ليس صحيحا أن الهجمات الإرهابية التي شهدتها المملكة العربية السعودية خلال الأيام الماضية ، موجهة إلى شيعة البلد الشقيق وحدهم ، بل إنها تستهدفهم وتستهدفنا جميعا شيعة وسنة ، وتهدد أمن واستقرار دول المنطقة بأسرها ، ذلك أننا ننظر إلى المملكة نظرتنا إلى الكويت ، فهي لنا وطن وسند ومظلة تؤوي الجميع ، وتشكل لكل أشقائها في دول مجلس التعاون درعا حصينة ، تدفع عنهم الشرور والمخاطر . لقد أدمت قلوبنا تلك المشاهد المروعة التي نقلتها إلينا الفضائيات من محيط مسجد العنود في الدمام يوم الجمعة الماضي ، وكذلك الحادث الذي سبقه بأسبوع واحد في مسجد القطيف ، وأدى إلى استشهاد عدد كبير من المصلين ، وإصابة آخرين .. تابعنا المأساة المروعة في الحالتين ، غير مصدقين ما تراه أعيننا ، فنحن نعرف المملكة الشقيقة حق المعرفة ، ونوقن بأن أهلها إخوة متحابون ، وقد عاشوا معا على الدوام لا يميزون بين سني وشيعي ، فهم ينتمون جميعا إلى هذا الدين العظيم الذي أشرقت شمسه من أرضهم ، وسطع نورها على العالم كله ، وهم يعلمون أيضا أن أول وأهم مبادئ الرسالة التي جاء بها نبينا محمد – صلى الله عليه وسلم – هو الإخاء والتسامح والتعايش ، وهم يتلون آناء الليل وأطراف النهار قوله تعالى «يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا .. إن أكرمكم عند الله أتقاكم» ، ويستعيدون أيضا قول النبي الأعظم «كل المسلم على المسلم حرام ، دمه وماله وعرضه» ، وتحذيره الشديد «لا ترجعوا بعدي كفاراً ، يضرب بعضكم أعناق بعض» . من هنا فإننا جميعا واثقون بأن من يدبر هذه الفتنة العمياء لا يريد الخير أبدا لأبناء المملكة ، سنتهم وشيعتهم على السواء ، بل إنه يضرب في سويداء القلب ، ويعرف أنه لو نال غرضه الدنيء ، وتمكن من أمن السعودية واستقرارها ، فإنه يهدم – لا قدر الله – قبلة الإسلام وحصنه الحصين ، ومهوى أفئدة المسلمين ، في كل زمان ومكان ، ومن ثم يهدد الأمة الإسلامية كلها . ونحن على يقين أيضا بأن شعب المملكة الشقيق أكبر وأسمى من كل تلك المحاولات الخبيثة ، وأنه لن يسمح لها ولا لأصحابها بتحقيق أهدافهم الشريرة ، وسيقف بوحدته وتضامنه وتكاتفه ، سدا منيعا في وجه كل من أراد به سوءاً .. وقد تجلى ذلك بحمد الله في الموقف العظيم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز ، الذي توعد – عقب حادث مسجد القطيف – ب «محاسبة كل من شارك أو خطط للتفجير الذي استهدف المسجد» ، وقال في برقية إلى ولي العهد محمد بن نايف إن «كل مشارك أو مخطط أو داعم أو متعاون أو متعاطف مع هذه الجريمة البشعة سيكون عرضة للمحاسبة والمحاكمة وسينال عقابه الذي يستحقه ، وقوله: «لقد فجعنا جميعاً بالجريمة النكراء التي استهدفت مسجداً بقرية القديح مخلفة ضحايا أبرياء، ولقد آلمنا فداحة جرم هذا الاعتداء الإرهابي الآثم الذي يتنافى مع القيم الإسلامية والإنسانية» . هذه هي المملكة الشقيقة التي نعرفها ، ونطمئن إلى أنها ستقف بالمرصاد – قيادة وشعبا – لكل المتربصين بها وأشقائها من دول الخليج ، وستظل هي حارسة الإسلام وحامية الحرمين ، تدفع عن دين الله كيد الكائدين ومكر الماكرين ، ونحن جميعا لها سند وظهير.