
تشهد صناعة الغاز المسال في الكويت اهتمامًا وتطورًا منذ سبعينيات القرن الماضي، مع سعي البلاد إلى توفير احتياجاتها من الغاز محليًا؛ خصوصًا لصناعة الكيماويات، ومع ذلك فهي لا تزال مستوردًا مهمًا له.
وتمتلك الكويت 5 خطوط لإسالة الغاز الطبيعي بقدرة إجمالية تصل إلى نحو 3.12 مليار قدم مكعبة يوميًا، بالإضافة إلى 332 ألف برميل من المكثفات يوميًا، مع تخطيط البلاد لإنشاء خط سادس للغاز المسال.
وتستهدف إستراتيجية الكويت 2040، زيادة إنتاج الغاز المستخرج من حقول النفط والغاز المستقبلية، سواء الغاز المصاحب أو غير المصاحب، بهدف تقليل استيراد ذلك الوقود الأحفوري.
ونحن هنا بصدد استعراض قصة تاريخية عن بدء صناعة الغاز المسال في الكويت وصولًا إلى إنشاء الخط الخامس الذي يوصف بأنه ثاني أكبر مشروعات شركة البترول الوطنية الكويتية، خلفًا لمشروع الوقود البيئي.
3 خطوط لإنتاج الغاز المسال
مع اقتراب عام 1976 من نهايته، وضعت الكويت حجر الأساس لأول مصنع غاز مسال في مصفاة ميناء الأحمدي التابعة لشركة نفط الكويت المحدودة في ذلك الوقت.
وبعد نحو عامين من الإنشاء، بدأ المصنع العمل بتشغيل 3 خطوط أساسية لإسالة الغاز الطبيعي، ملحق بهما مستودع خزانات للغاز المسال الجنوبية بمصفاة ميناء الأحمدي.
واتجهت الكويت بعد تدشين المصنع إلى تنفيذ تجارب لاستعمال الغاز المسال المنتج بوصفه وقودًا للسيارات، عبر إدخال بعض التعديلات الميكانيكية على السيارات، ولكن تقرر بعد إجراء بعض الاختبارات التخلي عن الفكرة لعدم جدواها اقتصاديًا بسبب درجات الحرارة العالية.
وبحلول عام 1983، وصلت الطاقة الإجمالية لإنتاج الخطوط الـ3 إلى 505 ملايين قدم مكعبة من الغاز يوميًا، بالإضافة إلى 40 ألف برميل من المكثفات يوميًا لكل منها.
ويُشار إلى أنه في أوائل الثمانينيات، نفّذت الكويت إعادة هيكلة بالقطاع النفطي، تضمّنت تأسيس مؤسسة البترول الكويتية في عام 1980، وانضمام مصفاة ميناء الأحمدي ومصنع الغاز المسال بشكل إداري إلى شركة البترول الوطنية الكويتية عام 1981.
الغزو العراقي
تسبّب الغزو العراقي للكويت الواقع عام 1990، في تعرض اقتصاد البلاد لخسائر كبيرة بمختلف القطاعات؛ وفي مقدمتها قطاع النفط وتسببه في أضرار كبيرة وغير مسبوقة في العديد من المنشآت النفطية.
ومن بين تلك المنشآت، ما تعرض له مصنع الغاز المسال في الكويت لعمليات تخريب كبيرة خلال الغزو العراقي، وتسبب ذلك في توقف المصنع عن العمل.
وبعد تحرير الكويت من الغزو العراقي عام 1991، نفّذت عمليات إصلاح وإعادة بناء لمصنع الغاز المسال، ليعود الخط الأول للعمل في أبريل 1992، ليلحق به الخط الثالث ويعود للإنتاج مرة أخرى في أكتوبر من العام نفسه.
وبعد ذلك شهد شهر مايو1993، إعادة تشغيل مصنع الغاز المسال في الكويت بكامل طاقته الإنتاجية بعد إعادة تشغيل خط الغاز الثاني.
توسعات مصنع الغاز المسال
شهد مصنع الغاز المسال في الكويت توسعات بإضافة خط رابع للمنشأة الموجودة بمصفاة ميناء الأحمدي بدأ التشغيل في عام 2015، وفق المعلومات التاريخية التي اطلعت عليها وحدة أبحاث الطاقة.
وبلغت القدرات الإنتاجية لخط الغاز المسال الرابع نحو 805 ملايين قدم مكعبة يوميًا، بالإضافة إلى 106 آلاف برميل يوميًا من المكثفات.
وبناءً على ما سبق، ارتفعت الطاقة الإنتاجية الإجمالية لمصنع الغاز المسال في الكويت إلى 2.32 مليار قدم مكعبة يوميًا، بالإضافة إلى 226 ألف برميل يوميًا من المكثفات.
أحدث خطوط الغاز
في مارس2022، نجحت الكويت في تشغيل الخط الخامس بمصنع إسالة الغاز بمصفاة ميناء الأحمدي بعد أن استغرق بناؤه نحو 6 سنوات.
وكانت الكويت قد وقّعت، في عام 2015، مع شركة تكنيكاس ريونيداس (Técnicas Reunidas) الإسبانية عقد إنشاء خط الغاز المسال الخامس، بتكلفة استثمارية وصلت إلى 428 مليون دينار (1.389 مليار دولار).
وجاء إنشاء خط الغاز المسال الخامس بهدف تعزيز الطاقة الإنتاجية للغاز المسال والمكثفات لاستغلال الغاز الناتج عن عمليات الاستكشاف والإنتاج الجديدة من الحقول؛ إذ يعمل على معالجة الغاز المنتج من حقول شركة نفط الكويت والشركة الكويتية لنفط الخليج.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية للخط الخامس بمصنع الغاز المسال في الكويت نحو 805 ملايين قدم مكعبة يوميًا، ونحو 106 آلاف برميل من المكثفات يوميًا.
وارتفعت الطاقة الإجمالية لمصنع الغاز المسال في الكويت بعد تشغيل الخط الخامس إلى 3.125 مليار قدم مكعبة من الغاز، و332 ألف برميل يوميًا من المكثفات.
ومن بين منتجات الخط الخامس للغاز المسال، تأتي غازات الميثان والإيثان والبروبان والبيوتان والبنزين الطبيعي، وهي الغازات التي تُعَد مهمة للعديد من الصناعات البتروكيماوية.
كما يتضمّن مصنع الغاز المسال في الكويت وحدة معالجة لإنتاج غاز الوقود النظيف، تخدم الخطين الرابع والخامس، إذ تقوم بتقليل نسبة غاز كبريتيد الهيدروجين من 2400 جزء في المليون إلى 50 جزءًا في المليون.
ويشار إلى أنه في أثناء بناء خط الغاز الخامس استُعمل نحو 3.67 مليون متر من الأنابيب، وهو ما يعادل المسافة بين الكويت وإيطاليا تقريبًا.
أهم مستورد للغاز
رغم خطوط الغاز المسال في الكويت وامتلاكها احتياطيات من الغاز الطبيعي؛ فإنها تُعَد دولة مستوردة لذلك الوقود الأحفوري؛ إذ لا يكفي المستخرج من الحقول وما تنتجه خطوط الغاز المسال استهلاكها المحلي.
وبحسب منظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول "أوابك"، تُعَد دولة الكويت هي السوق الأهم والأكبر في منطقة الشرق الأوسط فيما يتعلق بواردات الغاز المسال خصوصًا بعد تشغيل مرفأ الاستقبال البري في منطقة الزور خلال عام 2021، بطاقة تصميمية تصل إلى 22 مليون طن سنويًا.
وخلال المدة من يناير حتى نهاية يوليو2023، بلغت واردات الكويت من الغاز المسال نحو 3.46 مليون طن متري (4.7 مليار متر مكعب)، بحسب بيانات موقع "إس آند بي غلوبال كوميديتي إنسايتس".
وقفزت واردات الكويت من الغاز الطبيعي المسال إلى 8.4 مليار متر مكعب خلال العام الماضي، مقابل 7.7 مليار متر مكعب في عام 2021، و5.7 مليار متر مكعب في 2020، بحسب بيانات معهد الطاقة البريطاني.
وجاء ذلك مع ارتفاع استهلاك الكويت من الغاز الطبيعي خلال العام الماضي إلى 21.8 مليار متر مكعب، مقابل 19.8 مليار متر مكعب في عام 2021، وفق ما رصدته وحدة أبحاث الطاقة.
وفي المقابل، عاد إنتاج الكويت من الغاز الطبيعي إلى الارتفاع ليبلغ نحو 13.4 مليار متر مكعب عام 2022، بعد تراجعه على مدار 3 أعوام متتالية (2019-2021)؛ إذ سجل في 2021 نحو 12.1 مليار متر مكعب، وفي 2020 بلغ 12.2 مليار متر مكعب، بينما سجل في 2019 نحو 13.3 مليار متر مكعب.
ومع ذلك لم يصل إنتاج الكويت من الغاز، خلال العام الماضي، إلى الرقم الذي سجّله عام 2018 والبالغ نحو 16.9 مليار متر مكعب وهو أعلى مستوى تاريخي للغاز الكويتي، وفقًا لبيانات معهد الطاقة.
ووفقًا لبيانات أويل آند غاز جورنال، استقرت احتياطيات الغاز الطبيعي لدى الكويت عند رقم 63 تريليون قدم مكعبة بنهاية 2022.