
سلط تقرير «الشال» الضوء على تقرير الاستقرار المالي 2012 فقال صدر الأسبوع الفائت تقرير عن مكتب الاستقرار المالي في بنك الكويت المركزي، يشرح وضع ومستوى الاستقرار المالي في عام 2012، والتقرير هو الأول من نوعه وشامل تفاصيل لم نعتد نشرها، لذلك هو جهد مقدر ومحترم يشكر العاملون عليه. ولن نغطي مكونات التقرير، في فقرة واحدة في تقريرنا الأسبوعي، وقد نعود إلى بعض مكوناته في تقارير أخرى، ولكننا سوف نعرض، بإيجاز، لأهم ما جاء فيه، ولن يقلل من أهميته بعض الانتقاد للإخراج، مثل تداخل الألوان والحروف في الرسومات البيانية، وبعض التذكير، لاحقاً، بضرورة احتوائه لبعض التفاصيل.
ومضى: ويرسم التقرير صورة إيجابية لما آلت إليه أوضاع القطاع المصرفي في عام 2012، إذ شهد القطاع ككل ارتفاعاً سنوياً في قيمة الأصول بنحو 7.5 في المئة، لتصل إلى نحو 52.9 مليار دينار كويتي، وهذا الارتفاع السنوي هو الأعلى في 4 سنوات، أي منذ بدء الأزمة الاقتصادية العالمية في عام 2008. وارتفعت قيمة الودائع سنوياً بنسبة أكبر بنحو 11.6 في المئة، لتصل لنحو 39.85 مليار دينار كويتي، وبلغ معدل كفاية رأس المال نحو 18.2 في المئة، وهو معدل مرتفع، وإن كان منخفضاً عن معدل 18.5 في المئة في عام 2011، ولكنه أعلى بنحو 50 في المئة عن متطلبات بازل الحالية. وانخفضت نسبة القروض المتعثرة من نحو 7 في المئة في عام 2011 إلى نحو 5.2 في المئة في عام 2012، حصة البنوك التقليدية منها نحو 66.4 في المئة «حصتها من إجمالي القروض نحو 61.9 في المئة «، ومن القروض المتعثرة نحو 3 في المئة منها، فقط، متعلقة بمنطقة اليورو المأزومة، إذ ينخفض انكشاف القطاع المصرفي الكويتي على أزمة منطقة اليورو لأن 6.5 في المئة، فقط، من إجمالي استثماراته و7.6 في المئة، فقط، من قروضه مرتبط بتلك المنطقة، كما يذكر التقرير.
واستطرد: وشهد صافي الدخل، بعد الضرائب، للقطاع، نمواً سنوياً متواضعاً، نسبياً، بنحو 1.25 في المئة، ليبلغ نحو 574.9 مليون دينار كويتي، ونحو 13.4 في المئة منه أرباح من فروع وبنوك وشركات تابعة خارج الكويت، ولا تزال مستويات أرباح القطاع، ككل، نحو نصف مستواها في عام 2007، أي مستوى ما قبل عام الأزمة الاقتصادية العالمية. وقد ارتفعت حصة البنوك الإسلامية من أرباح القطاع، من نحو 22 في المئة في عام 2011، لنحو 26 في المئة في عام 2012، وسبب أساسي لذلك خفض مخصصات البنوك الإسلامية خلال عام 2012 بنحو 17.7 في المئة. والواقع أن كلاً من الوضع المالي والتطورات الإيجابية في أوضاع القطاع المصرفي، يدعوان إلى تفكير جدي في إلغاء قانون ضمان الودائع، وإلى البدء بتوجيه الجهود إلى الشريك الثاني في القطاع المالي أو شركات الاستثمار، وأكثر من نصفها غير قابل أو قادر على الاستمرار.
وتابع: ما أراد التقرير إيصاله هو أن وضع المصارف الكويتية مأمون، وأن عام 2012 كان بداية طيبة، لما بعد الأزمة، في ممارسة المصارف عملها الرئيس، أي منح الائتمان الذي حقق نمواً لأول مرة بنحو 7.5 في المئة، بعد نمو مسطح، منذ عام 2008، بحدود 2 في المئة، وأصول المصارف في نمو مستمر، وقروضها المتعثرة إلى هبوط، وذلك كله صحيح، ومقدر لبنك الكويت المركزي. ولكن التقرير يحتاج إلى بعض التفصيل، فالوضع المالي للدولة مريح، ولكن وضعها الاقتصادي مخيف، وبينما الوضع المالي مرتبط بمتغير خارج عن الإرادة وهو سوق النفط، تبقى اختلالات الاقتصاد المحلي شأناً داخلياً ومثار قلق لا يدوم استقرار الوضع المالي من دون معالجتها. ولابد من بعض التفصيل في مكونات الائتمان الرئيسة، فسوق العقار والقروض المقسطة والاستهلاكية تستحوذ على 45 في المئة من حجم الائتمان المصرفي، وسوق العقار سوقان، سوق يهدد بفقاعة، وهو نشاط العقار الاستثماري، وآخر في نهاية دورة هبوطه، وهو النشاط التجاري، ولابد من تفصيل اتجاهات تمويلاته. وأعلى معدلات النمو المطلق للإقراض كان من نصيب القروض المقسطة والاستهلاكية، وهو اتجاه غير صحي ومحفوف بمخاطر التدخلات السياسية وإن كان مأمون المخاطر، من الناحية المالية. وأخيراً، لا معنى كبير لتطمين المصارف من انكشافها على منطقة اليورو، فإن حدث انتكاس جوهري لمنطقة اليورو لن يسلم أي استثمار أو قرض في أية منطقة أخرى من العالم. وتبقى إعادة التأكيد أن التقرير، من ناحية المحتوى ومن ناحية المستوى، تقرير جيد وسابقة حميدة، والغرض من نقده ليس التقليل من أهميته بقدر ما هو تقدير لتلك الأهمية وإسهام ولو صغير في بناء التقرير الثاني.