة لمحاربة التزوير المجازر تتواصل في غزة رغم «أحاديث الصفقة» وزير التعليم العالي يحيل دفعة ثانية من الشهادات العلمية إلى النيابة العامة لمحاربة التزوير العوضي : تطبيق أعلى معايير الجودة المهنية وسلامة المرضى محافظ الأحمدي: العاملون بـ «النويصيب البري» هم خط الدفاع الأول عن الكويت محافظ العاصمة: جهود كبيرة يبذلها رجال الأمن لضبط مخالفي قانون الإقامة والمطلوبين خبير زلازل: شواطئ مصر تشهد اضطراباً نتيجة ارتفاع الموج .. وزلزال «كريت» ليس له علاقة بانحسار مياه البحر تقرير: مناخ بريطانيا ازداد حرّاً ومطراً الأمير هاري: الدعاوى ضد الصحافة ساهمت بانهيار علاقتي بالأسرة «الأولمبية الكويتية» تزور وفد أبطالنا في باريس ناشئو الطائرة إلى البحرين للمشاركة في «الآسيوية» المغرب تكتب التاريخ على حساب الأرجنتين في الأولمبياد «حماس» : خطاب نتنياهو مليء بالأكاذيب.. و«فتح» : «ما حدث بالكونغرس سيرك» الرئيسان الروسي والسوري يناقشان احتمال عقد اجتماع بين الأسد وأردوغان اليمن : جماعة الحوثي تصدر 145 حكماً بإعدام مختطفين مدنيين روسيا: لا نمانع التفاوض مع كييف لكن نحتاج معرفة مدى استعدادها العازمي: 21.7 مليون دينار.. إجمالي الصادرات المحلية «غير النفطية» خلال يونيو «العام» ينخفض 0.07 نقطة في ختام جلسات الأسبوع «بيتك» يطلق خدمة «آفاق» لتحويل الأموال للبنوك الخليجية بشكل فوري «موسم جدة 2024» يستقطب نجوم الطرب العربي تركي آل الشيخ: قررنا إعادة النظر في إنتاج أحد الأفلام رغبة في قطع الطريق أمام «طيور الظلام» أحمد إيراج يصور «مناير وأربع كناين»

كلمة رئيس التحرير

«قلـنـا لـه : اخــرج فخـــرج» .. صَـدَق الــنـيـة فـصدّقـه الله

29/10/2017

د. بركات عوض الهديبان
 
 من فضل الله على الكويت ، أن رزق أبناءها جميعا نعمة الإحساس بالآخرين ، والتعاطف معهم ، والتألم لآلامهم ، والتجاوب مع همومهم .. وقد قيل في ذلك بحق إن الإنسان الكويتي ، في تجارته ومعاملاته ، قبل أن يسأل عن المكسب والربح ، فإنه يسأل عن ما يتوجب عليه إخراجه من زكاة وصدقات .. يسري على ذلك على الفرد، كما يسري على المؤسسات ، وعلى الدولة كلها . وما تفعله قيادة هذا البلد واضح للعيان ، ومنه تلك المؤتمرات التي احتضنها بدعوة كريمة من صاحب السمو أمير البلاد ، ورعاية كريمة منه ، لإغاثة اللاجئين والنازحين من الأشقاء السوريين ، في ثلاثة مؤتمرات عقدت بالكويت ، ورابع شاركت في رعايته ورئاسته بلندن ، فضلا عن اعتزامها أيضا استضافة مؤتمرين آخرين قريبا ، أحدهما لإعادة إعمار ما خربه تنظيم «داعش» في العراق ، والآخر لدعم التعليم في الصومال ، وكذلك جهودها لإغاثة مسلمي الروهينغا في ميانمار ، وغيرهم من المنكوبين حول العالم .
لذلك فليس غريبا أن يخرج من هذا البلد الطيب ، أحد أبنائه البررة ، ليمثل قِيَمه خير تمثيل ، ويعبر عنها بأمانة وصدق ، كما فعل رئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم ، في مؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الأخير ، الذي عقد في مدينة سانت بطرسبرغ بروسيا الاتحادية، حين تصدى لرئيس وفد الكنيست الاسرائيلي ، عندما تعرض هذا الأخير للنواب الفلسطينيين في سجون الاحتلال ، وادعى أنهم «إرهابيون» ، فجاءه الرد صاعقا من الرئيس الغانم الذي أكد أن الإرهاب الحقيقي هو الذي تمثله إسرائيل ، وهو «إرهاب الدولة» ، وإجباره الوفد الصهيوني على مغادرة الاجتماع .
وقد كان التساؤل الذي شغل الكثيرين بحق ، خلال الأيام الماضية، التي أعقبت انتهاء المؤتمر ، هو : كيف بلغ من تأثير كلمات الغانم، وصلابة موقفه حد اضطرار الوفد الإسرائيلي للخروج صاغرا بالصورة التي رآها العالم كله ؟ والحقيقة أن الرئيس الغانم كان صادقا وأمينا مع نفسه ، حين سئل عن هذا الموضوع فقال : يعلم الله أن الأمر لم يكن مرتبا أو مخططا له من قبل ، وأنه جاء في مجمله من تدبير الله وتوفيقه .. فحين كان رئيس الجلسة يعرض لمعاناة النواب الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي ، وقف رئيس وفد الكنيست ليمارس كالعهد به ، الافتراءات والأكاذيب التي اعتادوا عليها ، ويدمغ ممثلي الشعب الفلسطيني بالإرهاب ، فكان لا بد من أن يتصدى له أحد رؤساء الوفود البرلمانية العربية والإسلامية ، ووفقني الله لأقوم بهذه المهمة ، وجرى الأمر كما رأيتم جميعا ، لكن ما لم أكن أتوقعه أو يتوقعه أحد ، هو أن يحدث مثل هذا التأثير ، إلى الحد الذي يجبر الوفد الإسرائيلي على الانسحاب ، «وأن نقول له : اخرج فيخرج» ، ولا تفسير عندي لذلك إلا بأنها إرادة الله ومشيئته وتوفيقه .
هذه الرواية التي حكاها الرئيس الغانم بنفسه ، تبرهن لنا أن إخلاص النية لله ، والصدق مع النفس ومع الناس ، والعمل الخالص الذي لا يبتغي به الإنسان سوى وجه خالقه ، نتيجته الخيرة مؤكدة، وعاقبته الطيبة ثابتة ويقينية .. والأمر الآخر الذي لا يقل أهمية في هذا الصدد هو أن على المرء بذل الجهد واستفراغ الوسع ، دفاعا عن ما يعتقده حقا وصدقا ، وجهادا لحماية حرمات الله ومقدساته ، وانتصارا لدينه ، وللشعوب المغلوبة على أمرها ، أما التوفيق فمن الله وحده سبحانه .. وهو درس – لو تعلمون – عظيم ، ليس فقط على مستوى الأفراد ، بل على مستوى الأمم والشعوب .
هذا الحدث الكبير والفريد قاد أيضا إلى تساؤلات من نوع : كيف يتصدى ممثل الكويت بالذات ، وهي الدولة الصغيرة مساحة وسكانا، للكيان الصهيوني المعروف بصلفه واستكباره ، فأعاد إلى أذهاننا جميعا المعنى العظيم الذي أشارت إليه الآية القرآنية الكريمة «الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . فَانقَلَبُواْ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُواْ رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ». 
كما ذكّر الغانم الجميع بإرادة هذا الشعب وإرادة وصلابة قائده صاحب السمو الأمير ، الذي سجل موقفا تاريخيا عظيما ، حين امتدح موقف الغانم ورفاقه من أعضاء الوفد البرلماني الكويتي ، وشد على أيديهم ، وأكد أنهم بما فعلوه كانوا يمثلون الكويت خير تمثيل .
والحق أن المرء يشعر بالفعل بالعزة والكرامة ، حين يدرك أن هذا البلد الطيب ، لا ينظر إلى صغر مساحته أو قلة عدد سكانه ، بل ينظر إلى فضل الله عليه ، ويعد نفسه مندوبا للدفاع عن الإسلام والأمة الإسلامية ومقدساتها ، وعن القيم الإنسانية عامة .. ولعل هذا هو ما يميز الكويت – قيادة وشعبا – ويجعل منها «أيقونة» للإنسانية كلها .