
أوضح تقرير اقتصادي متخصص لـ»الوطني» أن اقتصاد الولايات المتحدة يواجه العديد من أوجه عدم اليقين التي تضمنت الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في نوفمبر، وتزايد حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19، وتراجع عائدات السندات، والاضطرابات السياسية المحلية ووقف إعانات البطالة الإضافية، لتقدم كل تلك العوامل أسبابًا كافية للمستثمرين للتخلي عن الدولار. كما فاجأت بيانات سوق العمل الاقتصاديين بإضافة 167 ألف وظيفة للقطاع الخاص في يوليو، في حين كانت التوقعات نحو تسجيل 1.2 مليون فرصة عمل جديدة. أما بالنسبة للوظائف غير الزراعية فقد كان من المتوقع أن تضيف 1.48 مليون وظيفة، إلا أن البيانات التي صدرت عن وزارة العمل يوم الجمعة فاقت التوقعات بإضافة القطاعات غير الزراعية 1.763 مليون وظيفة بما ساهم في خفض معدل البطالة إلى 10.2% مقابل 11.1% في يونيو.
انتعاش قطاعي الصناعات التحويلية والخدمات
ارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي الصادر عن معهد إدارة التوريدات (ISM) في الولايات المتحدة من 52.6 إلى 54.2 خلال الشهر الماضي، فيما يعد أعلى قراءة للمؤشر منذ حوالي عام ونصف ويعكس المؤشر الاستشرافي لقطاع الصناعات التحويلية تحسن أداء القطاع بعد تراجعه في شهري أبريل-مايو، وهو الأمر الذي يعزز الآمال في تعافي قطاع الصناعات التحويلية العالمي من تداعيات الجائحة. إلا أن مخاطر فرض بعض القيود الإضافية وعمليات الإغلاق ستظل تفرض سحب كثيفة من عدم اليقين امام العديد من الصناعات وسيعتمد أدائها في نهاية الأمر على جهود احتواء الجائحة.
من جهة أخرى، ارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى أعلى مستوياته المسجلة منذ 17 شهراً خلال شهر يوليو. وأعلن معهد إدارة التوريدات عن ارتفاع مؤشر قطاع الخدمات إلى مستوى 58.1 مقابل 57.1 في يونيو. وشهد شهر يونيو أعلى معدل نمو في تاريخ مؤشر الخدمات، والذي تعود نشأته إلى العام 1997، وذلك بعد تسجيله أعلى نسبة تراجع في أبريل. إلا أن تقرير مؤشر مديري المشتريات عكس تراجع مؤشر الوظائف إلى 42.1 بما يشير إلى عزوف أصحاب العمل عن توظيف العاملين على الرغم من ارتفاع الطلبات الجديدة إلى 67.7 .
الأسهم والعملات الأجنبية وأدوات الدخل الثابت
واصلت الأسهم زخمها في الولايات بصدارة شركات التكنولوجيا المدرجة ضمن مؤشر ناسداك الذي سجل نمواً بنسبة تزيد عن 20% منذ بداية العام. وتمكن مؤشر ستاندرد أند بورز من الخروج من المنطقة الحمراء لينهي بذلك تداولات الأسبوع بنمو بلغت نسبته 3.73% منذ بداية العام الحالي.
أما على صعيد أدوات الدخل الثابت، تراجعت عائدات السندات الأمريكية على نطاق واسع خلال الآونة الأخيرة، خاصة في الطرف الأمامي للمنحنى، حيث وصلت عائدات السندات لأجل خمس سنوات إلى أدنى مستوياتها المسجلة على الإطلاق عند مستوى 0.1870. وقد انعكس ذلك بدوره على سوق العملات الأجنبية بما ساهم في زيادة الضغوط البيعية على الدولار الأمريكي للأسبوع الثاني على التوالي.
وبالانتقال إلى العملات الأجنبية، تراجع الدولار الأمريكي بنسبة 3.18% منذ بداية العام مقابل سلة من العملات وخسر أكثر من 10% من أعلى مستوياته المسجلة في مارس من العام الحالي. وأدى تراجع الفروق التفاضلية لأسعار الفائدة بين الولايات المتحدة والاقتصادات الكبرى، هذا إلى جانب الشكوك التي تدور حول أكبر اقتصاد على مستوى العالم إلى هروب المستثمرين إلى العملات المنافسة.
أوروبا والمملكة المتحدة
صوتت لجنة السياسة النقدية التابعة لبنك إنجلترا بالإجماع على إبقاء سعر الفائدة عند مستوى 0.10%، كما احتفظت ببرنامج شراء الأصول عند مستواه المستهدف بقيمة 745 مليار جنيه استرليني. وتضمن محضر الاجتماع أحدث الارشادات الاستشرافية التي تشير إلى أن «اللجنة لا تعتزم تشديد السياسة النقدية بدون دليل واضح على حدوث تطور ملموس في مجال الطاقات الإنتاجية غير المستخدمة وبلوغ هدف التضخم بنسبة 2% بشكل مستدام». ولم تكن هناك مفاجآت من جانب بنك إنجلترا الأمر الذي ساهم في تعزيز أداء الجنيه الاسترليني ودفعه للارتفاع إلى مستوى 1.31 ليقترب بذلك من أعلى مستوياته المسجلة في مارس من العام الحالي. وفي واقع الأمر، لم يتضح بعد وضع انفصال المملكة المتحدة عن الاتحاد الأوروبي، وهو الأمر الذي قد يمنع الجنيه الاسترليني من الوصول إلى مستويات 1.40. انتعاش مؤشر مديري المشتريات في الاتحاد الأوروبي
للمرة الأولى منذ يناير 2019، كسر مؤشر النشاط الصناعي في الاتحاد الأوروبي حاجز الـ 50، وهي العلامة الفاصلة بين النمو والانكماش. حيث ارتفع المؤشر من 47.4 إلى 51.8 في يوليو في ظل عودة اقتصادات الاتحاد الأوروبي الرئيسية لفتح أنشطة أعمالها ونجاحها في السيطرة بشكل أفضل على أوضاع تفشي جائحة كوفيد-19.
وعلى صعيد آخر، شهدت العملة الموحدة نمواً قوياً على مدار الأسبوعين الماضيين وتسارعت وتيرة النمو إلى أن وصلت إلى أعلى مستوياتها المسجلة في مايو 2018 عند مستوى 1.1916 بدعم من الأداء الضعيف للدولار وانكماش الفروق التفاضلية لأسعار الفائدة بين الدولار والعملة الموحدة.
أسعار النفط تستعيد توازنها
تلقت أسعار النفط دعماً جيداً هذا الأسبوع حيث أن الأخبار الاقتصادية الإيجابية التي ظهرت في وقت سابق من الأسبوع عوضت مخاوف تفشي موجة جديدة من جائحة كوفيد-19 بما قد يعيق انتعاش الطلب العالمي مع بداية قيام المنتجين الرئيسيين بزيادة الإنتاج. وارتفعت أسعار العقود الآجلة لكل من مزيج خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط بنسبة 3% تقريباً على أساس أسبوعي على خلفية تحسن بيانات النشاط الصناعي في آسيا وأوروبا والولايات المتحدة بمستويات أفضل من المتوقع. أما بالنسبة للمعدن الأصفر، فقد ارتفع الذهب إلى مستوى قياسي جديد بلغ 2.030.72 دولار للأوقية. حيث ساهم تراجع أداء الدولار وانخفاض عائدات السندات في تعزيز أوضاع الذهب في ظل تراجع تكلفة فرصة الاحتفاظ بمعدن الملاذ الآمن بشكل كبير.