خطوة طيبة وموفقة تلك التي قرر القيام بها نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد، من خلال الحوار المجتمعي الذي قرر إجراءه ، للتواصل مع سائر مكونات وأطياف المجتمع الكويتي ، بشأن الحملة الوطنية لجمع السلاح ، والتي سيبدؤها اليوم بالحوار مع ممثلي الصحافة ووسائل الإعلام . وفي هذا الصدد لا بد لنا من استذكار ما يحرص صاحب السمو الأمير على التنبيه إليه دائما ، من أننا نعيش في منطقة ملتهبة ، بما يحتم علينا ضرورة اليقظة والحذر ، من أجل تجنب العوامل التي أدت إلى انهيار دول واشتعال حروب أهلية فيها .. وكلنا شهود على أن تحذيرات سموه سبقت كل تلك الأحداث الكبيرة والخطيرة التي شهدتها منطقتنا ، خلال السنوات الأربع الماضية والتي تلت تفجر ثورات الربيع العربي . من هنا تأتي أيضا أهمية الجهد الكبير الذي قامت ، ولا تزال تقوم به وزارة الداخلية ، في شأن جمع السلاح غير المرخص من المواطنين ، يستحق بالغ الشكر والتقدير .. فالحملة المنظمة التي قادتها الوزارة من خلال فرقة جمع السلاح ، وتطبيقا للقانون الذي أقره مجلس الأمة في هذا الصدد ، وحشدت لها طاقات ميدانية وتنظيمية كبيرة ، هي في حد ذاتها عمل رائع ينبغي التنويه به ، والإشادة بكل قيادات الوزارة ، وعلى رأسهم نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد ، خصوصا أن جهود «الداخلية» لتحقيق هذا الهدف بدأت قبل صدور القانون الذي أقره مجلس الأمة لهذا الغرض ، بفترة طويلة . لكن ما أعلنه المدير العام للإدارة العامة لمباحث جمع السلاح بوزارة الداخلية اللواء فراج الزعبي ، قبل أيام من ان «حصيلة فرقة جمع السلاح خلال ثلاثة اشهر من هذه الحملة بلغت 1700 قطعة ما بين رشاش ومسدس وشوزن صيد ، اضافة الى خمسة أطنان من الذخيرة الحية» ، يعيد فتح هذا الملف مجددا ، فالكمية التي تم تسليمها لا تعد شيئا ، إذا ما تذكرنا أن كميات ونوعيات الأسلحة التي تخلفت عن الغزو العراقي للكويت ربما تعد بعشرات الآلاف من قطع السلاح ، فضلا عن حيازة البعض للأسلحة والذخيرة بطرق مختلفة خلال السنوات الخمس والعشرين التي تلت الغزو ، بما يعني افتراض أننا بإزاء «أطنان» من السلاح ، مثلما هي أطنان الذخيرة ، وليس مجرد 1700 قطعة سلاح . صحيح أنه يحسب للبيان الذي أدلى به اللواء فراج الزعبي في هذا الشأن ، مصداقيته وإيراده للأرقام الحقيقية كاملة ، ومن دون أي رتوش أو مبالغات ، رغم القصور الإعلامي الذي صاحب الحملة ، وعدم وصول الرسالة المستهدفة منها إلى جماهير المواطنين بشكل كافٍ، وهو أحد الجوانب التي قد تفسر سر هذا الكم القليل والمحدود جدا من الأسلحة التي جرى تسليمها ، والتي لا تعد شيئا ، قياسا بما يفترض وجوده لدى المواطنين ، وهو أمر ليس سرا ، فكل المؤشرات تؤكده وتدل عليه . لكن مع هذه المصداقية التي أشرنا إليها وأشدنا بها ، فإن «الداخلية» مدعوة لمصارحة الشارع الكويتي بأسباب هذه الحصيلة الضعيفة من الأسلحة التي باتت في حوزة الأجهزة المعنية ، ونحن نقترب من نهاية مهلة جمع السلاح ، وهي مصارحة لا تغضب أحدا ، بل تدعو إلى أن يتحمل كل طرف مسؤوليته ، بما في ذلك وسائل الإعلام أيضا من صحف وفضائيات ، والتي لا شك أن أداءها في هذا المجال شابه الكثير من القصور . هذا الأمر سيضع بلا شك مسؤوليات كبيرة على وزارة الداخلية ، من خلال فرق التفتيش على الأسلحة ، والتي يفترض أن تبدأ عملها بعد انتهاء فترة السماح المحددة بأربعة اشهر في 22 يونيو المقبل ، لأن محصلة ما تم تسليمه ضئيلة جدا ، وهذه ظاهرة لا بد من دراستها وبحث أسبابها ، واستخلاص أبرز الدروس منها .. كما ينبغي أن نلفت النظر أيضا إلى ان عمليات التفتيش على السلاح لا بد أن تشمل الوافدين ، وليس فقط المواطنين ، فأعداد الجرائم التي يرتكبه وافدون بشكل شبه يومي ، وتستخدم فيها أسلحة خطيرة ، يحتم ضرورة شمولهم بإجراءات التفتيش ، لتعم هذه الإجراءات كل من يقيم على أرض الكويت ، مواطنا كان أم وافدا . لا نريد أن نستطرد أكثر ، ولا نستبق الأحداث ، أو نستنتج استناجات متعجلة ، قد تصيب أو تخيب ، تاركين الأمر للجهات المعنية بوزارة الداخلية ، فهي أدرى به وأوعى ، لكن من الضروري في هذا المقام أن نشير إلى أن الموضوع ربما يحتاج إلى مزيد من تسليط الضوء عليه ، وأهمية أن يلعب الإعلام المكتوب والمرئي والمسموع ، وعبر وسائل التواصل الاجتماعي ايضا ، دورا مهما خلال الفترة المقبلة ، لتوعية المجتمع بأن عدم التجاوب الكافي مع حملة جمع السلاح ، يضعنا جميعا فوق بركان ساخن ، وكفيل بتهديد حينا ، وضرب الأمن والاستقرار الذي تعيشه بلادنا ، في مقتل . ومرة أخرى نجدد الشكر والتقدير لنائب رئيس الوزراء وزير الداخلية الشيخ محمد الخالد ، الذي لا تخفى جهوده الكبيرة على أحد ، والتي أثمرت أيضا نتائج طيبة ورائعة باتجاه دعم أمن واستقرار البلاد ، خصوصا في هذه الفترة الاستثنائية من تاريخ الكويت والمنطقة .