قال تقرير البنك الوطني تُشير بيانات ميزانية المملكة العربية السعودية للعام 2014، والتي صدرت مؤخراً، الى تباطؤ حاد في نمو الإنفاق الحكومي المعتمد. حيث من المتوقع أن ترتفع المصروفات الإجمالية بواقع 4 في المئة هذا العام وفق الميزانية، وذلك مقارنة مع 19 في المئة في ميزانيتي عامي 2012 و2013. ويعتبر معدل نمو المصورفات الحكومية في ميزانية السعودية لهذا العام الأدنى خلال العقد الماضي، ما يعكس جهود الحكومة لكبح جماح المصروفات بعد أن شهدت ارتفاعات كبيرة خلال السنوات الماضية.
وتابع وعلى الرغم من أن الاقتصاد السعودي يمتلك زخما قويا، إلا أن استمرار الإنفاق الحكومي في هذا النهج الأكثر تحفظا قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي على المدى المتوسط. فقد نما الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي بمعدل 8 في المئة سنوياً «بالأسعار الثابتة» خلال العقد الماضي وذلك نتيجة ارتفاع الإنفاق الحكومي بواقع 14 في المئة سنوياً في المتوسط. ومن المتوقع أن يصل النمو في الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي إلى نحو 4 في المئة - 5 في المئة هذا العام، مما سيتطلب من القطاع الخاص أن يلعب دورا أكبر في دعم النمو خلال السنوات القادمة.
وبين يعزى هذ التباطؤ المقرر في نمو الانفاق إلى كل من الإنفاق الجاري والإنفاق الاستثماري. فمن المتوقع أن يرتفع الإنفاق الجاري الذي يشكل ما يقارب 70 في المئة من إجمالي الإنفاق بواقع 14 في المئة حسب الميزانية، ليصل الى 607 مليارات ريال. وعلى الرغم من أن وتيرة النمو هذه تعتبر جيدة، إلا أنها أقل بكثير مما كانت عليه في السنوات الأخيرة. فقد سجلت المصروفات الجارية نمواً ملحوظاً بمتوسط سنوي بلغ 29 في المئة بين العامين 2011 و2013 نتيجة مكافآت وزيادات في مرتبات القطاع العام.
وقال أما الإنفاق الاستثماري، فمن المقرر أن يتراجع بواقع 13 في المئة الى 248 مليار ريال، وهو أدنى مستوى له منذ العام 2009. وقد يعكس ذلك في جانب منه الانتهاء من إنجاز بعض المشاريع. ولكن من الجدير بالذكر أيضاً أن العديد من مشاريع البنية التحتية الضخمة التابعة لمؤسسات حكومية مثل أرامكو السعودية، يتم تمويلها من خارج الميزانية وبالتالي لا تظهر في الميزانية كبند من بنود الإنفاق الحكومي.
وبين على الرغم من تباطؤ النمو الذي تظهره بيانات الميزانية، إلا أنه فعليا لن يكون بالحدة التي تشير إليها، وذلك لأن المصروفات الفعلية قد نمت بوتيرة معتدلة خلال العامين الماضيين، نتيجة تدابير الإنفاق الإستثنائية وغير المتكررة التي اقرت في العام 2011. فقد سجل الإنفاق الفعلي نمواً معتدلاً بواقع 6 في المئة في العامين 2012 و2013 مقارنة مع 26 في المئة في العام 2011. ونتوقع أن ينمو الإنفاق الفعلي بمعدل أكثر اعتدالا هذا العام بواقع 5 في المئة ، أي تماشياً مع توقعات الحكومة، وبالتالي فإن التباطؤ سيكون هامشياً.
وأشار في الواقع، هناك سبب اّخر للتحفظ في تفسير بيانات الميزانية، حيث أن المصروفات الفعلية قد فاقت ما اعتمد في الميزانية بواقع 25 في المئة في المتوسط خلال العقد الماضي، وكان ذلك جزئياً نتيجة الإنفاق التكميلي على الدعم والتقديمات والأجور، إلى جانب المصروفات الإضافية على مشاريع البنية التحتية الطموحة. اما في العام 2013، فقد تخطت المصروفات الفعلية مستواها المعتمد بنحو 13 في المئة ، مما يدل على تبنّي الحكومة سياسة الترشيد في الإنفاق، حرصا منها على تجنب التجاوزات واستدامة وضع المالية العامة.
وأضاف التقرير نتوقع أن تتراجع الإيرادات الحكومية مرة أخرى هذا العام نتيجة انخفاض أسعار النفط وتخفيض الانتاج. ومع تراجع الطلب العالمي على النفط وارتفاع الامدادات من خارج دول منظمة أوبك، فمن المتوقع أن تقوم السعودية بتخفيض الانتاج بشكل أكبر هذا العام لتحقيق التوازن في سوق النفط. وبالتالي، من المفترض أن تتراجع الإيرادات النفطية إثر ذلك. أما الإيرادات غير النفطية، فمن المحتمل أن تشهد ارتفاعاً، غير انها ستبقى تشكل ما نسبته 10 في المئة من إجمالي الإيرادات.
وتتوقع الحكومة أن تشهد الميزانية توازناً هذا العام، وذلك بعد تسجيل فائض يقدر بنحو 7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في العام 2013. ونتوقع نحن أيضاً أن ينكمش فائض الميزانية لهذا العام على الرغم من اعتدال نمو المصروفات، وذلك نتيجة التراجع المتوقع في الإيرادات. ووفقاً لتوقعاتنا حول الإنفاق والايرادات، فإنه من المقدر أن يتقلص الفائض المالي للسعودية ليصل إلى 5 في المئة تقريباً من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2014.