
أوضح تقرير اقتصادي متخصص لـ»الوطني» أن الأسواق تفاجأت الأسبوع الماضي بصدور العديد من البيانات الاقتصادية الإيجابية من الولايات المتحدة مما أدى إلى ارتفاع عائدات السندات. وكان السبب الرئيسي الذي ساهم في تعزيز معنويات المستثمرين هو مبيعات التجزئة والتي شهدت اداءً ايجابياً وتخطت توقعات السوق. وجاء ذلك بالتزامن مع إطلاق برامج اللقاحات وتباطؤ وتيرة تفشي فيروس كوفيد -19 على مستوى العالم، حيث بدأ المستثمرون تعزيز زخم «التداولات القائمة على توقعات انتعاش الاقتصاد «. ويشير هذا المصطلح إلى الفترة التي يتوقع خلالها المستثمرون نمو النشاط الاقتصادي بمعدلات أعلى مما كان متوقعاً وبالتالي يزيد الاقبال على بيع أصول الملاذ الآمن مثل سندات الخزانة وشراء الأصول مرتفعة المخاطر.
وتراجعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات إلى 1.28 % بعد ارتفاعها إلى 1.33 % خلال التداولات اليومية. من جهة أخرى، ارتفعت عائدات سندات الخزانة الأمريكية لأجل 10 سنوات بنحو 43 نقطة أساس منذ بداية ديسمبر وانخفض مؤشر الدولار بحوالي 1.0 % مما يبرز ضعف العلاقة بين ارتفاع عائدات الخزانة الأمريكية طويلة الأجل والأداء القوي للدولار الأمريكي في الآونة الأخيرة. إلا أن مشاعر القلق ما زالت تساور المشاركين في السوق تجاه الارتفاع الحاد لعائدات السندات الأمريكية وما سيترتب على ذلك من ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي والذي قد يزداد سوءاً نتيجة لاستمرار تزايد عمليات البيع على المكشوف.
بيانات اقتصادية ايجابية
فاجأت بيانات مبيعات التجزئة الأسواق بتسجيلها نمواً بنسبة 5.3 % في يناير مقابل أداء شهر ديسمبر 2020، في حين أشارت توقعات الاقتصاديين إلى زيادة بنسبة 1.1 % فقط. كما قفزت بيانات مبيعات التجزئة الأساسية أيضاً بنسبة 5.9 % مقابل إجماع الآراء بان تشهد تحسناً بنسبة 1.1 %. وشهد الإنتاج الصناعي نمواً بمعدل أعلى مما كان متوقعاً في يناير، إذ بلغت نسبة النمو 0.9 % على أساس شهري مقابل توقعات ان يصل إلى 0.4 % فقط. والجدير بالذكر، أن الإنتاج الصناعي كان قد سجل نمواً بنسبة 1.3 % في الشهر السابق.
ردة فعل الأسواق
لم تشهد الأسهم الأمريكية تغيراً يذكر طوال الأسبوع الماضي وشهدت المؤشرات الرئيسية الثلاثة قدراً ضئيلاً من التحركات في ظل قيام المستثمرين بموازنة تأثيرات الانحدار الحاد لمنحنى العائد على الأصول مرتفعة المخاطر. إلا انه في آسيا، ارتفعت الأسهم اليابانية ووصل مؤشر نيكاي إلى مستوى 30 ألف نقطة للمرة الأولى منذ عام 1990. وأظهرت البيانات الصادرة الأسبوع الماضي نمو الاقتصاد الياباني بنسبة 3.00 % في الربع الرابع من عام 2020، متجاوزاً توقعات تسجيله لمعدل نمو بنسبة 2.4 %.
أوروبا والمملكة المتحدة
من المتوقع أن تقوم حكومة المملكة المتحدة يوم الاثنين القادم بوضع خططها لبدء تخفيف القيود المتعلقة بالجائحة، وعلى الرغم من أن الأسواق تتوقع نهجاً حذراً من قبل الحكومة إلا ان المعنويات الإيجابية انعكست على مستويات الجنيه الاسترليني. وفي ظل توزيع أكثر من 16.5 مليون جرعة من اللقاح، تلقى حوالي 23.4 % من إجمالي السكان جرعة واحدة على الأقل من اللقاح في المملكة المتحدة التي تحتل الآن المرتبة الثالثة على مستوى العالم في معدل توزيع اللقاحات.
وفاقت البيانات الصادرة الأسبوع الماضي عن المعدل السنوي للتضخم الكلي التوقعات، إذ ارتفع معدل التضخم إلى 0.7 % مقابل إجماع آراء المحللين أن يصل إلى 0.6 %. كما بدأت مخاطر انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي في التلاشي إلى جانب رفض بنك إنجلترا لتوقعات تطبيق أسعار فائدة سلبية، ووصل الجنيه الإسترليني إلى مستوى 1.40 الذي لم نشهده منذ أبريل 2018. بيانات متباينة لمنطقة اليورو ويشهد اقتصاد الاتحاد الأوروبي ضغوط بسبب الجائحة وتباطؤ وتيرة إطلاق برامج اللقاحات. إلا انه على الرغم من ذلك، ارتفع مؤشر مديري المشتريات الصناعي في الاتحاد الأوروبي ووصل إلى 57.7 نقطة فيما يعزى بصفة رئيسية إلى الارتفاع الهائل في بيانات المؤشر الألماني الذي وصل إلى 60.6. من جهة أخرى، ظل مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات في منطقة الانكماش، إذ بلغ 44.7 نقطة مقابل 45.4 في البيانات السابقة.
وتحركت العملة الموحدة ضمن نطاق محدود خلال الأسابيع القليلة الماضية وتراوحت ما بين 1.20 و1.22، فيما يعتبر تغيرات هامشية مقارنة بحركة الجنيه الاسترليني أو العملات المرتبطة بالسلع.
ارتفاع أسعار النفط
واصلت أسعار النفط صعودها مع ارتفاع سعر مزيج خام برنت إلى أعلى مستوياته المسجلة وصولاً إلى 65.52 دولاراً للبرميل يوم الخميس ليعوض بذلك كافة الخسائر التي تكبدها منذ بداية الجائحة. وفي الولايات المتحدة، ضربت موجة صقيع إنتاج النفط واستقر سعر خام غرب تكساس عند مستوى 62.26 دولاراً للبرميل قبل أن يتراجع يوم الجمعة. وأدى التفاؤل العالمي بشأن إطلاق اللقاحات وآفاق نمو النشاط الاقتصادي إلى تعزيز أداء السلع.