
أكد تقرير الشال للاستشارات الاقتصادية الصادر أمس السبت على ضرورة تبني إصلاحات مالية جوهرية في الكويت في ظل ارتفاع مؤقت للإيرادات النفطية مع ارتفاع الدين العام والعالمي مشيرا الى أن صافي أرباح البنوك بلغت 405.2 مليون دينار في الربع الأول من 2025 بانخفاض مقداره 5.8 مليون مقارنة بالفترة نفسها من 2024 وأن الفيدرالي الأمريكي قرر الإبقاء على الفائدة بـ4.25–4.50 % بسبب تصاعد مخاوف التضخم على المخاوف الاقتصادية لافتا الى تزايد احتمال حدوث «ركود تضخمي» عالمي يدفع البنوك المركزية لبقاء الفائدة مرتفعة لفترة أطول وتطرق التقرير الى صافي أرباح بنك برقان في الربع الأول للعام الحالي والتي بلغت8.9 مليون دينار بانخفاض2.1 مليون ما يعادل 19.0 %، مقارنة مع الفترة نفسها من 2024 وفيما يلي نستعرض ماورد في التقرير بالتفصيل
1 - أسعار الفائدة
خلافاً لرغبة الرئيس الأمريكي، قرر بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يوم الأربعاء الفائت الموافق 18 يونيو 2025 الإبقاء على سعر الفائدة الأساس على الدولار الأمريكي ضمن نطاق 4.25 % - 4.50 %، ذلك يعكس تفوق القلق من التضخم على القلق حول النمو الاقتصادي، والواقع أن القلق من الإثنين بات كبيراً.
في تقرير 10 يونيو الجاري للبنك الدولي، طالت توقعات نمو الاقتصاد الأمريكي للعام الجاري 2025 أعلى نسبة خصم ضمن اقتصادات الدول المتقدمة، وبنحو -0.9 %، مقارنة بتوقعاته في تقريره لشهر يناير الفائت. وتسببت الحرب الإسرائيلية الإيرانية بعلاوة مخاطر على أسعار النفط – خام برنت – بحدود 6.19 دولار أمريكي أو نحو +8.9 %، ما بين اليوم الذي سبق بدء الحرب أو 12 يونيو الجاري، ويوم الأربعاء الفائت الموافق 18 يونيو الجاري. وأسعار الطاقة هي المغذي الأهم لارتفاع معدلات التضخم، ومن دون توقعات لمسار تلك الحرب وما بعدها لأنه أمر نجهله، من الواضح أن عالم اليوم لا يحكم مساراته حد أدنى من المنطق ما يزيد من مستوى التداعيات مع كل حدث سلبي.
ضعف النمو الاقتصادي واضطراب الحالة الجيوسياسية يعني ارتفاع احتمال ولوج الاقتصاد العالمي حقبة ركود تضخمي، ذلك يدفع بالبنوك المركزية الرئيسية وعلى رأسها الفيدرالي الأمريكي إلى إطالة الأمد لإبقاء أسعار الفائدة مرتفعة. ومن واقع المستوى القياسي للدين العام الأمريكي بحدود 36.6 تريليون دولار أمريكي، وارتفاع قياسي لديون العالم السيادية والخاصة إلى نحو 324 تريليون دولار أمريكي أو نحو 325 % من حجم الاقتصاد العالمي وفقاً لرويترز في تقرير لها في 8 مايو 2025، يصبح هناك تهديداً حقيقياً لبقايا النظام المالي العالمي (بريتون وودز) الذي نشأ مع نهاية الحرب العالمية الثانية.
ذلك سيناريو قد يتحقق وقد يتحقق جزئياً فقط، ولكن حصافة السياسات العامة هي في التعامل مع أسوء سيناريو محتمل، وللكويت قد يعني ذلك ارتفاع مؤقت وقصير الأمد لإيرادات النفط، ثم هبوط لها قد يطول أمده. وفي حالة مشابهة أعقبت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير 2022، ورغم معاناة سنة الكورونا 2020 التي يفترض أنها قدمت درساً مالياً قاسياً، انفلتت السياسة المالية حينها مع أول ارتفاع مؤقت لأسعار النفط ليصل الإنفاق العام إلى أعلى مستوياته، ومعظمه جاري وغير مرن ولا مستدام. هذه المرة، ومع بقاء تركيبة النفقات العامة على حالتها غير المستدامة، ومع ولوج الكويت سوق الاقتراض العالمي، تكرار خطيئة ما بعد الحرب الروسية الأوكرانية أو حتى التردد في عملية اصلاح مالي جوهرية، أمران عواقبهما وخيمة.
2 - أداء الاقتصاد العالمي البنك الدولي
لا بد من التنويه إلى أن توقعات البنك الدولي المخفضة حول الأداء المحتمل للاقتصاد العالمي قد صدرت في تقريره المؤرخ في 10 يونيو 2025، أي قبل حرب إسرائيل على إيران وهي حرب عن بعد بينهما، ما سوف يضيف آثاراً سلبية على الأداء المحتمل للاقتصاد العالمي، ما لا يعرفه أحد هو حجم تلك الآثار المرتبط بتطورات تلك الحرب. ما أخذه البنك في الاعتبار هو الآثار السلبية لحرب العالم التجارية التي هبطت بتوقعاته لنمو الاقتصاد العالمي مقارنة بتقريره لشهر يناير الفائت، وسببه ارتفاع حالة عدم اليقين وازدياد تذبذب الأوضاع المالية، وضعف مستوى الثقة.
بالأرقام، هبط البنك الدولي بتوقعاته لنمو الاقتصاد العالمي لعامي 2025 و2026 بنحو -0.4 % و-0.3 % ليصبحا 2.3 % و2.4 % على التوالي، وهما معدلا النمو الأدنى منذ عام 2008 إذا استثنينا سنتَي الانكماش عامَي 2009 و2020. وعلى مستوى المجموعات، يتوقع أن يفقد نمو الاقتصادات المتقدمة نحو -0.5 % و-0.4 % مقارنة بتوقعاته لشهر يناير لأنها الأكثر تضرراً من الحرب التجارية، ليبلغ مستوى نموها المتوقع 1.2 % و1.4 % للعامين على التوالي، وبفجوة عن مستوى توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي بنحو 1.1 % و1.0 %. ويقدر توقعات الضرر أعلى للاقتصاد الأمريكي، وبخصم عن توقعات يناير بنحو -0.9 % لعام 2025 ليصبح 1.4 % و-0.4 % لعام 2026 ليصبح 1.6 %.
بينما الصين، ثاني أكبر اقتصادات العالم والمستهدفة الأولى بالحرب التجارية، لم يطل توقعاته أي خفض لنموها بإبقائه المعدلات ثابتة مقارنة بتوقعاته في تقرير يناير لكلتا السنتين، لتستمر بتحقيق معدل نمو بنحو 4.5 % لعام 2025 و4.0 % لعام 2026. ورغم خصم -0.4 % و-0.2 % عن توقعاته لمعدل نمو الاقتصاد الهندي في تقرير يناير لعامي 2025 و2026، إلا أنه توقعاته لنموها ظلت الأعلى في تقريره الحالي، فهو يتوقع للاقتصاد الهندي أن ينمو بنحو 6.3 % و6.5 % للعامين على التوالي، أو أعلى معدلات النمو للاقتصادات الكبرى. والفارق الكبير لمعدلات نموها عن أول اقتصاد يسبقها في الحجم، أو اليابان رابع أكبر اقتصادات العالم، والمقدر لنمو اقتصادها للسنتين بما لا يزيد عن 0.7 % و0.8 %، يعني قرب احتلال الاقتصاد الهندي موقع رابع أكبر اقتصادات العالم، واقتصاد اليابان ضمن قارة آسيا. وفارق مستويات النمو يعني أيضاً أن ما يفصله عن ألمانيا ثالث أكبر اقتصادات العالم والمقدر لنموها للسنتين أن يبلغ 0.4 % و1.1 % (وفقاً للبنك الفيدرالي الألماني)، قضية وقت قصير أيضاً حتى يصبح الاقتصاد الهندي ثالث أكبر اقتصادات العالم.
والقراءة في توقعات النمو الاقتصادي، ومصدرها البنك الدولي وهو مؤسسة للدول المتقدمة نفوذ طاغي على سياساتها، يعني بأن الأزمات تعزز تسريع وتيرة انتقال الثقل الاقتصادي من الغرب إلى الشرق. ولا بأس من التذكير بأن الحرب بين إسرائيل وإيران، يقع ضمن نطاقها الجغرافي أكبر مخزونات النفط والغاز في العالم، والمساهمة الأكبر في صادراتهما، وضمنها تقع أهم المضائق البحرية التي يمر من خلالها أغلب تجارة العالم السلعية، واضطراباتها لها دورها في تعميق حالة عدم اليقين، والمزيد من التذبذبات المالية، ومزيد من انحسار الثقة، وضررها على الغرب أكبر من ضررها على الشرق، والخلاف يظل على مستوى الضرر الذي يحكمه توسعها أو القدرة على احتوائها.
3 - الأداء المجمع لقطاع البنوك – الربع الأول 2025
حقق قطاع البنوك الكويتية ويشمل 9 بنوك، خلال الربع الأول من العام الحالي تراجعاً في صافي الأرباح مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، إذ بلغت أرباح الربع الأول 2025 بعد خصم الضرائب وحقوق الأقلية نحو 405.2 مليون دينار كويتي، بانخفاض مقداره 5.8 مليون دينار كويتي أو ما نسبته -1.4 %، مقارنة بنحو 411 مليون دينار كويتي للفترة ذاتها من عام 2024. وانخفضت أرباح الربع الأول من العام الجاري بنسبة -2.4 %، مقارنة مع أرباح الربع الرابع من عام 2024 البالغة نحو 415 مليون دينار كويتي. وتشير الأرقام، إلى أن 6 بنوك حققت ارتفاعاً في مستوى أرباحها، مقابل 3 بنوك حققت انخفاضاً مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي.
وبلغت قيمة إجمالي المخصصات التي احتجزتها البنوك خلال الربع الأول من عام 2025 نحو 81.4 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 66.5 مليون دينار كويتي، أي ارتفعت بنحو 14.9 مليون دينار كويتي أو بنحو 22.4 %، ويظل أداء جيد ضمن وضع مضطرب لبيئتي الاقتصاد المحلي والعالمي.
وبلغت أرباح البنوك التقليدية وعددها خمسة بنوك نحو 197.8 مليون دينار كويتي، مثلت نحو 48.8 % من إجمالي صافي أرباح البنوك التسعة، ومنخفضة بنحو -6.9 % مقارنة مع الربع الأول من عام 2024. بينما كان نصيب البنوك الإسلامية نحو 207.4 مليون دينار كويتي ومثلت نحو 51.2 % من إجمالي صافي أرباح البنوك التسعة، ومرتفعة بنحو 4.4 % عن مستواها في الربع الأول من العام السابق.
وبلغ مضاعف السعر إلى الربحية (P/E) لقطاع البنوك محسوباً على أساس سنوي نحو 18.5 ضعف مقارنة بنحو 15.8 ضعف للفترة نفسها من العام الفائت. وتراجع العائد على إجمالي الأصول المحسوب على أساس سنوي إلى نحو 1.3 % مقارنة بنحو 1.4 %. وتراجع أيضاً، معدل العائد على حقوق الملكية ببلوغه نحو 11.4 % مقابل نحو 12.2 % للفترة ذاتها من العام الماضي.
وعند المقارنة ما بين أداء البنوك، حقق «بيت التمويل الكويتي» أعلى مستوى أرباح بين البنوك التسعة ببلوغها نحو 168.1 مليون دينار كويتي (ربحية السهم 9.77 فلس) أو نحو 41.5 % من صافي أرباح القطاع المصرفي، بنمو بنسبة 3.2 % مقارنة مع الفترة ذاتها من عام 2024. وحقق «بنك الكويت الوطني» ثاني أعلى أرباح بنحو 134.1 مليون دينار كويتي (ربحية السهم 15 فلس) أو نحو 33.1 % من صافي أرباح البنوك، وبنسبة انخفاض بنحو -8.5 % بالمقارنة مع الفترة نفسها من العام السابق. وبذلك، استحوذ بنكان (بيتك والوطني) على 74.6 % من إجمالي أرباح البنوك، ذلك يعني أن المصارف السبعة الأخرى تشاركت في نحو 25.4 % من أرباح القطاع، ما يرجح أن اقتصاديات الحجم في العمل المصرفي لصالح الكيانات المصرفية الكبرى. أعلى نسبة مشاركة ضمن البنوك السبعة الأخرى كانت للبنك التجاري الكويتي بنحو 6.9 %، وأدنى نسبة مشاركة كانت لبنك وربة وبنحو 1.4 %. وحقق «بنك الخليج» أعلى نسبة انخفاض في الأرباح وبنحو -27.3 %، وذلك ببلوغ أرباحه نحو 9.4 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 12.9 مليون دينار كويتي.
4- نتائج بنك برقان الربع الأول 2025
أعلن بنك برقان نتائج أعماله للربع الأول من العام الحالي والتي تشير إلى أن صافي ربح البنك (بعد خصم الضرائب) قد بلغ نحو 8.9 مليون دينار كويتي، بانخفاض بنحو 2.1 مليون دينار كويتي أو ما يعادل -19.0 %، مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2024 حين بلغ نحو 11 مليون دينار كويتي. وحقق البنك ربحاً خاصاً بمساهميه بنحو 10.7 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 10.1 مليون دينار كويتي، بارتفاع بقيمة 543 ألف دينار كويتي وبنسبة 5.4 %، وسبب رئيسي لانخفاض الأرباح الصافية هو ارتفاع جملة المخصصات بقيمة أعلى من ارتفاع الربح التشغيلي للبنك. وجاء هذا الانخفاض في مستوى الأرباح، على الرغم من تراجع صافي الخسارة النقدية والارتفاع الطفيف في قيمة الاستردادات مقابل الديون المشطوبة.
وتشير الأرقام إلى أن مطلوبات البنك (من غير احتساب حقوق الملكية) قد سجلت ارتفاعاً بلغت قيمته 434 مليون دينار كويتي ونسبته 6.1 %، لتصل إلى نحو 7.572 مليار دينار كويتي بعد أن كانت عند نحو 7.139 مليار دينار كويتي في نهاية عام 2024، في حين ارتفعت بنحو 794.5 مليون دينار كويتي أو ما نسبته 11.7 % مقارنة بالفترة ذاتها من العام الفائت، حين بلغت آنذاك نحو 6.777 مليار دينار كويتي. وبلغت نسبة إجمالي المطلوبات إلى إجمالي الموجودات نحو 87.8 % مقارنة بنحو 87.3 %.
وتشير نتائج تحليل البيانات المالية المحسوبة على أساس سنوي إلى أن معظم مؤشرات ربحية البنك قد سجلت انخفاضاً مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2024. إذ انخفض مؤشر العائد على معدل رأسمال البنك ROC ليصل إلى نحو 9.9 % بعد أن كان عند 12.8 %. وانخفض أيضاً، مؤشر العائد على معدل موجودات البنك (ROA) ليصل إلى نحو 0.4 % قياساً بنحو 0.6 %. بينما ارتفع مؤشر العائد على معدل حقوق المساهمين الخاص بمساهمي البنك (ROE) إلى نحو 4.9 % مقابل 4.7 %. وسجلت ربحية السهم (EPS) انخفاضاً إلى نحو 2.1 فلس مقابل 2.6 فلس. وبلغ مؤشر مضاعف السعر/ ربحية السهم الواحد (P/E) نحو 28.6 ضعف مقارنة بنحو 19.6 ضعف، وتحقق ذلك نتيجة انخفاض ربحية السهم بنحو -19.2 % مقابل ارتفاع سعر السهم بنحو 17.6 % مقارنة مع 31 مارس 2024. وبلغ مؤشر مضاعف السعر/ القيمة الدفترية (P/B) نحو 1.0 مرة مقارنة بنحو 0.8 مرة للفترة نفسها من العام السابق.
5 - الأداء الأسبوعي لبورصة الكويت
كان أداء بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي مختلطاً، حيث ارتفع مؤشر كل من قيمة الأسهم المتداولة، كمية الأسهم المتداولة وعدد الصفقات المبرمة، بينما انخفضت قيمة المؤشر العام. وكانت قراءة مؤشر الشال (مؤشر قيمة) في نهاية تداول يوم الخميس الماضي قد بلغت نحو 681.5 نقطة، بانخفاض بلغت قيمته 20.9 نقطة ونسبته -3.0 % عن إقفال الأسبوع الماضي، بينما ظل مرتفعاً بنحو 45.3 نقطة أي ما يعادل 7.1 % عن إقفال نهاية عام 2024