
أطلق مركز ذا كونفرنس بورد الخليج للبحوث الاقتصادية والتجارية مؤشر ذا كونفرنس بورد لثقة المستهلك العالمي لمنطقة الخليج للربع الثاني من عام 2020 بالتعاون مع نيلسين. جاء ذلك في مؤتمر صحفي عقد في مقر المركز وتحدث فيه الدكتور مهدي الجزاف، الرئيس التنفيذي للمركز، مستعرضاً أهم ما جاء في الاستبيان، بدءاً الكويت ثم باقي دول مجلس التعاون الخليجي.
استهل د. الجزاف المؤتمر مبيناً أن الاستبيان أجري في شهر مايو 2020 حيث تم استطلاع رأي أكثر من 33 ألف مستهلك أون لاين في 68 سوقاً في مناطق أسيا-المحيط الهادي وأوروبا وأمريكا اللاتينية وأفريقيا والشرق الأوسط وأمريكا الشمالية. مضيفاً مؤشر ذا كونفرنس بورد لثقة المستهلك العالمية لمنطقة الخليج كان في السابق يقتصر على المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة فقط كجزء من منطقة أفريقيا والشرق الأوسط. وبعد إضافة أربعة دول في مايو 2020، وهي البحرين والكويت وعَمان وقطر، أصبحت نتائج هذه الدول الستة تشكل إجمالياً جديداً لمنطقة الخليج العربي.
وتابع الجزاف قائلاً إنه في الربع الثاني من 2020، شهد مؤشر ذا كونفرنس بورد لثقة المستهلك العالمية لمنطقة الخليج انخفاضاً حاداً من أعلى مستوى تاريخي عند 106 نقطة في الربع الأول 2020 ليبلغ 92 نقطة في الربع الثاني 2020. مما يشير إلى أن عدد المستهلكين المتشائمين أصبح أكثر من المستهلكين المتفائلين على مستوى العالم للمرة الأولى منذ 2016 (تعتبر القراءة أقل من 100 سلبي)، في حين بلغ مؤشر الثقة في منطقة الخليج 104 نقطة، وهو أعلى مستوى في أي منطقة في العالم، على الرغم من صدمة العرض والطلب التي ضربت اقتصادات الخليج في بداية جائحة COVID-19. وقد تم استبعاد الصين من مؤشر الربع الأول لعام 2020 بسبب احترازات وتدابير احتواء COVID-19 في البلاد خلال تلك الفترة وأعيد إدخالها في الربع الثاني 2020.
وبالرغم من المستوى العالي من التفاؤل الذي يسود منطقة الخليج، إلا أنه يوجد تفاوت في مستويات الثقة بين المواطنين والمقيمين. مع قيام حكومات الخليج بدفع برنامج التوطين بشكل أكبر خلال الجائحة وضمان الوظائف الوطنية في القطاع العام وتوفير الدعم اللازم للقطاع الخاص لتوظيف المزيد من المواطنين أو الاحتفاظ بهم وسط الظروف الاقتصادية الصعبة، أظهر مواطنو منطقة الخليج ثقة وتفاؤل أعلى من نظرائهم المقيمين من حيث فرص العمل والشؤون المالية الشخصية ونوايا الإنفاق.
بالنظر إلى الاعتماد الكبير للمنطقة على صادرات النفط والديناميكيات الجوهرية لسوق العمل في منطقة الخليج، فإن أكبر ثلاثة مخاوف بالنسبة للمستهلك في الخليج هي الاقتصاد والصحة وفرص العمل. وإن لم يكن ذلك بالضرورة في نفس الترتيب بين المواطنين والمقيمين ولا عبر دول المنطقة.
وفي حين أننا مازلنا لا نعرف مدى تأثير هذه الجائحة وتغييرها للسلوك الاستهلاكي في الخليج، فإن المستهلكين في الخليج يفضلون توفير المال وسداد ديونهم وبطاقاتهم الائتمانية بعد تغطية تكاليف الحياة الأساسية، مع الابتعاد عن الاستثمار في الأسهم وصناديق الاستثمار المشترك وصناديق التقاعد. قد يكون هذا انعكاساً لواقع المستهلكين الجديد المتمثل في قضاء المزيد من الوقت في المنزل وكون أمور مثل التموين ونفقات الخدمات تشكل ركائز الحياة في ظل الجائحة. وفي الوقت نفسه، فإن القيود طويلة المدى المتصلة بفيروس كورونا المستجد المفروضة على المتاجر والمطاعم وأماكن أخرى بالإضافة إلى المخاوف المالية تُبقي الإنفاق على فئات الكماليات منخفضة.
سجل مؤشر ثقة المستهلك في الكويت المركز الثاني عشر (12) عالمياً والرابع في منطقة الخليج بواقع 102 نقطة. وسجل المستهلكون الكويتييون تفاؤلاً كبيراً، 116 نقطة، أعلى بعشرين نقطة من المقيمين في الدولة. بشكل عام كان المواطنون أكثر رضاً عن فرص العمل والشؤون المالية الشخصية في الاثنا عشر شهر وأكثر من نصف المشاركين في الاستبيان عبروا عن النية بالانفاق، مدعومين ببرنامج التكويت الحكومي وحزم التحفيز المالي.
مع أخذ هذه النظرة القاتمة بعين الاعتبار، يقوم المستهلكون في الكويت بادخار أموالهم الاحتياطية ويسددون الديون مع الحد من مشترياتهم من منتجات التكنولوجيا الجديدة والملابس. خلال فترة الجائحة والإغلاق، قلل 42٪ من المستهلكين في الكويت من طلب الوجبات السريعة، وقلل 35٪ من الانفاق على الملابس الجديدة، في حين أن حوالي ربع المستهلكين يؤخرون الدفع على السلع ذات المبالغ الكبيرة مثل الإلكترونيات والأثاث والعطلات السنوية. لكن المستهلكين في الكويت يشعرون بأن هذا الوضع مؤقت، وعندما تتحسن الظروف، سوف يعودون إلى نمط الإنفاق السابق مع الاستمرار بالتقليل من وجبات المطاعم، و 10% من المستهلكين سوف يخفضون من الانفاق على العطل القصيرة والإجازات السنوية. في الواقع، فإن الحكومة تقوم، دعماً لقطاع الأعمال الصغيرة والمتوسطة الذي تضرر بشدة بسبب الجائحة، بدفع تعويض يوازي قيمة 6 رواتب شهرية لنحو 13 ألف كويتي في شهر يوليو بإجمالي يبلغ 58،3 مليون دينار كويتي. هذا المبلغ سيعزز بالتأكيد من إنفاق المستهلكين في الربع الثالث 2020.
المستهلكين العمانيين والقطريين من بين الأكثر ثقة في المنطقة
لقد أدى تراجع الثقة في فرص العمل والشؤون المالية الشخصية ونوايا الانفاق إلى انخفاض حاد في ثقة المستهلك في كل من المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة. في الواقع تراجعت ثقة المستهلك في المملكة العربية السعودية من أعلى مستوى لها على الإطلاق وهو 121 في الربع الأول 2020 إلى 104 في الربع الثاني. من ناحية أخرى، يعتبر المستهلكون في الإمارات العربية المتحدة من بين الأقل تفاؤلاً في المنطقة. انخفض مؤشر ثقة المستهلك الإماراتي إلى ما دون 100 «حد التفاؤل» إلى 92 نقطة ، وهو أدنى مستوى منذ الربع الرابع من عام 2009. كما انخفض المؤشر بمقدار 23 نقطة على أساس ربع سنوي في الربع الثاني من عام 2020.
احتل مؤشر ثقة المستهلك العماني المرتبة الأولى عالمياً وفي منطقة الخليج بـ 131 نقطة. المواطنون العمانيون وكذلك المقيمون الذين يعيشون في عمان متفائلون جداً مقارنة بالمواطنين والمقيمين الآخرين في المنطقة. بلغ مؤشر ثقة المستهلك العماني 137 نقطة، بزيادة 20 نقطة عن المقيمين في الدولة. أما مؤشر ثقة المستهلك البحريني فقد حل في المرتبة الرابعة عالمياً والثانية في منطقة الخليج بـ 115 نقطة. إن الاقتصاد البحريني أقل اعتماداً على النفط من دول الخليج الأخرى حيث لم تتجاوز حصة النفط في إجمالي الناتج المحلي 19% من إجمالي الناتج المحلي في 2019. المستهلكون البحرينيون هم المواطنون الوحيدين الأقل تفاؤلاً قليلاً من نظرائهم المقيمين. وقد حل مؤشر ثقة المستهلك القطري في المرتبة السادسة عالمياً والثالثة في منطقة الخليج بـ 111 نقطة، مدعوماً بثقة عالية من المواطنين القطريين. بلغ مؤشر ثقة المستهلك القطري 125 نقطة مقابل 103 للمقيمين في الدولة.