
قال الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني عصام الصقر:" إن الأشهر القليلة الماضية شهدت تحديات على كافة المستويات جراء تداعيات تفشي جائحة كوفيد-19 والتي اتخذت على إثرها الحكومات في أنحاء العالم تدابير صارمة في إطار مساعيها للسيطرة على تفشي الجائحة، إلا أن تلك التدابير انعكست سلبا على النشاط الاقتصادي وكذلك الثقة في مناخ الأعمال على مستوى العالم."
وأضاف الصقر على هامش مؤتمر المحللين لنتائج النصف الأول من العام 2020 أن أعمال المجموعة تأثرت في معظم المناطق الجغرافية التي تعمل بها خاصة مع مواجهة بيئة تشغيلية شديدة الصعوبة عبر شبكة اعمالها، حيث حقق أرباحاً صافية لفترة الربع الأول المنتهى في 31 مارس 2020 بواقع 77.7 مليون دينار كويتي كما سجل البنك صافي ربح في الربع الثاني من العام بواقع 33.4 مليون دينار كويتي. وبذلك يصل إجمالي الأرباح الصافية عن فترة الستة أشهر الأولى من العام 111.1 مليون دينار كويتي بتراجع على أساس سنوي نسبته 47% مقارنة بمستويات العام السابق.
وأشار الصقر إلى أن الاقتصاد الكويتي تعرض لضغوط كبيرة وأثرت فترة الإغلاق الطويلة سلباً على أنشطة البنك، حيث تشير التوقعات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي هذا العام سينكمش بنحو 6% على خلفية انكماش الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بنسبة 4%.
وبّين الصقر أن تدابير احتواء الجائحة تنوعت ما بين عمليات إغلاق الأنشطة الاقتصادية إلى فرض حظر التجول وإغلاق الحدود بما أدى إلى التأثير سلباً على المعنويات واحداث صدمة شديدة للاقتصادات العالمية، فيما كان تأثير الجائحة في دول مجلس التعاون الخليجي أكثر حدة نتيجة للتراجع الشديد الذي شهدته أسعار النفط وما لذلك من تأثير على النشاط الاقتصادي وعجز الميزانية. وخلال النصف الأول من 2020، شهدت معظم دول مجلس التعاون الخليجي ضعف في أوضاع المالية العامة مع توقعات بتسجيل عجز استثنائي كبير في ميزانيات عام 2020.
وقال الصقر :"إن تطبيق اجراءات الحظر الشامل وتباطؤ النشاط الاقتصادي، خاصة خلال الربع الثاني من العام الحالي، كان لهم تأثيراً كبيراً على عملياتنا. حيث أدى انخفاض حجم المعاملات إلى تراجع الرسوم والعمولات، في حين أدى خفض سعر الخصم إلى وضع المزيد من الضغوط على هامش الفائدة. بالإضافة إلى ذلك، فإن تأثير انكماش الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي وتراجع أسعار النفط وامتداد فترة الحظر قد أدت جميعها إلى زيادة مستويات عدم اليقين حول توقعات التدفقات النقدية للعديد من عملائنا بما أدى بدوره إلى رفع المخصصات."
إجراءات استباقية
وأكد الرئيس التنفيذي لمجموعة بنك الكويت الوطني على أن البنك منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد COVID-19 اتخذ إجراءات استباقية وفعل خطط الطوارئ بهدف حماية موظفيه وعملائه وضمان استمرارية العمل".
وأضاف أن نموذج أعمال الوطني أظهر مرونة كبيرة خلال الأزمة مكنته من تقديم الدعم والمشورة لعملائه الذين يواجهون صعوبات مالية، بما في ذلك الاعتماد بشكل كبير على قدرات البنك الرقمية للحفاظ على مستوى جودة الخدمة وإمكانية الوصول إلى الخدمات بنفس مستوى توقعات العملاء في الأوقات الاعتيادية.
وأوضح الصقر أن البنك أدرك مبكراً أن تفشي الجائحة وإجراءات الحظر التي فرضتها الحكومات في كافة أنحاء العالم سيكون لها تأثيراً سلبياً على ربحية البنك لذلك قدم على الفور مبادرات لخفض التكاليف على مستوى المجموعة للحد من تأثير الجائحة على ربحية البنك ولكن بدون إحداث تأثير على خطط الأعمال المستقبلية.
وأكد الصقر على أن البنك وبالتنسيق مع بنك الكويت المركزي واتحاد المصارف الكويتية، شارك في كافة المبادرات الهادفة إلى دعم عملائه والتخفيف من حدة بعض الضغوط التي يتعرضون لها، حيث قدم البنك الدعم لكافة عملائه من خلال وقف الرسوم على أجهزة نقاط البيع وأجهزة السحب الآلي والقنوات الإلكترونية لمدة 3 أشهر، بالإضافة إلى زيادة الحد الأقصى لخدمة الدفع بدون تلامس. كما وفر البنك الدعم اللازم لعملائه من الأفراد من خلال تأجيل مدفوعات أقساط القروض الاستهلاكية والمقسطة وأقساط البطاقات الائتمانية لمدة ستة أشهر. وكذلك تقديم ما يلزم من دعم لتمويل الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة والكيانات الاقتصادية المتأثرة بأزمة جائحة كوفيد-19.
قاعدة رأسمالية قوية
وشدد الصقر على أنه وعلى الرغم من كل التحديات التي واجهت البنك في النصف الأول من العام، إلا أنه يقف على أرض صلبة كما تتمتع ميزانيته العمومية بوضع قوي، مشيراً إلى أن القاعدة الرأسمالية القوية ومستويات السيولة المريحة وجودة أرباح البنك ستوفر قدرة كبيرة على امتصاص تداعيات الجائحة.
وأشار إلى أن جائحة كوفيد-19 ساهمت أيضاً في تسليط الضوء على نقاط القوة التي يتميز بها بنك الكويت الوطني بفضل الاستثمارات الاستراتيجية التي نفذها البنك خلال السنوات الماضية لتسريع تطوير الخدمات المصرفية الرقمية، وهو ما منح البنك المرونة التشغيلية الكبيرة خلال هذه الفترة.
وأوضح أن قنوات البنك الرقمية قدمت بدائل افتراضية حلت محل الفروع وهو الأمر الذي مكن البنك من خدمة عملائه بأفضل السبل الممكنة، مشيراً إلى أن خطط للطوارئ وإدارة الأزمات التي فعلها البنك أثبتت جميعها نجاحاً ملحوظاً عند اختبارها خلال الأيام الأولى من تفشي الجائحة وهو ما يمنح البنك مزيداً من الثقة في الوقت الذي يمضي فيه قدماً نحو مرحلة التعافي.
وأكد الصقر على أنه من السابق لأوانه الحديث عن توزيعات الأرباح السنوية لعام 2020 حيث ما نزال في منتصف العام إضافة إلى أن التوزيعات بطبيعة الحال تعكس الربحية ورأس المال مع نهاية العام وذلك بعد تقييم وضع رأس المال الختامي واحتياجات رأس المال المستقبلية، مشيراً إلى أن أولويات البنك تتمثل في الحفاظ على مركز قوي لرأس المال وتوفير مصدات مالية بما يتسق مع التوجهات التي حرصنا على اتباعها على مر السنين.
وحول تأثيرات مساعي خفض الموازنة الحكومية على الإنفاق الرأسمالي وحدوث تأخير في المشاريع الضخمة المتوقعة بّين الصقر أن الضغوط على الكويت ودول مجلس التعاون الخليجي الأخرى ستتواصل ليس فقط جراء تفشي جائحة كوفيد-19، بل ايضاً نتيجة لتراجع سعر النفط حيث لا يزال الناتج المحلي الإجمالي النفطي وعائدات النفط من أهم العناصر المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي و إيرادات ميزانية الدولة، مشيراً إلى أن الاستجابة الفورية لذلك ستكون من خلال خفض الميزانية وترشيد الإنفاق فيما ستكون النفقات الرأسمالية من بين البنود المخطط خفضها، وبالتالي نتوقع بعض التأخيرات أو الإلغاء للمشاريع وهو الأمر الذي شهدناه بالفعل.
وأضاف الصقر أنه وعلى الرغم من هذا الاتجاه السلبي، ما زلنا نشهد بعض النشاط، حيث بلغت قيمة المشاريع التي تم ترسيتها في النصف الأول من العام 2020 حوالي 900 مليون دينار كويتي. مشيراً إلى أنه يأمل أيضا أن نرى بعض الانتعاش في النشاط على كل من جانب التنفيذ وكذلك اسناد المشاريع مع إعادة فتح الاقتصاد تدريجياً.
من جانبه أكد رئيس وحدة المحاسبة الإدارية للمجموعة شيام كاليانارامان أن الميزانية العمومية للمجموعة لا تزال قوية في ظل الجودة الائتمانية العالية واستقرار مستويات رأس المال، حيث أن ما يتميز به الوطني من قاعدة رأس مال قوية إلى جانب قدرته على تحقيق أرباح تشغيلية يساهم في تعزيز قدرة استيعاب البنك على امتصاص خسائر الائتمان.
وأضاف كاليانارامان أن الايرادات التشغيلية للبنك تتميز بمزيج من أصول متنوعة بشكل جيد بما يمثل ميزة فريدة يختص بها البنك على مستوى البنوك الكويتية من حيث اتساع بصمته الجغرافية وقدرته على ممارسة الأعمال المصرفية التقليدية والإسلامية، وهو ما يوفر درجة كبيرة من المرونة لأرباح المجموعة ويمنحه ميزة تنافسية قوية.
وأضاف أن الإيرادات التشغيلية اتسمت بالمرونة من العمليات المحلية والدولية، فيما زادت معدلات الإقراض في الربع الأول على الرغم من تأثرها في الربع الثاني من العام 2020 على خلفية تباطؤ وتيرة النشاط الاقتصادي، كما سجل البنك نمواً جيداً في الودائع الرئيسية وبلوغ التكاليف مستويات مقبولة، فضلا عن المستويات المريحة للسيولة وقوة قاعدة رأس المال.
فيما يتعلق بخسائر تأخير أقساط القروض الاستهلاكية لمدة 6 أشهر، أشار كاليانارامان إلى أنه ووفقا لتعليمات بنك الكويت المركزي تم تحميل خسارة التعديل على حقوق الملكية وليس على حساب الأرباح والخسائر، حيث تم تحميل حقوق الملكية وفقا لذلك 130 مليون دينار كويتي مع الأخذ في الاعتبار حصة المجموعة في بنك بوبيان. وسيتم ذلك على مراحل في حساب رأس المال لمدة 4 سنوات بدءًا من العام 2021.
وأضاف أنه وفيما يتعلق بزيادة المخصصات ومخصص انخفاض القيمة، فإنها عكست بصفة خاصة بمحفظة الاستثمار لمواجهة آثار التقلبات التي قد تنشأ تحسباً لتدهور أوضاع الاقتصاد الكلي على خلفية تداعيات تفشي جائحة كوفيد-19، هذا إلى جانب عمليات البنك في لبنان كما تم تغطية الانكشاف على شركة ان ام سي بالكامل من مخصصات التسهيلات الائتمانية إضافة إلى بعض المخصصات الاحترازية تحسباً للظروف المستقبلية.
وقال كاليانارامان:" لم نلحظ مشاكل كبيرة فيما يتعلق بجودة الائتمان، فما رأيناه خلال الفترة الماضية يتعلق فقط بمسائل السيولة مع عملائنا من الشركات ولكننا لم نشهد أي تدهور في جودة الائتمان".
وأشار إلى أنه على الرغم من تخفيف بنك الكويت المركزي لبعض القيود التنظيمية، إلا أن المجموعة نجحت في الحفاظ على مستويات السيولة المطلوبة قبل تعديل تلك المتطلبات التنظيمية.