
قال تقرير البنك الوطني وجدت أسواق تداول العملات الاجنبية وأسواق السندات انفسها أمام مفاجأة غير متوقعة بسبب القرار الصادر عن اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة، وهو ما دفع بالمستثمرين الى التوجه نحو الاستثمارات الاكثر أماناً، فقد قرر البنك الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة الامريكية الابقاء على برنامج شراء الاصول ثابتاً من دون تغيير عند 85 مليار دولار امريكي شهرياً، وذلك بالرغم من ان الاسواق قد تحضرت لقيام البنك الفيدرالي بخفض حجم برنامج الحوافز بمقدار 10 – 15 مليار دولار امريكي على الاقل. وبالنتيجة فإن القرار الصادر عن البنك الفيدرالي قد تسبب بتراجع سعر الدولار الامريكي مقابل كافة العملات الرئيسية الاخرى، وهو ما عزز من الضغوطات التي يعاني منها الدولار خاصة مع انسحاب وزير الخزينة السابق لاري سامرز من قائمة المتنافسين على مقعد برنانكي، وهو ما يعزز فرص تعيين نائب الرئيس جانيت يالن بدلاً منه. بالاضافة الى ذلك، سجلت العديد من المؤشرات الرئيسية حول العالم ارتفاعات ملحوظة نتيجة لقرار البنك الاحتياطي الفيدرالي، فقد ارتفع مؤشر ستاندرد آند بورز بنسبة 1.60 في المئة ، كما ارتفع مؤشر داو بنسبة 1.55 في المئة وسجل مؤشر نيكاي من ناحية اخرى ارتفاعاً بنسبة 1.80 في المئة ، خاصة وأن قرار البنك الفيدرالي بعدم تعديل برنامج شراء الاصول يعود الى انه يفضّل الانتظار لظهور المزيد من الدلائل على ان استقرار النمو اقتصادي في البلاد وذلك قبل القيام بخفض حجم عمليات شراء الاصول. وفي المقابل، بالرغم من ان سوق العمل قد شهد تحسناً ملحوظاً فإن المشرعين ما يزالون متخوفين من ان القيام بأي خطوة قبل اوانها لخفض حجم برنامج شراء الاصول من شأنها أن تؤدي إلى تراجع وتيرة التعافي الاقتصادي في البلاد.
وأضاف من ناحية أخرى، فإن حالة الترقب التي عمت في الاسواق للقرار الصادر عن البنك الاحتياطي الفيدرالي قد أثرت على أسواق تداول العملات الاجنبية، فقد افتتح اليورو الاسبوع على نحو ايجابي عند 1.3294 ثم ارتفع مع ساعات التداول الاولى ليصل إلى 1.3380 وذلك على اثر اعلان الرئيس الامريكي اوباما عن انسحاب وزير الخزينة السابق لاري سامرز من لائحة المرشحين لمنصب محافظ البنك الاحتياطي الفيدرالي. وباعتبار ان سامرز قد تميز بمواقفه الحازمة فيما يتعلق بالدولار الامريكي، فقد تراجع سعر الدولار الامريكي مقابل اليورو خاصة وان المنافس الآخر على منصب محافظ البنك الفيدرالي وهي نائب الرئيس جانيت يالن التي تعتبر من مؤيدي برنامج شراء الاصول، تقف في قائمة المرشحين من دون منافس. فقد شهد اليورو أسبوع متقلب بسبب ترقب السوق لقرار البنك الفيدرالي لتعديل برنامج الحوافز، الا انه سرعان ما ارتفع بقوة مقابل الدولار الذي بدأ في التراجع بعد ان تسبب قرار البنك الفيدرالي بمفاجأة للسوق حيث تقرر الابقاء على برنامج شراء الاصول كما هو عند 85 مليار دولار امريكي شهرياً، وبالتالي فقد ارتفع اليورو مقابل الدولار الامريكي 230 نقطة أساس ليصل إلى أعلى مستوى عند 1.3568، ثم ليبدأ بالتراجع بعض الشيء ليصل إلى 1.3508 يوم الجمعة وليقفل الاسبوع عند 1.3524. أما الجنيه الاسترليني فقد سار على الخطى نفسها لليورو حيث افتتح الاسبوع عند 1.5880 يوم الاثنين ثم ارتفع إلى 1.5963 بعد الاعلان المتعلق بانسحاب لاري سامرز، ليرتفع الجنيه من جديد مقابل الدولار الامريكي خاصة مع صدور عدد من المعطيات الاقتصادية الجيدة والتي بشرت بمستقبل اقتصادي مشرق للبلاد، كما اشار عدد من التقارير ان مستويات التضخم ما تزال متجاوزة الحد المستهدف من قبل البنك الفيدرالي للشهر الماضي، وذلك تزامناً من عدد من الدلائل على ان مؤشرات الثقة في الاقتصاد البريطاني قد بدأت بالتحسن. وبالنتيجة سجل الجنيه الاسترليني ارتفاعاً جيداً بعد صدور محضر اجتماع بنك انكلترا المركزي وحيث اتفق الاعضاء على ان الاقتصاد البريطاني لا يحتاج حالياً الى المزيد من الحوافز المالية، وهو ما نتج عند ارتفاع في سعر الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الامريكي ليصل إلى 1.5980. بالاضافة إلى ذلك، استمر الجنيه بالارتفاع مقابل الدولار الامريكي ليكسر عدد من الحواجز التقنية الرئيسية ليصل إلى اعلى مستوى له عند 1.6165، الا انه سرعان ما بدأ الجنيه بالتراجع على اثر التراجع الذي شهدته مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة والذي يعتبر التراجع الاكبر لها لفترة الـ10 اشهر الاخيرة، وهو ما اثر سلباً على مؤشرات الثقة في الاقتصاد البريطاني وليقفل الجنيه الاسترليني الاسبوع عند 1.6006. وفي المقابل، افتتح الين الياباني الاسبوع عند 99.38 ثم ارتفع مقابل الدولار الامريكي الذي كان قد بدأ في التراجع مع بداية الاسبوع، ليتراوح سعر الين الياباني بين 99.00 وبين 99.30 خاصة مع عدم استقرار اسواق التداول قبيل صدور قرار البنك الفيدرالي والمتعلق ببرنامج الحوافز، وبالتالي فقد استمر الين الياباني بالتراجع مقابل الدولار الامريكي ليصل إلى أدنى مستوى عند 97.76 ثم ليصل بعدها إلى 99.62 بعد أن بدأ المستثمرون باقتراض العملات ذات الفوائد المنخفضة وذلك من اجل شراء العملات التي تنطوي على ايرادات اعلى، ليقفل الين الياباني الاسبوع اخيراً عند 99.36. اما الفرنك السويسري فقد ارتفع مقابل الدولار الامريكي المتراجع مع بداية الاسبوع بسبب توجه المستثمرين نحو العملات التي تنطوي على نسبة اقل من المخاطر، وذلك الى جانب المخاوف المتعلقة بنتائج اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي، وبالتالي فقد افتتح الفرنك السويسري الاسبوع عند 0.9297 ثم ارتفع إلى 0.9224 مقابل الدولار الامريكي، الا ان تراجع الدولار الامريكي مقابل معظم العملات الرئيسية الاخرى قد حث المستثمرين على التوجه نحو العملات الاكثر أماناً خاصة بعد المفاجأة التي اصيبت بها الاسواق العالمية بعد صدور محضر اجتماع البنك الفيدرالي، ليتراجع سعر الفرنك الى ادنى مستوى عند. 09090 وليقفل الاسبوع عند 0.9103.
وتابع ارتفع عدد مشاريع البناء السكنية للشركات الانشائية الامريكية خلال الشهر الماضي بنسبة اقل من المتوقع، وهو الامر الذي يشكل دعماً للقرار الصادر عن البنك الاحتياطي الفيدرالي بالابقاء على برنامج الحوافز الحالي كما هو، حيث ان الهدف من وراء برنامج الحوافز في المقام الاول هو المحافظة على التوسع الاقتصادي للولايات المتحدة الامريكية، فقد ارتفع عدد مشاريع الانشاء السكنية الجديدة بنسبة 0.9 في المئة ليصل إلى 891,000 سنوياً وبالتللي فقد تجاوز العدد المتحقق الشهر الماضي عند 883,000 مسكن والذي كان أقل مما كان متوقعاً في حينه وذلك عند 917,000 مسكن.
واشار شهدت مبيعات المساكن المملوكة سابقاً في الولايات المتحدة الامريكية بشكل فاق التوقعات خلال الشهر الماضي وذلك إلى أعلى مستوى لها خلال ما يفوق الست سنوات، خاصة وأن الشراة من الشعب الامريكي قد تدافعوا لاتمام رهوناتهم العقارية قبل ارتفاع أسعار الفائدة الى مستويات جديدة، فقد ارتفع عدد عمليات شراء المساكن الحالية بنسبة 1.7 في المئة ليصل العدد الاجمالي الى 5.48 مليون مسكن وهو الحد الاعلى الذي تحققه هذه المبيعات منذ شهر فبراير عام 2007. تجدر الاشارة إلى أن العدد المتحقق قد تجاوز العدد المتوقع عند 5.25 مليون وحدة سكنية، كما أنه تجاوز العدد المتحقق خلال الشهر الماضي عند 5.39 مليون وحدة سكنية.
وارتفع عدد طلبات تعويضات البطالة هذا الاسبوع في الولايات المتحدة الامريكية بشكل أتى دون التوقعات، خاصة وأنه لم يتم تسجيل طلبات الاسبوع الماضي في اثنتين من الولايات الامريكية وذلك بسبب المشاكل التي تعرضت لها انظمة الحاسوب خلال الاسبوع السابق، فقد ارتفع عدد مطالبات تعويضات البطالة بمقدار 15,000 مطالبة ليصل العدد الاجمالي الى 309,000 مطالبة وذلك بعد ان بلغ العدد 294,000 خلال الاسبوع الذي سبقه، وخلافاً للعدد المتوقع عند 330,000 مطالبة. تجدر الاشارة إلى ان الشركات والمؤسسات تعمل على الاحتفاظ بما لديها من موظفين وذلك لتتمكن من تلبية حجم الطلب المتزايد للمستهلك الامريكي، وبالتالي فإن كافة الدلائل تشير إلى أن سوق العمل الامريكي يشهد تحسناً مستقراً وذلك بحسب ما أفاد به مسؤولون رسميون لدى البنك الاحتياطي الفيدرالي.
وشهد الشهر الحالي ارتفاعاً في مؤشر الثقة بالاقتصاد الالماني وذلك الى اعلى مستوى له خلال ما يفوق الثلاث سنوات وهو ما يعزز موجة التفاؤل حيال قدرة الاقتصاد الالماني على الاستمرار في النمو والتوسع وذلك ضمن التعافي الاقتصادي الذي تشهده الساحة العالمية حالياً، فقد ارتفع مؤشر ZEW الاقتصادي من 42.0 خلال شهر اغسطس الى 49.6 خلال الشهر الجاري وهو الحد الاعلى الذي يسجله المؤشر منذ ابريل عام 2010، ومتجاوزاً بالتالي الحد المتوقع عند 45.0. من ناحية اخرى، فإن المانيا مستعدة للاستفادة من ارتفاع حجم الطلب على منتجاتها خاصة وأن منطقة اليورو والتي تضم 17 دولة قد تمكنت اخيراً من انتشال نفسها من اطول ركود اقتصادي لها على الاطلاق الذي شهدته خلال السنوات الاخيرة.
وبين التقرير تراجعت مبيعات التجزئة في المملكة المتحدة على نحو غير متوقع خلال شهر أغسطس وذلك بنسبة -1.0 في المئة ، وهو ما يعتبر التراجع الأكبر لها خلال فترة الـ10 أشهر الأخيرة وذلك على اثر تراجع حجم الطلب على المواد الغذائية، فقد تراجعت المبيعات في قطاع التجزئة بنسبة 0.9 في المئة عن شهر يوليو وبشكل أتى أسوأ مما كان متوقعاً من قبل المحللين الاقتصاديين عند 0.0 في المئة ، فالطلب على المواد الغذائية قد سجل ارتفاعاً خلال شهر يوليو بلغ نسبة 2.7 في المئة وهو الاكبر منذ شهر أبريل من عام 2011، ولكنخسر القطاع كافة المكاسب المتحققة مع حلول شهر اغسطس وهو الامر الذي اثّر سلباً على مبيعات التجزئة في البلاد. والجدير بالذكر ان التقارير هذه تتناقض مع واقع ان الاقتصاد البريطاني يسجل نحسناً خلال الفترة نفسها، خاصة وأن العديد من المؤشرات تدل على تحسن ملموس في الانتاج الصناعي والذي بلغ اعلى مستوياتها منذ 6 سنوات.