
قال تقرير البنك الوطني مع وصول انتاج الغاز الطبيعي المسيّل لأعلى مستوى له، تسعى قطر ليكون القطاع غير النفطي هو المحرك الأساسي الأكبر للنمو الاقتصادي. وقد سجل هذا القطاع نمواً بواقع 6.2 في المئة بالأسعار الثابتة في العام 2012، ومن المتوقع أن يستمر على هذا المنوال خلال هذا العام وما بعده. ومن المفترض أن يكون لتطبيق خطة قطر الوطنية للتنمية «2011-2016» التي تخصص الخطة 150 مليار دولار على الأقل للاستثمار في البنية التحتية، تأثير إيجابي على القطاع الخاص والاقتصاد المحلي بشكل عام. ومن المتوقع أن تؤدي زيادة مشاريع البنية التحتية الى تقليص الفائض المالي بعد أن سجل أعلى مستوى له بلغ 14.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2012-2013، ليصل الى 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية الحالية.
وتابع التقرير ارتفع الفائض المالي لقطر في السنة المالية 2012-2013 إلى أعلى مستوى له عند 27.4 مليار دولار، وذلك وفقاً للبيانات الأولية التي تم نشرها مؤخراً من قبل بنك قطر المركزي. ويتجاوز ذلك ضعفي فائض السنة المالية السابقة الذي بلغ 13.2 مليار دولار، أي ما يساوي 14.2 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، مع الإشارة إلى قطر تواصل سنويا تسجيل فائض مالي منذ السنة المالية 1999- 2000.
واشار فيما ارتفعت الإيرادات الإجمالية بواقع 24.7 في المئة على أساس سنوي لتبلغ 76.3 مليار دولار، شهدت المصروفات، في المقابل، نمواً بواقع 2 في المئة فقط لتصل الى 48.9 مليار دولار، أي بوتيرة أبطأ بشكل ملحوظ من نموها البالغ 21 في المئة في السنة السابقة ومن متوسط السنوات الخمس الأخيرة. وقد جاءت المصروفات الفعلية أدنى من مستواها المعتمد في الميزانية لأول مرة منذ العام 1990، مع ارتفاع كل من المصروفات الجارية والمصروفات الإنمائية بشكل محدود نسبيا مقارنة مع السنوات السابقة، حيث ارتفعت المصروفات الجارية بواقع 3.9 في المئة على أساس سنوي لتصل الى 35.3 مليار دولار، فيما سجلت المصروفات الإنمائية تراجعا بواقع 2.5 في المئة على أساس سنوي لتصل الى 13.5 مليار دولار.
ومن ضمن المصروفات الجارية، ارتفعت مصروفات الأجور والرواتب بواقع 14.7 في المئة على أساس سنوي، فيما تراجعت مصروفات الفوائد والخدمات بواقع 2.5 في المئة و7 في المئة على أساس سنوي على التوالي.
في الوقت نفسه، يعكس تراجع مصروفات الإنمائية في السنة الماضية التأخر في إطلاق بعض المشاريع الأساسية، لكن من المتوقع أن يشهد ذلك تحسنا هذا العام، نظرا إلى أن النشاط الاستثماري، مقاسا بحسب قيمة العقود الممنوحة، قد ارتفع بواقع 30 في المئة خلال النصف الأول من العام 2013. ومن المحتمل أن تبلغ قيمة إجمالي العقود الممنوحة 56.5 مليار دولار بحلول نهاية العام، وذلك ضعف قيمتها للعام الماضي. ومع الأخذ بعين الاعتبار التزامات خطة قطر للتنمية واستضافتها لبطولة كأس العالم للعام 2022، فمن المحتمل أن ترتفع المصروفات الإنمائية لتصل الى 9.5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2013-2014، من 7.0 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة الماضية.
وفي المقابل، ارتفعت الإيرادات الإجمالية بواقع 24.7 في المئة لتصل إلى أعلى مستوى لها عند 76.3 مليار دولار، وذلك بفضل إيرادات النفط والغاز المتنامية التي ارتفعت بواقع 10.4 في المئة على أساس سنوي، والارتفاع الملحوظ في الدخل الاستثماري «الأرباح من الجهات والمؤسسات المرتبطة بالحكومة» و»الإيرادات الأخرى» «الضريبة على الشركات، إياردات الجمارك...» بواقع 62.3 في المئة و54.6 في المئة على أساس سنوي على التوالي. لكن نظرا إلى أن ناتج قطاع النفط والغاز قد يكون قد وصل إلى ذروته في الوقت الراهن ومن غير المتوقع أن تتحرك أسعار النفط والغاز صعودا، فإن نمو الإيرادات سيعتمد بشكل متزايد على نشاط القطاع غير النفطي.
وفي وقت سابق من العام الحالي، أعلنت الحكومة عن ميزانية توسّعية للسنة المالية 2013-2014 تتضمن ارتفاعا في المصروفات الإجمالية بواقع 18 في المئة عن السنة السابقة، لتصل الى 57.9 مليار دولار، كما تقدر ارتفاع الإيرادات الإجمالية بواقع 5.7 في المئة الى 60.0 مليار دولار. كما تتوقع الحكومة زيادة مصروفات التنمية بواقع 20.6 في المئة. وفيما جاءت المصروفات الفعلية في السنة الماضي دون مستواها المعتمد في الميزانية، فمن المحتمل أن تأتي مصورفات هذا العام- بقيادة المصروفات الإنمائية على المشاريع الرأسمالية- أعلى من تقديرات الميزانية وأن تتخطى وتيرة نمو الإيرادات من الآن فصاعدا، بما سيؤدي بالنتيجة إلى تقلص الفوائض المالية في الميزانية ليبلغ 9 في المئة و5 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي خلال السنتين القادمتين.
وعلى الرغم من الزيادات المتتالية في الإنفاق، إلا أن الاستقرار المالي يبقى ضمن أجندة السياسات. ومن المتوقع أن تعمل السلطات القطرية على الوفاء بالتزاماتها المعلنة على احتواء الضغوط المتزايدة من المصروفات، و تحقيق توازن في الميزانية عن طريق النشاط غير النفطي بشكل كامل بحلول العام 2020.
لقد سجل معدل التضخم في قطر تراجعا خلال الأشهر الأربعة الماضية، ليصل الى 2.8 في المئة على أساس سنوي في شهر أغسطس، وذلك وفقاً لمؤشر أسعار المستهلك. ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى استقرار أسعار المواد الغذائية، حيث قامت الحكومة بخصم أسعار المواد الغذائية خلال شهر رمضان، كما يعزى الى تراجع أسعار «السلع والخدمات المختلفة».
أما التضخم في الإيجارات السكنية الذي يعتبر المكوّن الأكثر أهمية في المؤشر، والذي يشكل 32.2 في المئة من وزن المؤشر، فقد استمر في الارتفاع بشكل مستقر منذ منتصف العام الماضي، حيث بلغ 6.7 في المئة في يونيو، مدعوما بارتفاع الطلب نتيجة الزيادة السكانية، مع محدودية المعروض. أما التضخم في شريحة «الترفيه والثقافة» فقد برز خلال العام 2013 ليبلغ 8.4 في المئة على أساس سنوي في أغسطس.
ويدعم كل من الزيادة السكانية والنمو الاقتصادي توقعاتنا بأن يبلغ معدل التضخم 3.4 في المئة و4.1 في المئة في المتوسط للعام 2013 والعام 2014 على التوالي.
الخصائص السكانية والقوى العاملة
إن تعداد قطر السكاني في طريقه لبلوغ الامليوني نسمة بعد أن ارتفاع بواقع 6.2 في المئة على أساس سنوي في العام 2013، وذلك وفقاً للتقديرات نصف السنوية التي نشرتها الهيئة القطرية للإحصاء.
كما ازدادت أيضاً القوى العاملة التي تشكل فيها العمالة الوافدة نسبة 94.0 في المئة ، حيث ارتفعت بواقع 9.0 في المئة لتصل الى 1.47 مليون عامل، وذلك نتيجة التوسّع الاقتصادي السريع الذي تشهده قطر خلال السنوات الأخيرة الذي أدى الى زيادة العمالة الوافدة، لا سيما في قطاعي البناء و الخدمات. ومن المحتمل أن يستمر هذا المنحى نتيجة بدء الحكومة في تطبيق خطتها التنموية.
لا يزال مؤشر سوق قطر للأسهم، الذي يضم عشرين شركة مدرجة، مرتفعاً بواقع 15.1 في المئة منذ بداية العام الحالي على الرغم من انخفاضه بواقع 0.9 في المئة في يوليو لأول مرة منذ ستة أشهر. أما الأداء السلبي للمؤشر في أغسطس الماضي، فيرتبط بشكل أساسي إلى هبوط أسواق الأسهم عالمياً والذي ترافق مع ازدياد التوترات الإقليمية. وفي الأشهر الأخيرة، ارتفعت كذلك ثقة المستثمرين مع إدراج سوق الأسهم القطرية ضمن قائمة مؤشر مورغان ستانلي الأسواق الناشئة انطلاقا من شهر مايو من العام 2014. ومن المفترض أن يؤدي ذلك الى زيادة التدفقات الاستثمارية إلى بورصة قطر وارتفاع سيولة السوق.