انخفضت أسعار النفط الآجلة في تداولات الأسبوع الماضي إلى أدنى مستوياتها في أكثر من ثلاثة أعوام مسجلة خسائر أسبوعية نسبتها بلغت نحو 10 بالمئة بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأربعاء الماضي فرض رسوما على واردات الولايات المتحدة من جميع دول العالم هي الأعلى منذ أكثر من قرن.
وردت الصين بفرض رسوم جمركية إضافية نسبتها 34 بالمئة على كافة واردات السلع الأمريكية مما أثار المخاوف حيال حدوث حرب تجارية عالمية قد تؤدي إلى تفاقم التضخم وركود الاقتصاد وضعف الطلب على النفط.
وفي موازاة ذلك قررت بعض الدول في (أوبك بلس) والتي أعلنت عن تعديلات طوعية في أبريل ونوفمبر 2023 وهي كل من السعودية والكويت والإمارات والعراق وروسيا وكازاخستان والجزائر وعمان يوم الخميس الماضي إجراء زيادة في الإنتاج دفعة واحدة بمقدار 411 ألف برميل في مايو 2025 بدلا من زيادتها على فترة ثلاثة أشهر قادمة بمعدل 137 ألف برميل شهريا كما كان متفق عليه سابقا.
وفي هذا الصدد أكد عدد من الخبراء والمختصين الكويتيين في شؤون النفط والطاقة في تصريحات متفرقة ل (كونا) أمس الأحد أن من أسباب انخفاض أسعار النفط ارتفاع مخزونات النفط الخام التجارية الأمريكية بنحو 2ر6 مليون برميل لتصل إلى أعلى مستوى لها منذ يوليو 2024 وهي 8ر439 مليون برميل مدفوعة بزيادة حادة في واردات النفط الخام الكندية.
وقال المحلل النفطي ورئيس مركز الأفق للاستشارات الإدارية خالد بودي ل(كونا) إن قرار رفع الرسوم الجمركية شكل عامل ضغط على الأسعار بسبب المخاوف من حدوث ركود إقتصادي حيث أدت هذه المخاوف إلى إنسحاب الكثير من المضاربين من سوق النفط متوقعا تراجع أسعار النفط خاصة أن المضاربات تشكل ما بين 30 و 40 بالمئة من الطلب على النفط.
وأضاف بودي أن هذا الإنخفاض في أسعار النفط هو إنخفاض مؤقت قد يؤثر على الأسعار لفترة لا تزيد عن ستة أشهر إذ من المتوقع أن تتعافى الأسعار بعد ذلك بسبب النمو المستمر في الطلب على النفط.
وأفاد بأن قرار (أوبك بلس) يوم الخميس الماضي برفع زيادة إنتاج النفط من الزيادة المقررة سابقا وهي 135 ألف برميل يوميا إلى 414 ألف برميل يوميا شكلت أيضا ضغطا كبيرا على الأسعار.
بدوره قال المستشار في مجال النفط والبتروكيماويات جمال الغربللي ل(كونا) إن أسواق النفط العالمية شهدت تراجعا ملحوظا بعد إعلان الرئيس ترامب فرض رسوم جمركية على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة عازيا هذا التراجع إلى المخاوف من اندلاع حرب تجارية عالمية قد تؤثر سلبا على النمو الاقتصادي والطلب على الوقود.
وأضاف أن الأوضاع الجيوسياسية غير المستقرة في منطقة الشرق الأوسط وإعلان تحالف (أوبك بلس) عن زيادة غير متوقعة في إنتاج النفط سيكون لهما تأثير سلبي على الأسعار.
وتوقع أن تستمر أسعار النفط في التراجع على المدى القريب مع احتمال وصول سعر الخام إلى ما بين 55 و60 دولارا للبرميل مؤكدا أن هذه التوقعات قد تتغير بناء على التطورات المستقبلية في السياسات التجارية والإنتاجالنفطي العالمي.من جانبه قال الخبير والاستشاري النفطي الدكتور عبدالسميع بهبهاني ل(كونا) إن التعريفات الجمركية تشكل أحد أبرز الأدوات الاقتصادية المستخدمة خلال الأزمات إلا أن تأثيرها على الاقتصاد العالمي يظل موضوعا معقدا.
وأضاف بهبهاني أنه في ظل التوترات التجارية عادة ما تشهد أسواق المال تراجعا مؤقتا لكنها تعاود انتعاشها بسرعة نسبية نظرا لطبيعة تعاملها الديناميكي مع الأحداث لافتا إلى أن تأثيرها أعمق في قطاعي التصنيع والتجارة إذ تؤدي التعريفات إلى إعادة توزيع مواقع الإنتاج.
وأكد أن المتضرر الأكبر من هذه السياسات ليس دول الخليج بل الاتحاد الأوروبي وبعض حلفاء الولايات المتحدة الصناعيين الذين يعانون أصلا من ضعف اقتصادي هيكلي قائلا "إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي قد لا تتطلب سوى عام واحد لاستعادة النشاط الطبيعي ولكن باتجاهات جديدة".
وبين أن التعريفات الجمركية الجديدة ليست بالضرورة ستكون سلبية على دول أوبك الخليجية بل قد تدفع نحو زيادة الإنتاج الآسيوي وبالتالي زيادة الطلب على النفط الخليجي مع فرص تحقيق أسعار تنافسية بنهاية العام.
وكان الرئيس ترامب قد فرض الأربعاء الماضي على أساس "مبدأ المعاملة بالمثل" وبحد أدنى 10 بالمئة في أشد تصعيد للرسوم الجمركية الأمريكية منذ قرنين.
ودخلت الرسوم الجمركية بنسبة 10 بالمئة على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة حيز التنفيذ يوم أمس السبت ومن المقرر فرض رسوم جمركية أعلى يوم الأربعاء المقبل.