
أوضح تقرير اقتصادي متخصص لـ»الوطني» أنه وبعد أن شهدت المبيعات العقارية أداءً قوياً في الربع الأول من عام 2020 (668 مليون دينار كويتي)، عادت مجدداً للتراجع في الربع الثاني في أعقاب تفشي جائحة فيروس كورونا واتخاذ تدابير شملت فرض إجراءات الإغلاق الكامل، الأمر الذي نتج عنه تأثيرات سلبية شديدة على معظم القطاعات الاقتصادية. وبلغ إجمالي المبيعات العقارية 113 مليون دينار كويتي فقط في الربع الثاني (بتراجع نسبته 83 % على أساس ربع سنوي و86 % على أساس سنوي) ، فيما تعد أدنى مستوياتها المسجلة منذ عام 1991. ويعزى تراجع المبيعات بصفة رئيسية لقلة احجام الصفقات على مستوى كافة القطاعات الفرعية الثلاثة، إلا أنه تجدر الإشارة إلى أن المبيعات المسجلة في الربع الثاني تعزى في الغالب للانتعاش الذي شهدناه خلال شهر يونيو بالتزامن مع تخفيف قيود الإغلاق في إشارة واعدة إلى إمكانية تحسن النشاط في ظل تخفيف القيود بشكل أكبر خلال الأشهر القادمة. ونظراً لأحجام المبيعات الضئيلة التي شهدها قطاع العقار خلال الربع الثاني وقلة توافر البيانات، سيكون من السابق لأوانه استخلاص أية استنتاجات موثوقة حول الأسعار في هذه المرحلة.
إلا أنه من المنطقي افتراض أن الأسعار قد تأثرت سلباً في الربع الثاني من عام 2020 نتيجة لتداعيات الأزمة المزدوجة الناتجة عن تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد وصدمة أسعار النفط وما خلفته من انعكاسات سلبية على الوافدين وظروف العمل. وقد تكون تلك التداعيات بطبيعتها طويلة الأجل، وبالتالي نتوقع أن يستغرق سوق العقار بعض الوقت ليتعافى كلياً، خاصة بالنسبة للقطاعات التجارية والاستثمارية التي تكون عادة أقل مرونة في مواجهة مثل تلك الصدمات.
القطاع الاستثماري قد يتأثر سلباً نتيجة لارتفاع الشواغر
انخفضت مبيعات القطاع الاستثماري بنسبة 87 % على أساس ربع سنوي و92 % على أساس سنوي، لتصل بذلك إلى احد أدنى المستويات التاريخية عند مستوى 26 مليون دينار كويتي في الربع الثاني من عام 2020. وجاء هذا التراجع على خلفية انخفاض عدد الصفقات بشكل استثنائي (24) بالمقارنة مع المتوسط ربع السنوي البالغ 329 صفقة خلال عام 2019 و 271 صفقة في الربع الأول من عام 2020. ونظراً لحجام الصفقات الضئيلة بنحو غير اعتيادي، تشير تقديراتنا إلى أن السوق سيأخذ بعض الوقت حتى يصل إلى مرحلة الاستقرار مرة أخرى ويستعيد أنماطه الطبيعية قبل أن يتم استخلاص أية استنتاجات موثوقة بشأن الأسعار.
ومستقبلياً، قد تتحسن مبيعات وصفقات القطاع الاستثماري في ظل تخفيف قيود الإغلاق، ألا أنها ستكون محدودة في الاغلب خاصة بالنظر إلى أن معظم الطلب على إيجارات مثل تلك النوعية من العقارات ينبع عادةً من القوى العاملة الوافدة والتي تأثرت بالتأكيد بسبب عمليات الحظر وإغلاق الأنشطة التجارية. بالإضافة إلى ذلك، فانه في ظل إشارة التوقعات إلى ارتفاع أسعار النفط وزيادة النمو الاقتصادي خلال العام المقبل، وإن كان بمعدلات معتدلة، هذا إلى جانب بطء وتيرة إصلاح السياسات وتزايد لجوء المستثمرين إلى القطاع السكني للحصول على فرص أفضل، فقد يستغرق الأمر بعض الوقت حتى يتعافى الطلب والأسعار إلى مستويات ما قبل الجائحة. كما أنه وفقاً لمؤشر أسعار المستهلكين، لم تشهد الإيجارات السكنية (الشقق في الأغلب) أي تغير يذكر أو تراجعت على أساس سنوي خلال العشرة أشهر الماضية، ومن المتوقع أن تستأنف اتجاهها الهبوطي في ظل ارتفاع الشواغر، حيث تشير أحدث التقارير إلى تراجع الإيجارات أو عدم تحصيل قيمة الإيجار لمدد تتراوح ما بين شهر إلى شهرين في إطار محاولة الملاك جذب مستأجرين جدد.
القطاع السكني قد يبدي مستويات أعلى من المرونة
تراجعت مبيعات القطاع السكني بحدة إلى 72 مليون دينار كويتي في الربع الثاني من عام 2020 مقابل 291 مليون دينار كويتي في الربع الأول من العام الحالي (-75 % على أساس ربع سنوي وبنسبة -81 % على أساس سنوي). وجاء تراجع المبيعات على خلفية الانخفاض الملحوظ في عدد الصفقات والذي شهد تراجعاً استثنائياً إلى 251 صفقة (-70 % على أساس ربع سنوي و-78 % على أساس سنوي).
في حين أنه من المتوقع أن تتأثر القطاعات الأخرى بالقيود والحظر الناتج عن تفشي فيروس كورونا المستجد، إلا أن القطاع السكني عادة ما يكون أكثر مرونة في مواجهة تلك الصدمات، حيث ترتكز قاعدة الطلب على المواطنين ممن يتمتعون بوظائف مستقرة في الأغلب، هذا إلى جانب أن العرض محدود إلى حد ما، خاصة في المناطق الرئيسية. وبفضل تلك الركائز القوية، نتوقع أن يشهد القطاع السكني انتعاشاً سريعاً نسبياً (من حيث كمية المعاملات) خلال الأشهر المقبلة في تخفيف القيود.
ضعف أنشطة الأعمال قد يؤثر سلباً على القطاع التجاري
تراجعت مبيعات القطاع التجاري بنسبة 91 % على أساس ربع سنوي وبنسبة 86 % على أساس سنوي، حيث بلغت 15 مليون دينار كويتي فقط في الربع الثاني من عام 2020 تمت من خلال أربع صفقات فقط (-98 % على أساس سنوي). ووقع القطاع التجاري - الذي عادة ما يشهد مبيعات أقل من القطاعات الأخرى - تحت وطأة ضعف الأنشطة التجارية خلال فترة الإغلاق، في ظل توافر تقارير مختلفة عن المصاعب التي تواجهها بعض الشركات في تسديد قيمة إيجار المساحات التجارية بما أدى إلى خفض قيمة الإيجار وتأجيل السداد لمختلف المستأجرين التجاريين، وإن كانت فئة مستأجري قطاع التجزئة هم الأشد تأثراً بارتفاع إيجارات مراكز التسوق. وفي ظل الرفع التدريجي لإجراءات الحظر، قد يشهد القطاع انتعاشاً تدريجياً، إلا أن الأداء الضعيف قد يستغرق بعض الوقت قبل أن ينحسر، خاصة نتيجة لارتفاع اعداد الشركات المتعثرة وخسارة عدد كبير من الوافدين لوظائفهم، وهو الأمر الذي قد يثقل كاهل الطلب على المساحات التجارية بما ينعكس في هيئة تراجع الأسعار في بعض المناطق.