قال تقرير الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية رفع البنك المركزي الهندي في يناير سعر الفائدة على اتفاقات إعادة الشراء «repo» المستخدم كسعر الفائدة الأساسي في الهند، بمقدار 25 نقطة أساس. وهو ثالث ارتفاع له منذ أغسطس، عندما كان عند أدنى مستوى يصل له منذ سنتين والبالغ 7.25 في المئة . ويبلغ سعر الفائدة على اتفاقات إعادة الشراء «repo» اليوم 8 في المئة . وجاء هذا الارتفاع مفاجئاً حيث انخفض معدل التضخم في الشهر السابق. وانخفض مؤشر أسعار الجملة «WPI» انخفاضاً حاداً وصل نتيجته إلى معدل نمو بلغ 6.2 في المئة على أساس سنوي في ديسمبر، وهو أقل معدل له منذ خمسة أشهر، بعد أن بلغ معدل 7.5 في المئة على أساس سنوي في نوفمبر، وهو أعلى المعدلات التي سجلها خلال 14 شهراً. ونتج التراجع في معدل التضخم بشكل أساسي من تراجع أسعار المواد الغذائية، حيث انخفضت من المعدل الأعلى لها خلال ثلاث سنوات ونصف بسبب الانخفاض الحاد في أسعار الخضروات التي كانت عند أعلى مستوى أسعار تسجله الخضروات في الهند. ويعود جزء من القرار المفاجئ من البنك المركزي الهندي برفع أسعار الفائدة إلى أن تضخم أسعار المواد الغذائية لا يتأثر مباشرة بالسياسة النقدية. والسبب الآخر لتقييد السياسة النقدية هو أن البنك المركزي الهندي بدأ بمراقبة مؤشر آخر للتضخم وهو مؤشر أسعار المستهلك «CPI» . وأضاف بالرغم من أن مؤشر أسعار المستهلك «CPI» قد انخفض لمستوى 9.9 في المئة على أساس سنوي، وهو أدنى مستوى له خلال ثلاث أشهر، إلا أنه لا يزال معدلاً مريحاً بالنسبة للبنك المركزي الهندي. أما آخر أسباب ارتفاع سعر الفائدة وأكثرها أهمية، فهو المتعلق بأسعار الطاقة، التي ارتفعت بدورها من 11 في المئة إلى 11.1 في المئة على أساس سنوي في ديسمبر. فالهند تستورد أغلب ما تستهلكه من الطاقة، مما يعني أن قوة العملة عامل مهم جداً، حيث سينتج عن أي تراجع في سعر صرف العملة ارتفاع سعر استيراد الطاقة، وبالتالي ارتفاع التضخم في الاقتصاد الهندي. وانخفض سعر صرف الروبية الهندية إلى أكثر من 60 روبية للدولارمنذ مايو 2013، في أعقاب الشائعات حول انخفاض التيسير الكمي الثالث. ورفع البنك المركزي أسعار الفائدة بهدف تحفيز الطلب على الروبية وتقويتها. لأن من المتوقع أن يخفض الاحتياطي الفيدرالي برنامجه لشراء الأصول تدريجياً خلال الأشهر القليلة القادمة. وقد تعاني الأسواق الناشئة مثل الهند من فقدان التدفقات الائتمانية مما يسبب انخفاض سعر العملة ويزيد من تذبذب أسواق الأسهم.
وبين يستخدم البنك المركزي الهندي سعر الفائدة على اتفاقات إعادة الشراء «repo» كسعر الفائدة الأساسي، وهو السعر الذي تقترض فيه البنوك الروبية الهندية من البنك المركزي. ويستخدم هذا السعر كذلك كمرجع للقروض التي تتم بين البنوك، وكمرجع لحجم الودائع المطلوبة من قبل البنوك. وعن طريق رفع سعر الفائدة، يتوجه البنك المركزي الهندي نحو جعل القروض أكثر كلفة والودائع أكثر جاذبية، مما يخفض من السيولة في السوق. ولأن الهند عانت لفترة طويلة من مشكلة التضخم، أصبح من المهم لها أن تدير مستوى السيولة، ولكن هنالك أيضاً مفاضلة بين التضخم والنمو.
وأوضح خلافاً لمعظم الدول، تستخدم الهند مؤشر أسعار الجملة «WPI» كمقياس أساسي للتضخم. وبينما يشبه مؤشر أسعار الجملة «WPI» مؤشر أسعار المستهلك «CPI»في أنه يقيس الزيادة السنوية في أسعار سلة واحدة من السلع، يختلف مؤشر أسعار الجملة «WPI» في أنه ريكز على السلع المتبادلة بين الشركات بدلاً من السلع التي يشتريها المستهلكون. والسبب لذلك هو أن متابعة سلع المستهلكين في الهند أمراً صعباً، وبالتالي يكون غير دقيق. إلا أنه قبل أقل من سنتين، قدم المسؤولون مؤشر أسعار المستهلك «CPI»، الذي يكتسب أهميته تدريجياً كمؤشر للتضخم، والذي يخطط البنك المركزي الهندي على الاعتماد عليه في المستقبل القريب.
وعلى عكس المكونات الأساسية لمعدل التضخم وهي المواد الغذائية والطاقة، تتأثر المكونات الأخرى لمعدل التضخم وهي العقارات والمنتجات الاستهلاكية بشكل مباشر بأحجام السيولة. وفي الهند، ما يزال معدل التضخم الأساسي بحسب مؤشر أسعار الجملة «WPI» منخفض نسبياً حيث يزيد بقليل عن 2.5 في المئة على أساس سنوي. ومع أنه من المحتمل أن يكون لتضييق السياسة النقدية فوائد في تخفيض معدل التضخم، إلا أنها تضعف كذلك من الطلب، مما قد مما قد يضعف أيضاً من معدل التضخم الأساسي. ومن المحتمل أن تؤدي التقييدات الكثيرة إلى تراجع النشاط الاقتصادي ومعدل التضخم الأساسي، مما يؤدي إلى انكماش الرواتب، وهو ما يسبب أزمة اقتصادية واضطرابات على نطاق واسع.
وإذا لم يرتفع الناتج المحلي الإجمالي الهندي لمستوى أكبر من 8 في المئة خلال الربعين المتبقيين من السنة المالية التي تنتهي في مارس 2014، وهو احتمال ضعيف، فسينخفض النمو الاقتصادي إلى معدل أقل من المعدل الذي سجله خلال الأزمة المالية العالمية. كما ان القطاع الصناعي ضغيف جداً، وبالكاد نما خلال الأشهر الاثني عشر الماضية، فمن المتوقع أن يبقى على حاله وسط ضيق السيولة. وبالرغم من أن البنك المركزي الهندي رفع أسعار الفائدة، سيكون من الصعب رفع سعر صرف الروبية بسبب ضيق السيولة العالمية هذا العام. ومع اقتراب الانتخابات الهندية، تنمو الحركات الشعبية سريعاً. لكن البنك المركزي الهندي ريكز على التخلص من مشكلة التضخم التي عانى منها طويلاً، وعلى عكس موجه التضييق السابقة، يهدف البنك المركزي هذه المرة إلى التخلص من المشكلة كلياً بدلاً من تقليلها فقط، حتى وإن جاء ذلك على حساب بعض العناصر مثل النمو على المدى القصير. ومن المتفق عليه أن هذا العام سيكون عاماً صعباً للاقتصاد الهندي، لكن قد يكون مثل أغلب التغيرات الناجحة، يأتي بمتاعب على المدى القصير، تؤدي لمكاسب على المدى الطويل.