اكدت الجمعية الاقتصادية الكويتية ان التحدي الاساسي الذي يواجه الكويت يكمن في مدى القدرة على استدامه نموذج التنمية الاقتصادية المبني على قيادة القطاع العام لبرامج ومشاريع خطة التنمية من حيث الاستثمار والتمويل وخلق الوظائف، وهو نموذج يصعب الاستمرار به في ظل التحديات الاقتصادية المالية الحالية والمستقبلية، وهو ما يطرح تساؤلا مستحقا عن مدى قدرة الدولة على الاستمرار بالوفاء بالتزاماتها تجاه المواطن ومنها توفير الوظائف والرعاية السكنية وغيرها من الاستحقاقات الاساسية التي نص عليها الدستور؟.
وفي هذا الصدد، تقدمت الجمعية بورقة عمل الإصلاح الشامل في الاقتصاد الكويتي والتي أعدتها لجنة السياسات بالجمعية وقال عبد الوهاب الرشيد - رئيس الجمعية في ظل الأوضاع الاقتصادية و المالية الراهنة والتي تشير بوادرها الى اختلالات كبيره قد تؤدي الى تبعات اقتصادية و اجتماعية خطيرة، بات من الضروري اقرار اصلاحات جاده تنتشل اقتصاد البلد مما يعانيه و التحول من الفلسفة الريعية التي تعتمد على مصدر وحيد ناضب للدخل الى فلسفة جديدة نحو اقتصاد مستدام. ونحن على يقين كأعضاء منتخبين في الجمعية الاقتصادية الكويتية و ممثلين للمجتمع المدني أننا لا نملك رفاهية الوقت كما في السابق و أنه كُلما تأخرنا في الاصلاح تصبح تكلفته عاليه مع مرور الوقت. لذلك تستمر جهودنا في تقديم المبادرات وهو ما يعد من صميم عملنا كجمعية نفع عام و آخرها ورقة الاصلاح الاقتصادي التي اشرفت عليها لجنة السياسات في الجمعية الاقتصادية و قام بإعدادها خبراء ومن خيرة المختصين بالشأن الاقتصادي و المالي. و إننا ندعو اليوم السلطات المسؤولة إلى الوقوف وقفة جادة لتشخيص الخلل ووضع الحلول اللازمه و السمو فوق أي خلاف وتغليب المصلحه العليا للوطن لضمان الديمومه والاستدامه. كما ندعو السلطة التنفيذية ان تشارك الرأي العام برؤاها وتطلعاتها تكريساً لمبدأ الشفافيه عبر حوار وطني شامل و نؤكد على التزامنا بتسخير كافة جهود وامكانات الجمعية الاقتصادية لخدمة الوطن و المواطن.
وشدد مهند الصانع - عضو مجلس ادارة الجمعية بأن فكرة السحب من الاحتياطيات بدون وضع حلول هي عجز بحد ذاتها، ما شهدناه من قرارات تمس مستقبل اجيالنا و قرار مجلس الوزراء التوجه للسحب من الاحتياطي الاجيال سنويا بقيمه 5 مليار دينار كويتي بدون وضع اي خطط و حلول ، بلا شك هو يعتبر بداية دخول النفق الذي حذرنا منه مسبقا و من تبعات التاخير في المعالجه السلبيه التي تزيد التكلفه .. لا توجد اسباب لعدم تعاون الحكومه لتنفيذ الاصلاحات و مواجهة التحديات بحلول اقتصادية.
واصدرنا توصيات لان ما لمسناه من عدم القدره على اتخاذ القرار و توحيد الرأي السليم تتطلب وقفه جادة من الجميع لتحمل مسؤولياتهم و لتوصيل رساله جاده فيها مطالب مستحقه سوف تكون تكلفتها عاليه جدا مستقبلا - الحكومه و المجلس يفوتون فرص ثمينه و يتخلون عن مسؤلياتهم بشكل صارخ.
قال الدكتور نايف الشمري الأستاذ المشارك في قسم الاقتصاد بكلية العلوم الإدارية في جامعة الكويت لا تزال جهود الإصلاح المالي والاقتصادي تسير في اتجاه معقد في ظل وجود ضبابية في دور كل من القطاع العام متمثلاً بالحكومة والقطاع الخاص في النموذج التنموي، فحالة عدم اليقين حول الفائز والخاسر جراء تنفيذ الإصلاح الاقتصادي، والضغوط التي تمارس من قبل معارضة النخبة أو جماعات المصالح الخاصة سواء داخل البرلمان أو خارجه أصبحت تشكل ضغط على صانعي السياسات عند مجرد التفكير في الإصلاح. وقد جاءت مبادرة الجمعية الاقتصادية لتعزز المسؤولية الاجتماعية اتجاه مسار الإصلاح المالي والاقتصادي في الكويت وذلك في ظل عدم وجود الإرادة السياسية الجادة من قبل السلطتين التشريعية والتنفيذية نحو الإصلاح بشكله الشامل.
وأضاف د.رياض الفرس أستاذ الاقتصاد في كلية العلوم الإدارية بجامعة الكويت لاشك ان المتتبع للواقع الاقتصادي يعلم بأن الكويت تأخرت كثيرا عن ركب الاصلاح الذي تبنته العديد من الدول ذات الاقتصادات المشابهه لها، ومنها بعض دول الخليج.
فالاصلاح الذي كانت ولازالت تنادي به المنظمات الدولية والمؤسسات المحلية والشخصيات الاقتصادية يبدو انه بعيد عن اهتمامات الحكومة. فالاصلاح الذي تنادي به الجمعية من خلال هذه الورقة هو الإصلاح الشامل، وليس اصلاح مالي فقط كما يحاول البعض الايهام بأن مشكلة الكويت هي مشكلة مالية فقط تتمثل في وجود عجز في الموازنة العامة.
فالمشكلة التي تواجهها الكويت هي مشكلة مركبة تراكمت على مدى عقود من الزمن. فالمشكلة تنبع من ضعف الاداء المؤسسي للحكومة والذي أدى الى وجود جهاز حكومي مترهل ويعمل بكفاءة متدنية. فهذا الضعف المؤسسي انتقل الى بقية قطاعات المجتمع فتراجع ترتيب الكويت في معظم المجالات، ومنها الاقتصاد. لذلك ترا الجمعية أن يتم العمل على المحاور الثلاثة للاصلاح بشكلٍ متوازي، وهي المحور المؤسسي والمحور الاقتصادي والمحور المالي.
ختاماً علق مشاري عبدالجليل - عضو مجلس ادارة الجمعية نعاني في الكويت من أزمة ثقة في القرارات الحكومية، سبق أن حذرنا في أكثر من مناسبة بأن التأخر بإيجاد حلول واقعية لمشاكلنا الاقتصادية سيؤدي إلى أضرار كبيرة على الاقتصاد الكويتي، يجب أن تعي الحكومة و مجلس الأمة من خطورة الوضع القادم، اتمنى أن لا يتم تعليق التخبطات الحكومية على شماعة جائحة كورونا ، الكويت تعيش أزمة اقتصادية دخلنا في سادس سنة عجز فعلي للميزانية و لم نرى أي تحرك حكومي أو نيابي لمعالجة هذه الأوضاع، خير مثال على ذلك تصريح وزير المالية الاخير بخصوص العجوزات المتوقعه للخمسة سنوات القادمة، الغريب بالامر ان الدولة مُقرة في الاختلالات المالية للهيكل الاقتصادي، ولكن نُفاجأ بأن بند مصروفات الدولة للخمس سنوات القادمة في ازدياد!! ، الازمة ليست فقط ازمة شح سيولة انما ازمة قرارات من حيث عدم تشجيع المواطنين للعمل في القطاع الخاص و التخلي عن دعم المشروعات الصغيرة و المتوسطة و عدم تحرير الاراضي للقطاع الصناعي.كنا نتمنى من وزير المالية عرض برنامج اصلاح اقتصادي بالتعاون مع اجهزة الدولة المختلفة بدلاً من اقتراحات بتسييل اصول صندوق الاجيال القادمة او الاقتراض، هذه حلول سهلة و لكنها خطرة بسبب عدم إيماننا بقدرة الحكومة والمجلس على ادارة هذه الاموال بعد ما استنزفوا الفوائض الماليه للدولة بدون تحرك جاد على مدار عقد من الزمن
أولاً: متطلبات أساسية قبل البدء بالإصلاح :
· تعزيز قدرة الإدارة الحكومية والإدارة الاقتصادية تحديداً بتنفيذ القرار الاقتصادي والإصلاحات ذات الشأن.
· تعزيز ثقة المجتمع بالإجراءات الحكومية من خلال تنفيذ القانون، وعدم دعم ظاهرة الواسطة والمحسوبية خاصة في المناصب القيادية والإشرافية والإدارية.
· محاكمة الفاسدين وتعزيز المسائلة وتفعيل مبدأ الثواب والعقاب .
· محاسبة المسئولين في الجهات ذات المخالفات المالية والإدارية.
ثانياً: مراحل الإصلاح الشامل :
1- الاصلاح المؤسسي
2- الاصلاح الاقتصادي
3- الاصلاح المالي
• أسس نجاح عملية الإصلاح أن يكون هناك أساس مؤسسي وتشريعي قوي.
• تعتبر التكلفة الاقتصادية لتنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي (برامج التنويع الاقتصادي) أقل من تلك المرتبطة في برامج الإصلاح المالي (إصلاحات ضريبية وانشطة الانفاق العام) مما قد يسهل تقبلها اجتماعياً، لذا من الضروري البدء بتنفيذ عمليات الإصلاحات الاقتصادية قبل الإصلاحات المالية.
• تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية لا يمكن أن يكون بمعزل عن الاصلاحات الاجتماعية الأخرى كتحسين التعليم والصحة والبنية التحتية، وهذا كذلك يسهل الانتقال السلس بين مراحل الإصلاح الشامل في الاقتصاد.
ثالثاً: أولويات عملية الإصلاح :
تعتمد عملية الإصلاح على ثلاث فترات زمنية ( تنفيذ فوري، المدى المتوسط، والمدى الطويل) مقسمة بحسب نوع الإصلاح ( مؤسسي، واقتصادي، ومالي):
الإصلاح المؤسسي
التنفيذ الفوري (أقل من سنة)
· دمج المؤسسات الحكومية التي تتشابه مهامها.
• وضع معايير صارمة لتقييم القياديين.
• وقف الرواتب الاستثنائية والمكافآت.
• تعزيز توصيات هيئة النزاهة للقيام بالدور المطلوب منها.
• تفعيل الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد.
• البدء بالإصلاح الشامل للقطاع العام من خلال تبني إلزاماً
•مبادئ الحكم السليم في الأجهزة الحكومية .
المدى المتوسط (1 – 3 سنة)
·القضاء على الإجراءات البيروقراطية.
• رفع مستوى الخدمات الحكومية ورقمنه معاملاتها بشكل شامل.
•بناء آليات التنسيق بين الهيئات الحكومية وتعزيزها.
•بناء قاعدة قوية من القادة في الإدارة العامة.
• تشديد الرقابة على القطاع الخاص للالتزام بتحقيق النسبة المطلوبة لتوظيف العمالة الوطنية.
المدى الطويل (أكثر من 3 سنوات)
• تقليص حجم الحكومة من حيث عدد الجهات وأعداد العاملين.
• إعادة هيكلة القطاع العام ليتوافق مع دور الحكومة كمنظم ومراقب (وليس منتج ومشغل).
الإصلاح الاقتصادي
التنفيذ الفوري (أقل من سنة)
· البدء في برنامج زمني محدد للتخصيص .
• البدء في برنامج زمني محدد لمشاريع الشراكة .
•وضع استراتيجية لسوق العمل لتصويب الاختلالات .
•وضع استراتيجية للصناعة لتشجيع الاستثمار الصناعي والصادرات.
• رفع كفاءة تشغيل مرافق المطار الموانئ والمنافذ البرية لتيسير انسيابة حركة السفر والنقل.
• وضع استراتيجية لتطوير قطاع صناعات المستقبل.
المدى المتوسط (1 – 3 سنة)
•البدء بتنفيذ برامج التخصيص.
•البدء بتنفيذ برامج الشراكة.
• البدء بتنفيذ استراتيجية سوق العمل و استراتيجية الصناعة.
•البدء بتنفيذ المناطق الصناعية الحدودية لدعم الصناعات والصادرات وتسهيل عملية التبادل التجاري تفعيل رؤية المنطقة الشمالية كمركز مالي وتجاري.
المدى الطويل (أكثر من 3 سنوات)
• إعادة صياغة الدور الاقتصادي للقطاع الخاص ليكون مستثمر وممول ومشغل للأنشطة الاقتصادية.
•جعل القطاع الخاص الملاذ الأول لتوظيف المواطنين.
•توزيع أراضي في المناطق الصناعية لتوطين الاستثمار الصناعي وجذب الاستثمار الأجنبي.
• تحرير القطاعات الإنتاجية وتعزيز المنافسة لخفض الأسعار ورفع الجودة وزيادة العرض.
• رفع نسب الاكتفاء الذاتي في قطاعي الزراعة والصناعة.
الإصلاح المالي
التنفيذ الفوري (أقل من سنة)
• إقرار قانون للدين العام.
• إعادة تسعير أملاك الدولة ورسوم الأراضي الصناعية والفضاء.
• تقليص المشتريات والمناقصات العامة غير الضرورية.
• تجميد (مؤقت) للزيادات في الرواتب والأعمال الممتازة.
• وقف المخصصات غير الأساسية للمسئولين.
• رفع القيمة الإيجارية لأملاك الدولة بشكل تدريجي.
• وضع سقف لحجم الإنفاق الحكومي يتناسب مع الإيرادات.
• تبني ميزانية متوسطة الأجل تتوافق مع خطة التنمية.
• تضمين إيرادات الصناديق السيادية في الميزانية العامة.
• إعادة النظر في طرق التحاسب مع مؤسسة البترول.
• وقف الهدر في الإنفاق العام ورفع كفاءته
• ترشيد بنود الاستشارات للجهات للاعتماد على الذات.
المدى المتوسط (1 – 3 سنة)
• تعديل قانون وقواعد إعداد الميزانية العامة.
• تبني مبادئ حديثة في الإدارة المالية (PFM).
• إجراء تقييم لكفاءة الانفاق الحكومي (PER).
• تبني طرق حديثة في المشتريات والمناقصات العامة.
• تطوير نظم وسياسات إدارة أملاك الدولة.
• ربط الرسوم العامة بتكلفة إنتاجها ومدى الاستفادة منها.
• ترشيد الدعم وتوجيهه نحو المستحقين.
• وضع الإطار العام لنظام ضريبي شامل.
• إعادة تنظيم وزارة المالية وتحويلها إلى مدير مالي (CFO).
المدى الطويل (أكثر من 3 سنوات)
• إلغاء تدريجي للدعم وتحرير أسعار الوقود والكهرباء والماء (توفيره للمستحقين فقط).
• تطبيق تدريجي لنظام ضريبي شامل (بشرط توفير بيئة تشريعية وإدارية وفنية) واعفاء محدودي الدخل.
• تحقيق استدامة المالية العامة بضبط النمو في العجز.
• تطبيق ميزانية الخطط والبرامج.
• تقييم أداء الشركات العامة التي تمثل عبئ مالي وإداري على الدولة، واتخاذ قرار بخصخصتها أو إعادة تأهيلها
• رفع السن التقاعدي .
رابعاً: التصورات العامة :
•بعد عقود من محاولات الإصلاح الاقتصادي، لم تنجح جهود عملية الإصلاح في رفع كفاءة الاقتصاد ولا حتى تنويع الاقتصاد ولعل السبب في ذلك مرتبط في آلية اتخاذ القرار لدى صانعي السياسات الاقتصادية في البلاد.
• تبني رؤية الدولة «كويت 2035 « يفترض أن تكون الأساس نحو التغيير وذلك ضمن المعطيات والتغيرات العالمية والمحلية، لذا فإن الحاجة تكمن من خلال توفير المبادرات القيادية التي تحول الرؤية إلى برامج إصلاحية على أرض الواقع.
• الدور المجتمعي مهم جدا في عملية الإصلاح الاقتصادي، لذا لابد أن يدرك المجتمع ابعاد وأسباب واهداف أي سياسة إصلاحية قبل تطبيقها، لذلك فإن القيام بأية قرارات إصلاحية غير شعبوية تحتاج إلى أن يتم توعية الناس بها وبأهميتها وأبعادها وذلك قبل اتخاذ القرار بها.
• أخذاً بالاعتبار المعطيات العالمية الأخيرة وسرعة الانتقال التكنولوجي، فهناك حاجة وضع استراتيجية وطنية متكاملة للابتكار تنسجم مع رؤية «الكويت الجديدة» لتحقيق «الكويت الذكية» في عام 2035، وذلك من خلال تبني شامل للسياسة العلمية والتكنولوجية والابتكارية باعتبارها المُمكِّن الرئيسي للانتقال إلى «الكويت الذكية». كذلك تحسين إنتاج الإحصاءات المتعلقة بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار للتمكين من تطوير الإحصاءات القائمة على الأدلة والتي تدعم السياسات التي يحتاجها متخذ القرار.
• إعادة النظر في السياسة التعليمية ومدى تأثيرها على سوق العمل.
• التوسع في الاستثمارات الأجنبية المباشرة واستقطاب الشركات العالمية الرائدة التي من شأنها تعديل القاعدة الإنتاجية في الاقتصاد.