د. بركات عوض الهديبان
مع النطق السامي الذي يلقيه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد ، صباح هذا اليوم الثلاثاء ، لافتتاح دور الانعقاد الجديد لمجلس الامة ، يستأنف المجلس مسيرة يجمع الكل على أنها الأكثر تميزا وإنجازا ، من بين كل المجالس السابقة ، بعد أن حقق مرسوم الصوت الواحد الهدف الذي صدر من أجله ، وهو إعادة التوازن إلى العلاقة بين المجلس والحكومة ، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر، ولا تزحف سلطة على صلاحيات السلطة الأخرى ، أو تحاول الانتقاص منها ، كما كان يحدث كثيرا في سنوات سابقة ، ويؤدي إلى احتقان سياسي مزمن ، يعوق الإنجاز المنشود ، ويحول العمل السياسي إلى صراع حاد ضحيته في المقام الأول والأخير مصلحة الوطن والمواطنين .
وما يجعلنا أكثر تفاؤلا بأننا مقبلون على مرحلة جديدة من الإنجازات التي يترقبها المواطنون ، هو ما أكده رئيسا المجلس والحكومة ، خلال حفل العشاء الذي أقامه الرئيس مرزوق الغانم مساء أمس الأول ، من اعتزام السلطتين مواصلة التعاون ، من أجل مصلحة الكويت والكويتيين ، وهما بذلك يعيدان الاعتبار لمفهوم الممارسة السياسية والبرلمانية الصحيحة ، ذلك أن الدستور الذي نص على مبدأ «فصل السلطات» ، هو ذاته الذي نص أيضا وفي المادة نفسها ، على «تعاونها وفقا لأحكام الدستور» .. وقد مرت فترة كان كل تركيز البعض على مسألة «الفصل» تلك ، من دون التطرق إلى هذا الاستدراك المهم ، الذي لم يكن ليفوت على واضعي الدستور ، مثلما أنه أمر بديهي تعرفه كل الأنظمة الدستورية والديمقراطية في العالم.
يزيد من تفاؤلنا أننا قد عشنا خلال الأسابيع الماضية فترة من الإنجازات التي لا تخطئها عين .. لعل آخرها وأكثرها بروزا وحضورا ، هو ذلك الإنجاز الأمني الكبير الذي تحقق بقيادة نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد ، بتوجيه ضربات استباقية قوية لمعاقل الإرهاب ، وفك غموض الخلية الإرهابية التي استهدفت مسجد الإمام الصادق في شهر رمضان الماضي ، خلال زمن قياسي ، وأخيرا ما تحقق بفضل الله تعالى من تأمين تام للحسينيات وروادها ، في الأيام العشر الأولى من شهر المحرم ، ومرور هذه الأيام بأمن وسلام على كل أبناء الكويت سنة وشيعة .
ولا بدّ لنا أن نشير أيضا إلى ما حققته الدبلوماسية الكويتية طوال عام مضى ، والذي توجته بتلك الاتفاقيات البالغة الأهمية التي أبرمتها الكويت مع فرنسا خلال زيارة سمو رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك الأخيرة إلى باريس ، وشملت مجالات اقتصادية وتجارية وعسكرية وصناعية وعلمية وثقافية ، بما يصب في النهاية ، في مصلحة النهوض بهذا الوطن العزيز .
هي إذن مسير مباركة يقودها ويرعاها صاحب السمو الأمير بحكمة ودبلوماسية ، هو أهل لهما ، تماما كما أنه أهل لثقة شعب أحبه وأقر لسموه بالفضل الكبير – من بعد الله سبحانه – في الحفاظ على الكويت آمنة مستقرة ، وسط طوفان من الاضطرابات الإقليمية التي عصفت بدول كثيرة من حولنا ، وبقيت الكويت وستبقى بإن الله دار أمن وأمان.