التعليق على أداء الاسواق
شهدت الأسواق العالمية خلال الأسبوع المنتهي في 22 ديسمبر، تطورات هامة، حيث شكلت البيانات الاقتصادية الأساس الرئيسي للتوقعات المستقبلية. ففي الولايات المتحدة، سجل التضخم زيادة هامشية، إذ ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي بنسبة 0.1 % على أساس شهري وبنسبة 2.8 % على أساس سنوي في نوفمبر، مما أبقى توقعات التضخم مستقرة. في ذات الوقت، ارتفع الإنفاق الشخصي بنسبة 0.4 %، بينما نما الدخل المتاح بنسبة 0.3 %. وأظهر الدولار الأمريكي قوة نسبية، إذ وصل مؤشر الدولار إلى نحو 108.54 بدعم من قرار الفدرالي بخفض الفائدة ومن النمو الاقتصادي القوي في ظل ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 3.1 %. كما ارتفعت عائدات سندات الخزانة، إذ تجاوز عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات 4.5 %. وعلى صعيد الأسهم، شهدت الأسواق تزايد العمليات البيعية، إذ تراجع مؤشر ستاندرد أند بورز 500 بنسبة 3.0 %، وانخفض مؤشر ناسداك بنسبة 3.6 %. وفي أوروبا، أعلن البنك المركزي الأوروبي عن خفض أسعار الفائدة بنسبة 0.25 %، مما أدى إلى تراجع مخاوف التضخم، في حين هبط اليورو إلى أدنى مستوياته المسجلة ليصل إلى 1.034 دولار. أما في المملكة المتحدة، فقد قرر بنك إنجلترا الإبقاء على سعر الفائدة عند 4.75 % في ظل استقرار التضخم عند 2.6 % على أساس سنوي. من جهة أخرى، انخفضت قيمة الين الياباني إلى 157.9 مقابل الدولار الأمريكي بعد النبرة التيسيريه التي تباناها البنك المركزي. وشهدت السلع تحركات متباينة، إذ وصل الذهب إلى نحو 2,600 دولار للأونصة، بينما تراجع سعر مزيج خام برنت إلى 72 دولار للبرميل بسبب مخاوف الطلب. وتواصل الأسواق العالمية التفاعل مع تغيرات السياسة النقدية للبنوك المركزية، مما يعكس تفاؤلاً حذراً في مواجهة التحديات الاقتصادية المستمرة.
القطاع الخاص الأمريكي ينمو بأسرع وتيرة
ارتفع مؤشر مديري المشتريات المركب لمؤشر ستاندرد أند بورز جلوبال إلى 56.6 في ديسمبر 2024، مقابل 54.9 في نوفمبر، مسجلاً أقوى معدل نمو للقطاع الخاص منذ مارس 2022. وشهد قطاع الخدمات زيادة ملحوظة، إذ وصلت قراءة المؤشر إلى 58.5 (أعلى مستوى منذ أكتوبر 2021)، بينما تراجع قطاع التصنيع إلى 48.3 (أدنى المستويات المسجلة في ثلاثة أشهر). وتعزى هذه الزيادة إلى تحسن الطلب، حيث سجلت الطلبات الجديدة أسرع وتيرة نمو منذ أبريل 2022، في ظل نمو التوظيف لأول مرة منذ خمسة أشهر. وتراجعت الضغوط التضخمية بشكل عام، على الرغم من ارتفاع تكاليف مدخلات التصنيع. ووصل تفاؤل الأعمال إلى أعلى مستوياته المسجلة في عامين ونصف، مدفوعاً بالتوقعات الإيجابية في ظل الإدارة القادمة للرئيس ترامب.
مبيعات التجزئة تتخطى التوقعات
ارتفعت مبيعات التجزئة الأمريكية بنسبة 0.7 % على أساس شهري، متجاوزة التوقعات التي كانت تشير إلى 0.6 %. كما تم تعديل قراءة أكتوبر ورفعها إلى 0.5 %. إلا أن المبيعات الأساسية، التي تستثني السيارات والغاز، نمت بنسبة 0.2 % فقط، بما يتسق مع قراءة أكتوبر، إلا انها كانت أقل من التوقعات. من جهة أخرى، انخفض الإنتاج الصناعي بنسبة 0.1 %، مسجلاً ثالث انخفاض على التوالي، لكنه كان أفضل من معدل الانخفاض المسجل في الشهر السابق والذي بلغ 0.4 %. وشهد قطاع التصنيع انتعاشاً متواضعاً، إذ ارتفع بنسبة 0.2 % بعد انكماشه بنسبة 0.7 % في أكتوبر
الفيدرالي يخفض الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس
قام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة القياسية بمقدار 25 نقطة أساس، ليصل إلى نطاق 4.25-4.5 %، مسجلاً الخفض الثالث على التوالي في دورته الحالية. إلا أن أعضاء اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة أشاروا إلى تباطؤ وتيرة التيسير النقدي العام المقبل، حيث يتوقع صانعو السياسة خفض سعر الفائدة مرتين بمقدار ربع نقطة في العام 2025، بدلاً من ثلاث مرات التي توقعها بعض الاقتصاديين في السابق. كما تم رفع تقديرات التضخم، الأمر الذي يعكس زيادة المخاوف بشأن استقرار الأسعار، بينما ارتفع تقدير سعر الفائدة المحايد لمسؤولي الاحتياطي الفيدرالي إلى 3 %. وأوضح الرئيس جيروم باول أن موقف السياسة أصبح الآن "أقل تقييداً بشكل ملحوظ"، مما يتيح إجراء تعديلات حذرة في ظل استمرار استقرار التضخم ومخاطر سوق العمل التي بدأت في التراجع.
الاقتصاد الأمريكي يسجل نمواً بنسبة 3.1 % في الربع الثالث
نما الاقتصاد الأمريكي بمعدل سنوي قدره 3.1 % في الربع الثالث من العام 2024، متجاوزاً التقدير الثاني البالغ 2.8 % وأعلى من النمو المسجل في الربع الثاني من العام الذي بلغ 3 %، مسجلاً بذلك أقوى معدل توسع اقتصادي هذا العام. وارتفع الإنفاق الشخصي بنسبة 3.7 %، في أسرع وتيرة يتم تسجيلها منذ الربع الأول من العام 2023، مدفوعاً بزيادة استهلاك السلع بنسبة 5.6 % والإنفاق القوي على الخدمات (بنسبة 2.8 %). كما نما الاستثمار الثابت بنسبة 2.1 %، مع ارتفاع الاستثمار في المعدات بنسبة 10.8 %، بينما انخفضت الاستثمارات المهيكلة (بنسبة -5 %) والاستثمار السكني (بنسبة -4.3 %). من جهة أخرى، ارتفع الإنفاق الحكومي بنسبة 5.1 %، وساهم صافي التجارة بمعدل أقل سلباً، إذ ارتفعت الصادرات والواردات بنسبة 9.6 % و10.7 %، على التوالي.
الإنفاق الاستهلاكي يكتسب زخماً
ارتفعت نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 0.4 % في نوفمبر 2024 بدعم من نمو الإنفاق على السلع بنسبة 0.7 %، على خلفية زيادة الطلب القوي على السيارات والمنتجات الترفيهية. ونما الإنفاق على الخدمات بشكل متواضع بنسبة 0.1 %، مع مساهمة خدمات الرعاية الصحية والترفيه في تعزيز هذه المكاسب. وارتفع مؤشر أسعار نفقات الاستهلاك الشخصي بنسبة 0.1 % على أساس شهري، ليحافظ على معدل سنوي ثابت قدره 2.4 %. كما ارتفع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي، الذي يستثني تكاليف الغذاء والطاقة، بنسبة 0.1 % على أساس شهري و2.8 % على أساس سنوي. من جهة أخرى، ارتفع كل من الدخل الشخصي والدخل المتاح بنسبة 0.3 %، مما يعكس مرونة نشاط المستهلك في ظل الضغوط التضخمية المستقرة.