
قال التقرير الاسبوعي لشركة الشال ان وزير المالية ذكر كلاماً صحيحاً في مقابلة مع «العربية»، ودعا الى ضرورة السيطرة على النفقات الجارية البالغة 85 في المئة من اعتمادات الموازنة العامة في دولة تعتمد، بنسبة 93 في المئة ، على إيرادات النفط في تمويل ميزانيتها. وسبب رئيس في استمرار اعتماد الموازنة العامة على النفط وبتلك النسبة العالية في تمويلها، هو هيمنة النفقات الجارية على الإنفاق العام، ومعها تعجز الكويت عن تنويع مصادر الدخل وعن خلق وظائف للقادمين إلى سوق العمل. والسيطرة على النفقات الجارية توجه صحيح، من حيث المبدأ، لأن إمكانات استمرارها مستحيلة، ومن سوف يدفع ثمن العجز عندما يعجز سوق النفط عن تمويلها، هو السواد الأعظم من الناس أصحاب الدخول الثابتة.
ومضى: وما ذكره الوزير، وهو البدء بترشيد مصروفات الدعم البالغة نحو 5 مليارات دينار أو نحو ربع مصروفات الموازنة العامة، أيضاً، صحيح، فلا معنى لتقديم دعم، مثلاً، لمن يستهلك كهرباء أو ماء بما يعادل 10 أضعاف المعدل العام، ولا بأس بتقديم مكافأة نقدية لمن يستهلك نصف المعدل العام. وما ينسحب على الكهرباء والماء ينسحب على المكونات الأخرى، فلا بأس بحجب الدعم عن من تزيد دخولهم عن مستوى معين، وزيادته لآخرين، والنتيجة النهائية لن تكون وفراً في المصروفات، فقط، وإنما عدالة أكبر بزيادة الدعم لمستحقيه.
وقال: والمؤكد أن وزير المالية يعرف، جيداً، بأن الإصلاح الحقيقي يتطلب أكثر من ذلك، ولكنه يحتاج إلى بداية، وبدايته في ضبط النفقات الجارية بداية صحيحة، وعليه فـي وقـت مـا، قريبـاً، أن يواجـه بقيـة الحكومـة والنـاس
وواصل: بالإجابة القاطعة، نفياً، على استحالة استمرار الأوضاع المالية على ما هي عليه، حالياً، دون الانتهاء بكارثة. ولابد من البدء بخفض إغراءات الوظيفة الحكومية، بدءاً بأعلاها، حتى لو تطلب الأمر فرض سياسات غير شعبية، مثل فرض ضريبة تصاعدية بعد مستوى محدد من الرواتب، بدءاً بقطاع النفط الذي خربت كوادره العشوائية مستويات ما عداه من رواتب، كلها. ولابد من ربط المكافأة أو الراتب بالإنتاجية، فبينما ترتفع تكلفة الوظيفة العامة، يزداد الأداء تردياً، ويزداد الفساد، وكله يمكن التغاضي عنه، لو كان قابلاً للاستدامة، ولكن من سوف يدفع ثمن عدم استدامته الباهظ هم الصغار القادمون إلى سوق العمل، كلهم. ذلك ينسحب على الخدمات الأساسية، مثل الصحة، فقد انحازت الحكومات السابقة، كلها، إلى توفير الوظيفة في القطاع، على حساب المحافظة على حياة الناس، فلم يعد القطاع قادراً على تقديم الحد الأدنى من الخدمات اللائقة، ومثله التعليم.
وختم: لقد بدأ وزير المالية البداية الصحيحة، ولو نجح في عدالة توزيع الدعم لصالح مستحقيه والحد من فساده فسوف يجمع رصيداً طيباً لمواجهة المشكلات الأكبر، فالناس تتوقع القدوة في الحكومة، والحكومات المتعاقبة فاقدة لها منذ زمن طويل. ومهما كان رد الفعل سلبياً في البداية، لابد من مواجهة ما لابد من مواجهته، والتأخير لن يؤدي سوى إلى استحالة الإصلاح، ووقود الفشل هم الناس الأبرياء، معظمهم.