
أوضح تقرير «الشال» الاقتصادي الأسبوعي أنه قبل بضعة أسابيع، ذكر تقرير لصندوق النقد الدولي بأن دول الخليج قد تفقد مدخراتها بحلول عام 2034، بعضها قبل ذلك التاريخ وبعضها بعده، والأسبوع الفائت، قدرت وكالة ستاندرد آند بورز بأن بنوك الخليج قد تفقد درجتين من تصنيفها الائتماني على المدى الطويل بسبب ارتباط نسبة من قروضها بقطاع النفط والغاز، والإثنان فيما يبدو يفقدان تدريجياً لأهميتهما.
لم يأت أياً من التقريرين بجديد، والواقع أنهما متأخران في خلاصتيهما، فالتحذيرات سبقتهما بأكثر من عقدين من الزمن، ولدى الحكومة تقرير قديم بنفس المعنى منذ يوليو 1987، ثم تقرير لماكنزي وتقارير لجان المسار الحكومي في تسعينات القرن الفائت، ثم تقرير «توني بلير» في العقد الأول من الألفية الحالية، ثم تقرير ماكنزي لمشروع المنطقة الاقتصادية في الشمال في العام الفائت، وغيرهم الكثير من التحذيرات الأخرى. والتقريران المذكوران الحديثان يحذران من استمرار اعتماد اقتصاد دول الخليج على النفط والغاز في زمن بات فيه كل من مخاوف البيئة والتقدم التقني في طريقهما إلى إضعاف أهمية مصادر الطاقة الأحفورية بما يعنيه ذلك من ضعف الطلب وخفض الأسعار، بينما تتزايد النفقات العامة الممولة بشكل رئيسي من إيرادات بيعهما.
تقرير صندوق النقد الدولي بحكم الاختصاص أكثر شمولاً، يركز على ما تكرر التحذير منه، أي الخلل الهيكلي المالي، أو العجز عن تنويع مصادر تمويل المالية العامة بعيداً عن النفط، وهو ما عانت منه دول الخليج بدرجات متفاوتة في ثمانينات وتسعينات القرن الفائت. وتقرير ستاندرد آند بورز وإن استخدم نفس المنهج، إلا أنه يحصر إهتمامه في جزء من إختصاصه، أو تصنيف البنوك الخاضعة لتصنيفه، ويربط احتمال ضعف تصنيفها في المستقبل بدرجة إرتباط قروضها بقطاع الطاقة. ورغم أن الوكالة تمايز ما بين دولة وأخرى من زاوية نسبة التورط في تمويل قطاع الطاقة، فالتقرير يقدر تورط القطاع المصرفي في كلاً من السعودية وقطر بشكل مباشر مرتبط بالتزامات تمويل القطاع بنحو 15% من محافظها، بينما هي أدنى للكويت والإمارات وبحدود 10%، إلا أنه يعود إلى الشمولية عندما يربط الصعوبات التي تواجهها كل القطاعات المصرفية بالأثر غير المباشر، أي تأثر كل المقترضين الأخرين بشكل غير مباشر بشحة إيرادات النفط والغاز ومعها الدور الحكومي على كل تمويلاتها الأخرى، سواء كانت عقار أو تجزئة أو مؤسسات خاصة.
أهمية هذان التقريران ليست في خلاصتيهما، وإنما في بعدين آخرين، البعد الأول أنهما خلافاً لتقاريرهما السابقة التي تغطي المدى القصير إلى المتوسط، ويخلصان فيها إلى ملاءة الوضع المالي لمعظم دولها، وهذه المرة يحذران بشكل مباشر من مخاطر المستقبل الاقتصادي، وقد كتبنا كثيراً محذرين من خطأ قراءة خلاصة تقاريرهم المالية. البعد الآخر هو أنهما تقريران بدلاً من أن يثيرا الفزع والعجز عن التصرف الصحيح، فلا زال في الوقت متسع، وعلينا الإفادة من التحذير والتوقف عن استهلاك الوقت الذي بات قصيراً جداً في الجدل حول ضرورة أو عدم ضرورة إجراء جراحة أو القيام حالاً باستدارة تنمية حقيقية. وللتذكير فقط، للكويت مشروعان متناقضان تماماً، أحدهما يتفق مع مخاوف التقريرين، والآخر مناقض تماماً يدعو إلى مزيد من التورط مع النفط وبكلفة بحدود 450 مليار دولار أمريكي لزيادة الطاقة الإنتاجية إلى 4 مليون برميل يومياً، وعلى الكويت أن تحسم مسارها.
أسعار النفط والنفقات العامة
استكمالاً للتحذيرين الأخيرين لكل من صندوق النقد الدولي ووكالة ستاندرد آند بورز حول نضوب الاحتياطيات المالية لدول الخليج واحتمال انخفاض التصنيفات الائتمانية لمصارفها، لا بد من استعراض بعض تاريخ علاقة النفقات العامة وأسعار النفط. في غياب التفكير الجدي حول مستقبل الدولة «الكويت»، يروي لنا تاريخ تلك العلاقة كيف تنفلت النفقات العامة غير المرنة والضارة كلما ارتفعت أسعار النفط الذي يمول نحو 90% منها، بينما تستمر في الارتفاع حتى مع هبوط أسعار النفط.
في السنة المالية 2002/2003، بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي 25.8 دولار أمريكي، وبلغت النفقات العامة وفقاً للحساب الختامي لنفس السنة المالية نحو 4.93 مليار دينار كويتي. وفي السنة المالية 2018/2019 بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي 68.5 دولار أمريكي، وبلغت النفقات العامة وفقاً للحساب الختامي نحو 21.85 مليار دينار كويتي. هذه الأرقام تعني، أن أسعار النفط ما بين السنة المالية 2002/2003 والسنة المالية 2018/2019 ارتفعت بنحو 2.7 ضعف، بينما ارتفعت النفقات العامة ما بين السنتين الماليتين بنحو 4.4 ضعف. وذلك النهج الخطر يبدو أكثر وضوحاً عند المقارنة ما بين حركة أسعار النفط وحركة النفقات العامة ما بين السنة المالية 2011/2012 والسنة المالية 2018/2019. في السنة المالية 2011/2012، بلغ سعر برميل النفط الكويتي نحو 109.9 دولار أمريكي، وبلغت النفقات العامة الفعلية نحو 17 مليار دينار كويتي، وبلغ سعر برميل النفط الكويتي في السنة المالية 2018/2019 كما ذكرنا 68.5 دولار أمريكي، وبلغت النفقات العامة الفعلية للسنة المالية المذكورة نحو 21.85 مليار دينار كويتي. ذلك يعني أن أسعار برميل النفط الكويتي ما بين السنتين الماليتين المذكورتين فقدت نحو 37.7% من مستواها، بينما ارتفعت النفقات العامة لنفس الفترة بنحو 29%.
عودة إلى خلاصة تقريري صندوق النقد الدولي ووكالة ستاندرد آند بورز، وهما يقولان أن أسعار النفط على المدى المتوسط إلى الطويل إلى انخفاض، ويكفي الإشارة إلى أنها انخفضت بنحو 37.7% في 8 سنوات، خلالها فشلت كل سياسات الإصلاح المالي. وبعجز مقدر بنحو 6.7 مليار دينار كويتي للسنة المالية الحالية 2019/2020، وإسقاط تراكم العجز على المستقبل مع حتمية ارتفاع النفقات العامة غير المجدية وانخفاض أسعار النفط مع ارتفاع تكاليف إنتاجه وربما خفض الإنتاج لدعم الأسعار، لا يمكن إلا أن تكون النتائج كما ذكرها التقريران. وبالأمس، وبعدما يفترض أنها رسالة تحذير للتقريرين حول مستقبل العجز المالي، وبعد نضوب سيولة الاحتياطي العام، بدأت حملة تخريب توازن صناديق المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية بإقرار قوانين شعبوية تطالها في مداولاتها الأولى، ليصبح الخطر القادم ليس فقط على الصغار القادمين إلى سوق العمل، ولكن ليشمل أمان المتقاعدين، والحكومة عاجزة تماماً عن حماية مستقبل الفئتين.
تقرير المتابعة الشهري للإدارة المالية للدولة
تشير وزارة المالية في تقرير المتابعة الشهري للإدارة المالية للدولة لغاية نهاية شهر يناير 2020 والمنشور على موقعها الإلكتروني، إلى أن جملة الإيرادات المحصلة حتى نهاية الشهر العاشر من السنة المالية الحالية 2019/2020 قد بلغت نحو 14.293 مليار دينار كويتي، أو ما نسبته نحو 90.4% من جملة الإيرادات المقدرة للسنة المالية الحالية بكاملها والبالغة نحو 15.812 مليار دينار كويتي. وفي التفاصيل، بلغت الإيرادات النفطية الفعلية حتى 31/01/2020، نحو 13.066 مليار دينار كويتي أي بما نسبته نحو 94.2% من الإيرادات النفطية المقدرة للسنة المالية الحالية بكاملها والبالغة نحو 13.863 مليار دينار كويتي، وبما نسبته نحو 91.4% من جملة الإيرادات المحصلة، وقد بلغ معدل سعر برميل النفط الكويتي نحو 64.8 دولار أمريكي خلال الشهور العشرة الأولى من السنة المالية الحالية 2019/2020. وتم تحصيل ما قيمته نحو 1.228 مليار دينار كويتي إيرادات غير نفطية خلال الفترة نفسها وبمعدل شهري بلغ نحو 122.758 مليون دينار كويتي، بينما كان المقدر في الموازنة للسنة المالية الحالية بكاملها نحو 1.948 مليار دينار كويتي، أي أن المحقق إن إستمر عند هذا المعدل الشهري، سيكون أدنى للسنة المالية الحالية بكاملها بنحو 475 مليون دينار كويتي عن ذلك المقدر.
وكانت اعتمادات المصروفات للسنة المالية الحالية قد قــدرت بنحـو 22.5 مليـار دينـار كويتـي، وصـرف فعلياً -طبقاً للنشرة- حتى 31/01/2020 نحو 12.837 مليار دينار كويتي، وتم الإلتزام بنحو 2.290 مليار دينار كويتي وباتـت فـي حكـم المصـروف، لتصبـح جملة المصروفات -الفعلية وما في حكمها- نحو 15.127 مليار دينار كويتي، وبلغ المعدل الشهري للمصروفات وللإلتزام نحو 1.513 مليار دينار كويتي. ورغم أن النشرة تذهب إلى خلاصة مؤداها أن الموازنة في نهاية الشهر العاشر من السنة المالية الحالية، قد حققت عجزاً بلغ نحو 833.326 مليون دينار كويتي، قبل خصم الـ 10% من جملة الإيرادات لصالح إحتياطي الأجيال القادمة، إلا أننا نرغب في نشره من دون النصح باعتماده، علماً بأن معدل الإنفاق الشهري سوف يرتفع كثيراً مع نهاية السنة المالية. ورقم الفائض أو العجز في الحساب الختامي للسنة المالية يعتمد أساساً على أسعار النفط وإنتاجه لما تبقى من السنة المالية الحالية، أي الشهرين القادمين، والأسعار أصبحت أدنى من معدلاتها السابقة، وقد يرتفع العجز بشكل أكبر إن تكررت زيادة المصروفات الفعلية عن إعتمادات المصروفات المقدرة في الموازنة، وتلك سابقة حدثت في السنة المالية الفائتة.
نتائج البنك الأهلي المتحد 2019
أعلن البنك الأهلي المتحد نتائج أعماله للسنة المنتهية في 31 ديسمبر 2019، والتي تشير إلى أن البنك حقق أرباحاً (بعد خصم الضرائب) بلغت نحو 55 مليون دينار كويتي بارتفاع مقداره 3.8 مليون دينار كويتي أي ما نسبته 7.3%، مقارنة مع نحو 51.2 مليون دينار كويتي في 2018. ويعزى هذا الارتفاع إلى انخفاض جملة المخصصات بقيمة أعلى من انخفاض الربح التشغيلي للبنك. ويعرض الرسم البياني التالي التطور في مستوى الأرباح الخاصة لمساهمي البنك خلال الفترة (2008-2019):
وفي التفاصيل، انخفض إجمالي الإيرادات التشغيلية بنحو 14.4 مليون دينار كويتي أو ما نسبته 11.8%، وصولاً إلى نحو 107.2 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 121.6 مليون دينار كويتي. وتحقق ذلك، نتيجة انخفاض بند صافي إيرادات التمويل بنحو 15.3 مليون دينار كويتي، وصولاً إلى نحو 85.1 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 100.4 مليون دينار كويتي. بينما ارتفع بند صافي الأرباح من استثمارات في أوراق مالية بنحو 2.3 مليون دينار كويتي، وصولاً إلى 6.8 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 4.5 مليون دينار كويتي.
من جهة أخرى، ارتفع إجمالي المصروفات التشغيلية للبنك بنحو 2.8 مليون دينار كويتي أو ما نسبته 7.4%، وصولاً إلى نحو 40 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 37.2 مليون دينار كويتي في نهاية عام 2018، بسبب ارتفاع بند الاستهلاك بنحو 2.5 مليون دينار كويتي. وبلغت نسبة إجمالي المصروفات التشغيلية إلى إجمالي الإيرادات التشغيلية نحو 37.3% مقارنة بنحو 30.6% في عام 2018. وحققت جملة المخصصات انخفاضاً بلغ نحو 21.1 مليون دينار كويتي أو ما نسبته 69.1%، عندما بلغت نحو 9.4 مليون دينار كويتي مقارنة بنحو 30.5 مليون دينار كويتي. وعليه، ارتفع هامش صافي الربح إلى نحو 51.3% بعد أن كان نحو 42.2% في نهاية عام 2018.
وبلغ إجمالي موجودات البنك نحو 4.351 مليار دينار كويتي بارتفاع بلغ نحو 437.8 مليون دينار كويتي أو ما نسبته 11.2%، مقارنة بنحو 3.914 مليار دينار كويتي بنهاية عام 2018. وسجل بند مدينو تمويل ارتفاعاً بنحو 218.8 مليون دينار كويتي، وصولاً إلى نحو 3.019 مليار دينار كويتي (69.4% من إجمالي الموجودات) مقارنة بنحو 2.800 مليار دينار كويتي (71.5% من إجمالي الموجودات). وبلغت نسبة مدينو تمويل إلى إجمالي الودائع نحو 80.6% مقارنة بنحو 83.8%. وارتفع بند ودائع لدى بنوك أخرى بنحو 119.6 مليون دينار كويتي، وصولاً إلى نحو 454.4 مليون دينار كويتي (10.4% من إجمالي الموجودات) مقارنة بنحو 334.8 مليون دينار كويتي (8.6% من إجمالي الموجودات).
وتشير الأرقام إلى أن مطلوبات البنك (من غير احتساب حقوق الملكية) قد سجلت ارتفاعاً بلغت قيمته 413 مليون دينار كويتي أي ما نسبته 12.1%، لتصل إلى نحو 3.835 مليار دينار كويتي مقارنة بنحو 3.422 مليار دينار كويتي بنهاية عام 2018. وبلغت نسبة إجمالي المطلوبات إلى إجمالي الموجودات نحو 88.1% مقارنة بنحو 87.4% في عام 2018.
وتشير نتائج تحليل البيانات المالية إلى أن مؤشرات الربحية قد سجلت أداءً مختلطاً مقارنة مع نهاية عام 2018، إذ انخفض مؤشر العائد على معدل الموجودات (ROA) انخفاضاً طفيفاً إلى نحو 1.33% مقارنة بنحو 1.35%. بينما ارتفع مؤشر العائد على معدل رأس المال (ROC) إلى نحو 27.3% مقارنة بنحو 26.7%. وارتفع مؤشر العائد على معدل حقوق المساهمين الخاص بمساهمي البنك (ROE) إلى نحو 12.4% قياساً بنحو 12.2%. وبلغت ربحية السهم الواحد (EPS) نحو 27.8 فلس مقابل 25.8 فلس في عام 2018. وبلغ مؤشر مضاعف السعر/ ربحية السهم (P/E) نحو 12.3 ضعف مقارنة مع نحو 11.5 ضعف، نتيجة ارتفاع ربحية السهم بنحو 7.8% مقابل ارتفاع أكبر لسعر السهم السوقي وبحدود 15.2%. وبلغ مؤشر مضاعف السعر/ القيمة الدفترية (P/B) نحو 1.4 مرة بعد أن كان 1.2 مرة في نهاية عام 2018.
وأعلن البنك نيته توزيع أرباح نقدية بنسبة 15% من القيمة الاسمية للسهم، أي ما يعادل 15 فلساً كويتياً لكل سهم، وتوزيع 5% أسهم منحة، وهذا يعني أن السهم حقق عائداُ نقدياً بلغت نسبته نحو 4.4% على سعر الإقفال في نهاية ديسمبر 2019، والبالغ نحو 342 فلساً كويتياً. وكانت التوزيعات النقدية قد بلغت نحو 15% عن عام 2018 و5% أسهم منحة، أي أن البنك لم يغير من مستوى توزيعاته.
الأداء الأسبوعي لبورصة الكويت
كان أداء بورصة الكويت خلال الأسبوع الماضي مختلطاً حيث ارتفع مؤشر قيمة الأسهم المتداولة، بينما انخفض مؤشر كمية الأسهم المتداولة وعدد الصفقات المبرمة، وكذلك انخفضت قيمة المؤشر العام (مؤشر الشال). وكانت قراءة مؤشر الشال (مؤشر قيمة) في نهاية تداول يوم الخميس الماضي قد بلغت نحو 538.4 نقطة، بانخفاض بلغت قيمته 1.5 نقطة ونسبته 0.3% عن إقفال الأسبوع الماضي، ومنخفضاً أيضاً بنحو 14.8 نقطة أي ما يعادل 2.7% عن إقفال نهاية عام 2019.