حين تأتي الأفعال والممارسات مؤيدة للأقوال والكلمات التي تصدر عن القادة وكبار المسؤولين ، فإنها تجد طريقها مباشرة إلى القلوب والعقول ، وتؤكد مصداقية القائد والمسؤول . وقد كان من سلفنا الصالح – رضوان الله عليهم أجمعين – من يتورعون عن رواية أي حديث نبوي ، قبل أن يطبقوه على أنفسهم ، استهداء في ذلك بسيرة نبينا – صلى الله عليه وسلم - والتزاما بقوله تعالى «يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون . كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون» .. ولذلك فقد تلقى المواطنون بقبول حسن مبادرة سمو الشيخ جابر المبارك رئيس مجلس الوزراء بتقديم الإقرار الخاص بذمته المالية إلى رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد المستشار عبد الرحمن النمش وأعضاء مجلس أمناء الهيئة ، ومطالبته لجميع القياديين في الدولة بالإسراع في تقديم إقرارات الذمة الخاصة بكل منهم ، تنفيذاً للقانون ، وكذلك تأكيده أن «طريق مكافحة الفساد طويل ، إلا أننا مصممون على مواجهته بكل الوسائل، واستخدام كافة الإجراءات لمكافحته والحد منه».
نحن إذن أمام «حدث فريد على المستويين الإقليمي والوطني» ، كما وصفه رئيس الهيئة العامة لمكافحة الفساد المستشار عبد الرحمن النمش ، استنادا إلى أن تلك المبادرة تعد السابقة الأولى التي يقدم فيها رئيس وزراء في دولة الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي وأغلب دول المنطقة إقرار الذمة المالية .. وهي مبادرة تؤكد أيضا أن الدولة جادة في محاربة الفساد ومواجهته بكل الوسائل ، رغم إدراكها بأن الطريق طويل ، كما أشار إلى ذلك بحق سمو الرئيس .
إن حرص سمو الشيخ جابر المبارك على أن يبدأ بنفسه ، قبل أن يدعو غيره من المسؤولين إلى تقديم إقرارات الذمة المالية، هو رسالة غير مباشرة تقول لكل مسؤول : لا تتحدث عن النزاهة والشفافية ومكافحة الفساد ، قبل أن تقدم لمن هم دونك في المسؤولية والمستوى الوظيفي الأسوة الحسنة بأنك لا تدعوهم إلى شيء لن تلتزم به أنت ، بل اقرن قولك بالعمل والممارسة اللذين يثبتان صدقك وجديتك ، وتذكر أيضاً أنك لا تمثل نفسك فقط ، بل تمثل أيضا مؤسسات الدولة الحريصة على أن تنفذ القانون وتلتزم به ، قبل أن تلزم به الآخرين ، وهي رسالة وجدت على الفور صداها الطيب والكبير عند الجميع .