أورد التقرير الأسبوعي عن أسواق النقد الذي يصدره البنك الوطني العديد من المؤشرات التي تدل على تقلب الأسواق العالمية بحدة وأن أوروبا تستعد لفرض امريكا رسوما جمركية وتبني سياسات جديدة وفيمايلي نستعرض جوانب مما جاء في التقرير
التعليق على أداء الاسواق
شهدت الأسواق الأمريكية الأسبوع الماضي تقلبات ملحوظة عقب سلسلة من الخطط التي أطلقها الرئيس دونالد ترامب بعد تنصيبه. وخلال كلمته في المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، أكد ترامب مجددًا موقفه القائم على الحمائية التجارية، مع دعوته لفرض رسوم جمركية على الواردات وخفض أسعار الفائدة والنفط. وتزامن ذلك مع ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأمريكية بصورة هامشية، وسط بيانات متباينة لمؤشر مديري المشتريات، في انتظار اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة الأسبوع المقبل. وفي كندا، انخفض معدل التضخم السنوي إلى 1.8 %، مع استقرار مبيعات التجزئة الشهرية، ما عزز التوقعات بخفض بنك كندا لأسعار الفائدة خلال الشهر الحالي. أما في أوروبا، فقد أثرت موجة البيانات الاقتصادية على أداء اليورو بشكل ملحوظ. وأظهر مؤشر مديري المشتريات في منطقة اليورو تحسناً هامشياً، إذ عاد مؤشر ألمانيا المركب للنمو، بينما استمر الانكماش في فرنسا نتيجة ضعف الطلب وتصاعد حالة عدم اليقين السياسي. وفي المملكة المتحدة، ارتفع معدل البطالة إلى 4.4 % على الرغم من تسجيل نمو قوي في الأجور. وفي آسيا، اتخذت البنوك المركزية خطوات متباينة. فمن جهة، رفع بنك اليابان أسعار الفائدة الأساسية إلى 0.50 %، لتصل بذلك إلى أعلى مستوياتها منذ 17 عاماً، وذلك في استجابة لتسارع وتيرة التضخم، وفي المقابل، أبقى بنك الشعب الصيني على أسعار الإقراض دون تغيير، في ظل ضعف اليوان، مما يعكس سياسة نقدية متحفظة. وبصورة عامة، ما تزال الأسواق العالمية تتسم بحالة من التذبذب، مدفوعة بالتطورات السياسية، والبيانات المالية، وتوجهات البنوك المركزية.
الولايات المتحدة وكندا
شهدت الأسواق العالمية تقلبات حادة مع تولي دونالد ترامب منصب الرئيس الأمريكي رقم 47، إذ رافق التنصيب إصدار أوامر تنفيذية جذرية تعكس توجهات نحو سياسية جديدة. ومن بين أبرز القرارات: الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ ومنظمة الصحة العالمية، وإلغاء نحو 80 إجراء اتخذ في عهد إدارة بايدن، إلى جانب تعليق حق اكتساب الجنسية الأمريكية عند الولادة. كما شملت السياسات الحمائية ادخال إصلاحات على قوانين الهجرة، إعلان "حالة طوارئ وطنية للطاقة"، وإلغاء برامج التنوع الاجتماعي، وتجميد التوظيف، مما عزز التحول نحو نهج وطني يركز على حماية المصالح الأمريكية، وسط تحذيرات من تحديات محلية ودولية مقبلة. وعلى الصعيد التجاري، أصدر ترامب توجيهات بفتح تحقيقات حول الاختلالات التجارية العالمية دون فرض رسوم فورية. وعلى الرغم من تأكيده تفضيل الحوار، إلا أنه لوح بفرض رسوم جمركية تصل إلى 25 % على كندا والمكسيك و10 % على الصين. وبنهاية تداولات الأسبوع، تراجع مؤشر الدولار الأمريكي يوم الجمعة إلى أدنى مستوياته المسجلة في شهر، متأثراً بتصريحات ترامب حول "عدم تفضيله" فرض رسوم جمركية على الصين، مما أضعف التوقعات المتعلقة بالتضخم. وأنهى مؤشر الدولار الأمريكي تداولات الأسبوع عند مستوى 107.44.مع اقتراب اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع المقبل، صّعد الرئيس دونالد ترامب من انتقاداته للموقف الحذر لرئيس الاحتياطي الفيدرالي جاي باول، داعياً إلى خفض إضافي لأسعار الفائدة. ويتوقع أن يبقي البنك المركزي على معدل الفائدة الحالي في نطاق يتراوح بين 4.25 % و4.5 %، بعد سلسلة تخفيضات بلغت 100 نقطة أساس منذ سبتمبر 2024. وأثار خبراء اقتصاديون مخاوف من أن سياسات ترامب الاقتصادية، بما في ذلك فرض تعريفات جمركية جديدة، وتخفيضات ضريبية واسعة، وإصلاحات في قوانين الهجرة، قد تعيق جهود السيطرة على التضخم، الذي ما يزال فوق المستوى المستهدف المحدد بنسبة 2 %. وفي خطوة تصعيدية أخرى، هدد ترامب بمضاعفة الضرائب على الأجانب والشركات الأجنبية، مستهدفاً ما وصفه بالسياسات الضريبية غير العادلة التي تضر بالشركات الأمريكية متعددة الجنسيات. كما أعلنت إدارته انسحابها من الاتفاقية الضريبية العالمية لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، التي كانت تهدف إلى جمع إيرادات تقدر بنحو 192 مليار دولار سنوياً.
شهدت الولايات المتحدة ارتفاع طلبات إعانة البطالة الأولية بمقدار 6 آلاف طلب لتصل إلى 223 ألف طلب، وفقاً للبيانات المعدلة موسمياً للأسبوع المنتهي في 18 يناير 2025، متجاوزة التوقعات البالغة 219 ألف. في ذات الوقت، بلغت المطالبات المستمرة، التي تعد مؤشراً للبطالة طويلة الأجل، 1.9 مليون طلب، لتصل بذلك إلى أعلى مستوياتها المسجلة منذ نوفمبر 2021، مما يعكس تصاعد التحديات التي تواجه الباحثين عن عمل. وعلى الرغم من هذه الأرقام، ما تزال الطلبات الأولية ضمن متوسط النطاق المسجل خلال فترة ما قبل الجائحة، مما يشير إلى مرونة نسبية في سوق العمل. وفي ديسمبر الماضي، أضاف الاقتصاد الأمريكي 256 ألف وظيفة غير زراعية، ليرتفع إجمالي الوظائف المضافة خلال العام 2024 إلى 2.2 مليون وظيفة. ويشير خبراء الاقتصاد إلى أن العوامل الموسمية، والطقس القاسي، وسياسات إدارة ترامب المؤيدة لأنشطة الأعمال، بما في ذلك تقليص التوظيف الفيدرالي، قد تؤثر على سوق العمل خلال الأشهر المقبلة.
أوروبا والمملكة المتحدة
أظهرت بيانات مؤشر مديري المشتريات في منطقة اليورو لشهر يناير تحسن الاقتصاد بوتيرة حذرة، إذ ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب إلى 50.2 مقابل قراءته السابقة البالغة 49.6 ، مما يشير إلى نمو هامشي بعد خمسة أشهر من الانكماش. وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي إلى 46.1 ، مسجلاً بذلك أعلى مستوياته في ثمانية أشهر، على الرغم من استمرار انكماشه، في حين شهد مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات انخفاضاً هامشياً إلى 51.4 ، لكنه ظل في منطقة التوسع. وفي ألمانيا، ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب من 48.0 إلى 50.1 ، مما يشير إلى عودة النمو، بينما استمرت فرنسا في الانكماش في ظل وصول قراءة مؤشر مديري المشتريات المركب إلى 48.3. واستمرت الضغوط التضخمية، إذ ارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج الخاصة بقطاع التصنيع لأول مرة منذ أربعة أشهر، نتيجة ضعف اليورو وارتفاع الضرائب على الانبعاثات الكربونية. وقد حددت الأسواق إمكانية بنسبة 97 % لخفض البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس الأسبوع المقبل. وأنهى اليورو تداولات الأسبوع أمام الدولار الأمريكي عند مستوى 1.0495.