عندما وقف نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد أمام مجلس الأمة ، في الجلسة التي عقدها المجلس ، بعد أيام قليلة من التفجير الدامي الذي ضرب مسجد الإمام الصادق ، ليؤكد أن رجال الأمن لن ينتظروا حتى يقوم الإرهابيون بعمليات أخرى ، بل سيذهبون إليهم ويوجهون إليهم «ضربات استباقية» ، فإنه كان يعني ما يقول .. وهاهي الأيام تثبت أننا أمام رجل دولة يدرك جيدا أهمية مصداقيته ومصداقية رجاله أمام القيادة السياسية من ناحية ، وأمام البرلمان والرأي العام الكويتي بشكل عام ، تماما كما تثبت أننا كنا محقين في كل مرة أشدنا فيها بـ «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه» ، فاستحقوا الثناء والتقدير والتكريم ، وكانوا جديرين بالفعل بثقة صاحب السمو الأمير وإشادته المتكررة بهم وبإخلاصهم وتفانيهم من أجل وطنهم . فالعملية الأخيرة التي كشفت عنها وزارة الداخلية يوم الخميس الماضي ، وأوضحت من خلالها أنه تم ضبط ثلاثة من أعضاء خلية إرهابية وكميات ضخمة من الأسلحة كانت مخبأة في منزل أحد المتهمين ومزرعته بالعبدلي ، هي واحدة من أكبر وأهم العمليات الأمنية الناجحة ، ليس فقط على مستوى الكويت ، بل على مستوى المنطقة بأسرها .. ولا شك أن الكمية الضخمة المكتشفة من الأسلحة والذخائر والمفرقعات تشي بأننا كنا بصدد التحضير لسلسلة من العمليات التخريبية التي يمكن أن تهز أمن واستقرار دول كبرى ، فما بالك بدولة صغيرة المساحة والسكان مثل الكويت . يضاعف من خطورة المسألة ذلك الارتباط الذي كشفت عنه التحقيقات ، بين أعضاء الخلية وجهات خارجية، عرف عنها تورطها في أعمال وتحركات تستهدف ضرب استقرار المنطقة العربية ، وإدخالها في فتن وحروب طائفية تأكل أخضرها ويابسها، وتبجح بعض أعضاء الخلية بأنهم «يفخرون» بهذا الارتباط «المشين» و«الملوِّث» لسمعة أي وطني شريف . وإذا كان لهذه الأحداث الصعبة التي تواجهها الكويت من مزايا ، فلا شك أن أبرز هذه المزايا هو ما كشفت عنه من أصالة معدن الكويتيين ، ومتانة ارتباطهم بوطنهم الغالي ، وإعلائهم قيمة الانتماء إليه على أي انتماء آخر ، قبليا كان أو مذهبيا أو حزبيا .. وهذا ما يجعلنا مطمئنين بفضل الله إلى أن الكويت لن تضام أبدا ، مادام شعبها العظيم واعيا بأهمية وحدته الوطنية ، والتي على جدارها القوي المتين ، ستنكسر كل موجات وأعاصير الفتنة ، ومحاولات الإرهاب الخبيث لتمزيق بلد ، استعصى دوما ، وسيظل مستعصيا على كل مساعي الفرقة والتمزيق والتفتيت .