
أكد تقرير "الشال" الاقتصادي الأسبوعي أن ديوان المحاسبة -ومعه زميله بنك الكويت المركزي- من المؤسسات النادرة التي لازالت تمثل نقطة ضوء تستحق الدعم والإشادة، وتقرير "المواطن" الذي يصدره الديوان سنوياً هو إسم على مسمى، والتميز هنا كامن في استقلالية الديوان وصراحته في مخاطبة المواطن. فتقرير المواطن 2020، يحمل أهم هموم الوطن والمواطن، أي الفساد والهدر وغياب الربط والتنسيق بين الجهات الحكومية، ورغم فاعلية رقابته، يظل من المؤسسات النادرة التي تحقق وفراً على المالية العامة وإن بشكل غير مباشر. وبلغ ما وفرته من وقف هدر وفساد في أربع سنوات مالية، نحو 1.1 مليار دينار كويتي، وفي السنة المالية 2019/2020 وفرت 8.7 دينار كويتي مقابل كل 1 دينار كويتي أنفق عليها، ونأمل ألا يصبح الديوان ضحية سلامة عمله كما كان حال مؤسسات أخرى.
في ثلاث شهور ونصف الشهر، أو ما بين منتصف شهر مارس 2020 ونهاية شهر يونيو 2020، درس الديوان 827 موضوعاً، بلغت تكلفتها نحو 1.4 مليار دينار كويتي، كانت نتيجة الدراسة وفر على الخزينة العامة بنحو 44.4 مليون دينار كويتي. ودرس فريقه للحالات الطارئة لقطاع الرقابة المسبقة 550 موضوعاً، 46 % منها مرتبطة بالجائحة، والباقي 54 % لموضوعات طارئة أخرى، تم تمرير 64 % منها، وكان 3 % منها مخالفة، و13 % رفضت، و20 % تم سحب أوراقها. ويورد بعض الأمثلة على تخبط، وربما شبهة فساد، لبعض تلك المواضيع التي تم درسها، فوزارة الصحة، قدمت طلباً لشراء مستلزمات صحية، من ضمنها قناع واقي للوجه، وتم تقديم ثلاث أرقام للمخزون منه، الأول من وزارة الصحة بوجود عدد 200 ألف قناع، والثاني من وزارة الصحة أيضاً بعدد صفر قنـاع، والثالـث مـن الأمانـة العامـة لمجلس الوزراء بوجود عدد 300 ألف قناع، كلها عن نفس المخازن. والمثال الآخر يجعل وزارة الصحة أرحم، حيث قدمت وزارة الصحة طلباً لشراء 200 ألف عبوة معقم بحجم 500 مل بسعر الواحدة 880 فلس، وقدمت وزارة الدفاع طلب لشراء نفس الكمية ونفس النوعية، ولكن بسعر الواحدة 2,950 دينار كويتي. والوزارتان ضمن نفس مجلس الوزراء، وفي ظل جائحة تتطلب التنسيق الدائم بين وزاراتها، وتحت ضغط شديد من حريق السيولة، ولولا الديوان لمرت صفقتان بمثل هذا التفاوت في الأسعار. ويفصح الديوان بأن الجهات تحت رقابته خسرت في أربع سنوات مالية قضايا بأحكام نهائية بأكثر من 120 مليون دينار كويتي، وأن القضايا المرفوعة عليها تبلغ قيمة مطالباتها نحو 333 مليون دينار كويتي، ويعزو السبب إلى غياب قاعدة المعلومات وغياب الربط والتنسيق مع إدارة الفتوى والتشريع.
ثم يسمي الديوان هدف رئيسي يستحق مواجهته بكل قوة، أي آفة الفساد، ويذكر مساوئ تلك الآفة الاقتصادية والسياسية والإجتماعية، وفي تشخيص صحيح لها، يذكر مثلاً عن كم كان فاضحاً وغبياً فساد ضيافة وزارة الداخلية. ويعرج أيضاً وبتشخيص صحيح حول أزمة المالية العامة، من أحادية مصدر الدخل غير المستدام، إلى ضرورة ترشيد الإنفاق، فالإيراد في انخفاض متصل، والمصروفات في ارتفاع متصل، والعجز إلى أرقام قياسية. جهد مقدر، لا نملك سوى تقديم كل الشكر لكل من ساهم به، فالأصل في مؤسسات العامة هو أن تكون مؤسسات دولة، وليس مؤسسات واحد من فروعها لا يجيد أبجديات العمل، وللموقف حتماً ثمن، يدفعه الصالح من المؤسسات للأسف.
سيولة بورصات الخليج – الربع الأول 2021
ارتفع إجمالي سيولة بورصات الخليج السبع من مستوى 92.3 مليار دولار في الربع الأول من عام 2020، إلى مستوى 221.1 مليار دولار أمريكي في الربع الأول من عام 2021، أي حقق نمواً بحدود 139.5 %، ومعظم الفارق الكبير لارتفاع السيولة جاء من ارتفاع السيولة المطلقة للسوق السعودي. وارتفاع السيولة كان شاملاً لغالبية البورصات السبع، حيث حققت خمس أسواق ارتفاعات، وبعضها كبيرة، بينما حقق سوقان انخفاضاً في مستوى السيولة.
أعلى ارتفاع نسبي في السيولة كان من نصيب سوق أبوظبي وبحدود 401.7 % مقارنة بسيولة الربع الأول من عام 2020، وحقق مؤشره مكاسب هي الأعلى في الإقليم وبحدود 17.2 %. ثاني أعلى ارتفاعا نسبي حققه السوق السعودي وبنحو 155.5 %، ذلك الارتفاع في مستوى السيولة نتج عنه مكاسب لمؤشره بنحو 14 %، أي ثاني أعلى الأسواق ارتفاعاً في مؤشر الأسعار. وحققت بورصة قطر ثالث أعلى ارتفاع نسبي وبنحو 67.2 %، ولكن مؤشرها خالف مسار السيولة وحقق انخفاضاً طفيفاً وبنحو -0.3 %. وكانت بورصة الكويت رابع الأسواق التي ارتفعت سيولتها وبنحو 8.9 %، ومؤشرها العام ارتفع بنسبة 4.1 %. وآخر الأسواق ارتفاعاً في السيولة كان سوق دبي وبنسبة 8.6 %، ومؤشره أيضاً وافق مسار سيولته وحقق مكاسب بنحو 2.3 %.
وأكبر انخفاض نسبي في السيولة حققه سوق مسقط بفقدان سيولته خلال الفترة نحو -16.3 %، ومؤشره خالف مسار سيولته وارتفع بنحو 1.4 %. والانخفاض الآخر في السيولة حققته بورصة البحرين التي فقدت سيولتها خلال الفترة نحو -5.1 % عن مستواها للفترة ذاتها من عام 2020، ومؤشرها حقق خسائر هي الأعلى وبنحو -2.1 %. ذلك يعني أن خمس أسواق في الإقليم كانت في توافق بين حركة السيولة وحركة المؤشرات، بينما سوقان آخران خالف فيها مسار السيولة مسار المؤشرات.
ومسار سيولة وأسعار بورصات الخليج في الربع الأول من العام الجاري يتفق وتوقعاتنا لها، فقد تعرضت تلك البورصات في عام 2020 لضغوط ناتجة عن سقوط سوق النفط وجائحة "كورونا"، ومع بعض الإنفراج لكليهما، يفترض أن تعوض تلك البورصات بعض التفاوت الذي خلق فجوة واسعة بينهما وبين بورصات العالم الرئيسية.
أداء الاقتصاد العالمي
يبدو من قراءة تقرير شهر أبريل الجاري لـ "صندوق النقد الدولي" حول توقعات الاقتصاد العالمي، أنه تقرير متفائل، وهو أمر طيب، فهو يخفض من خسارة الناتج المحلي الإجمالي العالمي في عام 2020 من -4 % في تقرير شهر يناير، إلى -3.3 %. الأهم، هو أن التقرير يتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي في عام 2021 بنحو 6 %، ويتبعها بنحو 4.4 % في عام 2022، ذلك يعني أن الاقتصاد العالمي سوف يبدأ عام 2022 بنفس حجمه في عام 2019، بينما كان الإعتقاد السابق هو أنه سوف يستعيد حجمه في عام 2019 مع بداية عام 2023.
بالمطلق تلك أخبار جيدة، ولكنها ليست تماماً كذلك حين البحث في تفاصيلها، فهناك من يتوقع أن يكون شكل النمو الجديد القادم مماثل لحرف (K) باللغة الإنكليزية، فالدول التي أدارت أزمة الجائحة بشكل جيد، سوف تضاعف من معدلات نموها، والدول التي فشلت في إدارة إقتصادها في زمن الجائحة، سوف تخسر، مماثلاً لإتجاهي الجزء الأيمن من حرف الـ (K).
أكبر اقتصادات العالم، أو الاقتصاد الأمريكي، المرجح أن يصرف 4 تريليون دولار أمريكي خلال السنوات القليلة القادمة على البنى التحتية والتعليم والتقدم الصناعي، يقدر له الصندوق أن يحقق نمواً في عام 2021 بنحو 6.4 %. تلك سابقة ما كان لها أن تتحقق لولا مؤشرات على جهد ضخم تقوم به إدارة "بايدن"، بدءاً بمواجهة الجائحة، حيث باتت التوقعات أن يفتح الاقتصاد تماماً بحلول 4 يوليو 2021، أو بتوجيه تلك الأموال الضخمة إلى مقاصدها الناجعة. ذلك ينطبق وإن بدرجة أقل على كل الاقتصادات الرئيسية المتقدمة، فكلها مقدر لها أن تحقق معدلات نمو في عام 2021 أعلى من 4 %، بإستثناء ألمانيا المقدر لها تحقيق 3.6 %.
وينطبق أيضاً على الاقتصادات الناشئة الكبرى، فالصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم، وهو الاقتصاد الكبير الوحيد الذي لم يحقق نمواً سالباً في عام 2020، (+2.3 %)، من المقدر له أن يحقق نمواً بنحو 8.6 % في عام 2021، ونحو 5.6 % في عام 2022.
والاقتصاد الكبير الناشئ الآخر، أو الاقتصاد الهندي، من المقدر له أن ينمو بنحو 12.5 % في عام 2021، ويتبعها بنمو بنحو 6.9 % في عام 2022.
نستخلص من التقرير أمران في غاية الأهمية، الأول، هو أن اتجاهات النمو في الاقتصاد العالمي لن تكون متكافئة، بمعنى أن التباعد في مستويات الدخل بين الدول سوف يتزايد لصالح الاقتصادات الكبرى بديلاً لنمو أكثر عدالة ومعه عالم أكثر استقرار. الأمر الثاني، هو أن ما يصنع الفارق في الأداء هو الإدارة، الإدارة هي العامل الأهم في الظروف العادية، وتتضاعف أهمية حصافتها في ظروف الأزمات، والمثال الأمريكي لا يحتاج أفضل دليل، والمثال الكويتي المعاكس لا يحتاج إلى دليل أيضاً.
الأداء المقارن لأسواق مالية منتقاة– مارس 2021
كان أداء شهر مارس موجباً لغالبية الأسواق المنتقاة، حيث حقق خلاله 11 سوقاً مكاسب بينما حققت 3 أسواق خسائر مقارنة مع أداء مماثل في شهر فبراير. وبانتهاء شهر مارس، انتهى الربع الأول من العام الجاري بحصيلة إيجابية أيضاً، حيث حقق خلاله 11 سوقاً مكاسب مقارنة أيضاً بمستويات مؤشراتهم في نهاية العام الفائت، بينما حققت 3 أسواق خسائر مع انتهاء الربع الأول 2021.
أكبر الرابحين في شهر مارس كان السوق الألماني بمكاسب بحدود 8.9 %، لترتفع مكاسبه منذ بداية العام إلى نحو 9.4 %، ولكن مكاسبه كانت أدنى من سوقي أبوظبي والسعودية عند مقارنة مكاسب كل الربع الأول مع مستويات نهاية العام الفائت. ثاني أكبر الرابحين خلال مارس كان السوق السعودي بنحو 8.3 %، ليصبح ثاني أكبر الرابحين منذ بداية العام بنحو 14 %. تلاهما في الارتفاع السوق الأمريكي بنحو 6.6 %، لتصبح جملة مكاسبه منذ بداية العام بنحو 7.8 %. ويلحقهم في مكاسب مارس السوق الفرنسي بنحو 6.4 %، ومن ثم سوق أبوظبي بنحو 4.4 %، ولكنه يحتل المرتبة الأولى ضمن أسواق العينة مع نهاية الربع الأول بمكاسب بلغت 17.2 %. وحقق المؤشر العام لبورصة الكويت مكاسب خلال شهر مارس بنحو 2.2 %، ليرفع مكاسبه منذ بداية العام إلى نحو 4.1 %.
الخاسر الأكبر في شهر مارس كان السوق الصيني الذي فقد مؤشره نحو -1.9 %، هذه الخسائر أدت إلى انتقالـه للمنطقـة السالبـة بخسائـر منـذ بدايـة العام بنحو -0.9 %. ثاني أكبر الخاسرين كانت بورصة البحرين بخسائر بحدود -0.6 % فـي شهر واحد، وخسائر بنحو -2.1 % هي الأعلى مقارنة مع نهاية عام 2020. تلاهمـا في الانخفاض، سوق دبي بخسائر طفيفة بلغت -0.1 %، ليصبح ثاني أقل الرابحين منذ بداية العام بنحو 2.3 %.
وقيادة كلاً من سوق أبوظبي وسوق السعودية لمكاسب الأسواق في الربع الأول يوحي بأن الأفضلية في الأداء في شهر أبريل سوف تستمر لأسواق الإقليم، ومن المفترض أن تشاركهما بورصة الكويت لولا خطايا السياسة المالية والإحتقان السياسي.
الأداء الأسبوعي لبورصة الكويت
كان أداء بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي أكثر نشاطاً، حيث ارتفع مؤشر قيمة الأسهم المتداولة وقيمة المؤشر العام (مؤشر الشال)، بينما انخفض مؤشر كمية الأسهم المتداولة وعدد الصفقات المبرمة. وكانت قراءة مؤشر الشال (مؤشر قيمة) في نهاية تداول يوم الخميس الماضي قد بلغت نحو 521.4 نقطة، بارتفاع بلغت قيمته 1.4 نقطة ونسبته0.3 % عن إقفال الأسبوع الماضي، وظل مرتفعاً بنحو 33.6 نقطة أي ما يعادل 6.9 % عن إقفال نهاية عام 2020.