تطرق تقرير الشال المالي والاقتصادي لهذا الأسبوع، إلى صدور قانون الضريبة على الكيانات المتعددة الجنسية بمرسوم رقم 157 لسنة 2024 لتحصيل الضريبة لصالح الخزينة العامة وهو بداية لإصلاح النظام الضريبي في الكويت. كما أوضح التقرير أنه يفترض أن تكون الكويت قد حققت إيرادات نفطية في ديسمبر بما قيمته نحو 1.411 مليار دينار كويتي. ولفت التقرير الى أن بورصة الكويت أنهت عام 2024 على ارتفاع في مستوى سيولتها إضافة إلى ارتفاع لمؤشر السوق العام. وبلغ إجمالي سيولة البورصة نحو 14.833 مليار، وأن أداء البورصة خلال الأسبوع الماضي "3 أيام عمل بمناسبة عطلة رأس السنة الميلادية" كان مختلطاَ.
وفيما يلي نستعرض ماجاء في التقرير بالتفصيل..
1. الضريبة على الكيانات المتعددة الجنسية
صدر في الكويت القانون بمرسوم رقم 157 لسنة 2024 والخاص بالضريبة على الكيانات متعددة الجنسية، وهو توجه صحيح في تقديرنا، فما لم يسن ذلك القانون بمرسوم يحصل الضريبة لصالح الخزينة العامة، سوف تدفع تلك الشركات ضريبتها لخزائن عامة أخرى. مصدر تلك المبادرة منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "OECD" أو منظومة دول العالم المتقدمة، وغرضها الحد من التهرب الضريبي لتلك الشركات، فبينما تحقق أرباح من دول تمارس فيها نشاطها، تقوم بالتسجيل في دول منخفضة الضريبة لتدفع القليل منها. والحد الأدنى الذي فرضته منظومة الدول المتقدمة هو 15 % على الشركات التي تحقق إيرادات تبلغ 750 مليون يورو أو نحو 770 مليون دولار أمريكي، وهو الحد الأدنى الضريبي الذي سوف تتبناه الكويت.
من ناحية، يعتبر سن القانون بمرسوم تحصيل حاصل فرضته ظروف الأمر الواقع، ولكنه خطوة في الطريق الصحيح لأنه بداية لإصلاح النظام الضريبي في الكويت، ومساهمة الضريبة في تمويل الميزانية العامة في الكويت هي الأدنى، ربما على مستوى العالم. والضريبة ليست مجرد دخل تجنيه الخزينة العامة، وإنما ركن أساس ضمن أدوات السياسة المالية، واستخدامها مهم في توسع أو تشدد تلك السياسة، كما أنها أداة لتشجيع الاستثمار المرغوب وخفض غير المرغوب. والضريبة أساس في ترشيد النفقات العامة، فالموازنة العامة الممولة ضريبياً مراقبة شعبياً، أي من دافعي الضرائب، وذلك يخفض من هدر وفساد تلك النفقات، كما أنه يحد من السياسات الشعبوية الهادفة إلى التكسب السياسي.
ويظل هناك الكثير مما يحتاج إلى جهد كبير ومبكر، ونعتقد أن الكويت التي صادقت على تلك المبادرة في نوفمبر من عام 2023، كان لديها ما يكفي من وقت لحصر عدد الكيانات التي من الممكن أن تخضع لتلك الضريبة. ويفترض أن يتبعها أيضاً إصدارها لتقديرات للدخل المحتمل من تلك الضريبة، فالبيان الصادر الأسبوع الفائت لا يتضمن أي تقديرات لها في عالم بات الرقم فيه يختصر الكثير من الصفحات. ونعتقد أنه من الأفضل عدم الانتظار فترة الشهور التسعة بدءً من هذا الأسبوع حتى يكتمل تقدم تلك الكيانات للتسجيل، وحتى لو من باب تدريب الجهاز المسئول عن إدارة الضرائب، يفترض أن يبذل جهد مبكر لحصر عدد تلك الكيانات والدخل المحتمل للضريبة منها، وينشر.
2. النفط والمالية العامة – ديسمبر 2024
بانتهاء شهر ديسمبر 2024 انتهى الشهر التاسع من السنة المالية الحالية 2024/2025، وبلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي لشهر ديسمبر نحو 73.7 دولار أمريكي، وهو أعلى بنحو 3.7 دولار أمريكي للبرميل أي بما نسبته نحو 5.3 % عن السعر الافتراضي المقدر في الموازنة الحالية والبالغ 70 دولار أمريكي للبرميل. وكانت السنة المالية الفائتة 2023/2024 التي انتهت بنهاية شهر مارس الفائت قد حققت لبرميل النفط الكويتي معدل سعر بلغ نحو 84.4 دولار أمريكي، ومعدل سعر البرميل لشهر ديسمبر 2024 أدنى بنحو -12.6 % من معدل سعر البرميل للسنة المالية الفائتة، وأدنى بنحو 16.1 دولار أمريكي للبرميل من سعر التعادل الجديد للموازنة الحالية البالغ 89.8 دولار أمريكي وفقاً لتقديرات وزارة المالية، وبعد إيقاف استقطاع الـ 10 % من جملة الإيرادات لصالح احتياطي الأجيال القادمة.
ويفترض أن تكون الكويت قد حققت إيرادات نفطية في شهر ديسمبر بما قيمته نحو 1.411 مليار دينار كويتي، وإذا افترضنا استمرار مستويي الإنتاج والأسعار على حاليهما -وهو افتراض قد لا يتحقق- فمن المتوقع أن تبلغ جملة الإيرادات النفطية بعد خصم تكاليف الإنتاج لمجمل السنة المالية الحالية نحو 18.388 مليار دينار كويتي، وهي قيمة أعلى بنحو 2.154 مليار دينار كويتي عن تلك المقدرة في الموازنة للسنة المالية الحالية والبالغة نحو 16.234 مليار دينار كويتي. ومع إضافة نحو 2.684 مليار دينار كويتي إيرادات غير نفطية، ستبلغ جملة إيرادات الموازنة للسنة المالية الحالية نحو 21.073 مليار دينار كويتي.
وبمقارنة هذا الرقم باعتمادات المصروفات البالغة نحو 24.555 مليار دينار كويتي، فمن المحتمل أن تسجل الموازنة العامة للسنة المالية الحالية 2024/2025 عجزاً قيمته 3.482 مليار دينار كويتي، ولكن يظل العامل المهيمن هو ما يحدث من تطورات على إيرادات النفط.
3. الناتج المحلي الإجمالي – الربع الثالث 2024
صدر تقرير الإدارة المركزية للإحصاء الخاص بأرقام الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية والثابتة عن الربع الثالث من عام 2024. وتذكر البيانات أن قيمة الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية قد حققت انكماشاً بنحو 7.5 %، إذ بلغت ما قيمته نحو 11.955 مليار دينار كويتي مقارنة بنحو 13.100 مليار دينار كويتي في الربع الثالث من عام 2023. وحقق الناتج المحلي انكماشاً بنحو 3.9 % بالأسعار الثابتة، وهي الأهم، حين بلغت قيمته نحو 9.730 مليار دينار كويتي للربع الثالث من عام 2024 مقارنة بمستواه في الربع ذاته من عام 2023 عندما بلغ ما قيمته نحو 10.126 مليار دينار كويتي.
وعزت الإدارة مبررات الانخفاض بالأسعار الجارية إلى انخفاض القيمة المضافة للقطاع النفطي بنحو 15.6 %، لتصل إلى نحو 5.303 مليار دينار كويتي مقابل نحو 6.281 مليار دينار كويتي، وذلك انعكاساً لانخفاض أسعار النفط من معدل 89.1 دولار أمريكي للبرميل في الربع الثالث 2023 إلى معدل 79.9 دولار أمريكي للبرميل خلال الربع الثالث 2024 (-10.4 %)، إضافة إلى انخفاض كمية الإنتاج ما بين الفترتين. في حين ارتفعت القيمة المضافة بالأسعار الجارية للقطاع غير النفطي بشكل طفيف وبنسبة 0.1 %. وبالأسعار الثابتة، جاء الانكماش نتيجة تراجع القيمة المضافة لكلا القطاعين، للقطاع النفطي بنسبة 5.3 %، وللقطاع غير النفطي بنسبة 2.5 % خلال الفترة المذكورة.
ومع الانحسار في القيمة المضافة لقطاع النفط، هبطت مساهمته من تكوين الناتج المحلي الإجمالي من 48.6 % للربع الثالث 2023 إلى نحو 44.4 % للربع الثالث 2024، من دون احتساب مساهمة الأنشطة النفطية الأخرى ما بعد الاستخراج. وبلغت مساهمة الإدارة العامة والدفاع والضمان الاجتماعي في تكوين الناتج المحلي الإجمالي نحو 12.6 %، والوساطة المالية والتأمين 9.5 %، والصناعات التحويلية 8.1 %، والنقل والتخزين والاتصالات 7.1 %، والتعليم 6.5 %، وتجارة الجملة والتجزئة والفنادق والمطاعم 5.2 %، وكل الأخرى 6.6 %، وواضح كم تعتمد تلك القطاعات على مستوى الإنفاق العام.
ولا بأس من تكرار ما سبق أن ذكرناه مراراً، وهو أن محركات الاقتصاد بدائية ، وهي إما النفط ، أو ممولة بشكل شبه كامل من النفط ، ومعها الاقتصاد كله متغير تابع لمتغيرات سوق النفط التي لا تبدو مبشرة، ما يعني أن استدامة اقتصاد البلد محل خطر كبير، ويفترض أن يحتل إصلاح أو إبدال محركاته أولى الأولويات.
4. أداء بورصة الكويت 2024
أنهت بورصة الكويت عام 2024 على ارتفاع في مستوى سيولتها إضافة إلى ارتفاع لمؤشر السوق العام. وبلغ إجمالي سيولة البورصة نحو 14.833 مليار دينار كويتي وهي قيمة أعلى بنحو 42.8 % عن ذلك الإجمالي لعام 2023 البالغ نحو 10.386 مليار دينار كويتي، وارتفع معدل دوران أسهمها من 25.7 % لعام 2023 إلى نحو 33.7 %. انعكس ذلك على ارتفاع المعدل اليومي لقيمة التداول بنحو 39.4 %، حيث بلغ نحو 59.8 مليون دينار كويتي مقابل نحو 42.9 مليون دينار كويتي لمعدل عام 2023. وحظي السوق الأول (34 شركة) على نحو 66.3 % من إجمالي سيولة البورصة، وحظي السوق الرئيسي (109 شركة) على نحو 33.7 %، بينما كان توزيع السيولة لعام 2023 نحو 79.1 % للسوق الأول (31 شركة) ونحو 20.9 % للسوق الرئيسي (118 شركة)، أي أن توزيع السيولة بين السوقين كان أكثر عدالة وأفضل في عام 2024.
وسجل المؤشر العام لبورصة الكويت أداءً إيجابياً مع نهاية عام 2024 مقارنة مع مستواه في نهاية عام 2023، إذ بلغ مستوى 7,362.5 نقطة أي بارتفاع بنحو 545.3 نقطة أو بنسبة 8.0 % مقارنة مع مستوى 6,817.3 نقطة. وكانت أعلى قراءة للمؤشر خلال عام 2024 قد تحققت بتاريخ 13 مارس عندما بلغ 7,473.6 نقطة، وأدنى قراءة له سجلت في تاريخ 17 أبريل عندما بلغ 6,910.1 نقطة.
وبلغت القيمة الرأسمالية للشركات المدرجة في نهاية العام نحو 43.595 مليار دينار كويتي، وعند مقارنة قيمتها مع نهاية عام 2023 نلاحظ أنها حققت ارتفاعاً بنحو 3.222 مليار دينار كويتي أو نحو 8.0 %. وبلغ عدد الشركات التي ارتفعت قيمتها السوقية 112 شركة، في حين سجلت 30 شركة انخفاضات متباينة، بينما لم تتغير قيمة شركة واحدة. وجاء أكبر ارتفاع مطلق في القيمة من نصيب قطاع البنوك بنحو 2.194 مليار دينار كويتي، تلاه قطاع الخدمات المالية بارتفاع بنحو 1.180 مليار دينار كويتي، بينما حققت قيمة قطاع الصناعة أكبر انخفاض بنحو 613.9 مليون دينار كويتي. وعلى مستوى الشركات المدرجة، حقق "بيت التمويل الكويتي" أعلى ارتفاع في القيمة الرأسمالية بنحو 1.822 مليار دينار كويتي، تلاه "بنك الكويت الوطني" بارتفاع بنحو 371.1 مليون دينار كويتي مقارنة بقيمتيهما في نهاية عام 2023. ولازال قطاع البنوك هو القطاع المهيمن بمساهمته في قيمة شركات البورصة بنحو 61.1 %، وسيولته البالغة نحو 32.9 % من جملة سيولة البورصة. وحصد قطاع الخدمات المالية نحو 11.3 % من القيمة الرأسمالية للبورصة وعلى نحو 30.1 % من سيولتها، أي أن مساهمته في السيولة 2.7 ضعف مساهمته في القيمة الرأسمالية، ما يعني ارتفاع كبير في مستوى سيولته. بينما كان قطاع الاتصالات ثالث أكبر المساهمين بنحو 7.1 % من قيمة شركات البورصة، وحاز على نحو 3.4 % من سيولتها.
ولو قبلنا بربحية الشهور التسعة الأولى من عام 2024 مؤشراً على ربحية العام بكامله لـ 138 شركة مشتركة ما بين الفترتين، نلاحظ ارتفاعاً في مستوى الربحية بحدود 3.8 % ببلوغها نحو 2.126 مليار دينار كويتي مقارنة بنحو 2.047 مليار دينار كويتي للفترة نفسها من عام 2023، أي أن مسار الربحية الصاعد موافق لمسار المؤشر. وبلغ عدد الشركات الرابحة نحو 113 شركات من أصل 138 شركة أعلنت بياناتها المالية، حيث حققت الشركات الرابحة نحو 2.168 مليار دينار كويتي، خصم منها نحو 41.9 مليون دينار كويتي مثلت نصيب خسائر 25 شركة.
وساهم قطاع البنوك بنحو 58.6 % من أرباح البورصة المطلقة، تلاه قطاع الخدمات المالية بنحو 11.5 % من الأرباح، وشارك 11 قطاعاً من أصل 13 قطاعاً ناشطاً بالباقي أو 29.9 % من تلك الأرباح المطلقة. وعلى مستوى الشركات، كان أكبر المساهمين في أرباح البورصة "بيت التمويل الكويتي" الذي حقق أرباحاً مطلقة بنحو 482.9 مليون دينار كويتي، يليه "بنك الكويت الوطني" بنحو 457 مليون دينار كويتي. بينما حققت شركة "مجموعة عربي القابضة" خسائر هي الأعلى بنحو 9.9 مليون دينار كويتي، تلتها شركة "مراكز التجارة العقارية" بخسائر بنحو 5.5 مليون دينار كويتي.
وعند تحليل مؤشرات الأداء المالي للشركات المدرجة طبقاً لآخر البيانات المتوفرة والمحسوبة على أساس سنوي ومقارنتها مع نهاية عام 2023 وفقاً للجدول المرفق، نلاحظ أن مؤشر مضاعف السعر إلى الربحية للسوق (P/E) بلغ نحو 14.9 ضعف مقارنة بنحو 14.5 ضعف. وبلغ مؤشر السعر إلى القيمة الدفترية (P/B) نحو 1.6 ضعف مقارنة بنحو 1.4 ضعف. وارتفع معدل العائد على حقوق المساهمين (ROE) إلى نحو 10.2 % مقارنة بنحو 8.9 %، وارتفع كذلك معدل العائد على إجمالي الأصول (ROA) إلى نحو 1.7 % مقارنة بنحو 1.5 % في نهاية عام 2023.
أرباح 9 أشهر متوفرة محسوبة على أساس سنوي.
بعد استبعاد الشركات التي حققت خسائر.
نعتقد أن أداء البورصة في عام 2025 سوف يغلب عليه تأثير العوامل السلبية على المستوى العالمي والإقليمي والمحلي، على المستوى العالمي الكل يترقب سياسات الإدارة الأمريكية الجديدة، فهناك تهديد لها ببدء حرب تجارية ربما تشمل كل شركائها التجاريين، مع وعد آخر بالضغط على أسعار النفط إلى الأدنى، إن تحققت تلك التوقعات سوف تكون لها تداعياتها الاقتصادية على كل مستوى. وعلى مستوى الإقليم، هناك ساحات العنف الجيوسياسي في كل مكان، وقد يزيد ذلك العنف وقوداً الموقف الأمريكي المتشدد المحتمل من تسويات الشرق الأوسط ومقابل إيران، وقد يزيده الضغوط السلبية على إنتاج وأسعار النفط. وعلى المستوى المحلي، سوف يتوسع العجز المالي مع كل ضغط إلى الأدنى على إيرادات النفط، وواضح من قرارات أوبك+ أن سوق النفط لن يكون داعماً في عام 2025.
ويظل كل ما ذكرناه قابل للتغيير، فالعامل الأساس في التوقعات هو القرارات البشرية، وقد يحكم المنطق تلك القرارات إن كانت التداعيات تمس كل الأطراف. فالضغط على النمو الأمريكي والعودة إلى السياسات النقدية المتشددة وضغوط تكلفة الصراعات الجيوسياسية قد تؤدي إلى تغيير في اتجاه تلك القرارات، ومعها قد تعود معظم البنوك المركزية إلى سياسات خفض أسعار الفائدة من أجل تحفيز النمو، وقد يحظى العالم بمساحة سلام أوسع، فرصة التحول في تلك القرارات أدنى، ولكنها محتملة.
5.الأداء الأسبوعي لبورصة الكويت
كان أداء بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي (3 أيام عمل بمناسبة عطلة رأس السنة الميلادية) مختلطاَ، حيث انخفض مؤشر كل من قيمة الأسهم المتداولة، كمية الأسهم المتداولة وعدد الصفقات المبرمة، بينما ارتفعت قيمة المؤشر العام (مؤشر الشال). وكانت قراءة مؤشر الشال (مؤشر قيمة) في نهاية تداول يوم الثلاثاء الماضي قد بلغت نحو 636.2 نقطة، بارتفاع بلغت قيمته 4.7 نقطة ونسبته 0.7 % عن إقفال الأسبوع الماضي، وظل مرتفعاً بنحو 34.5نقطة أي ما يعادل 5.7 % عن إقفال نهاية عام 2023.