
قال تقرير البنك الوطني تشير أرقام المالية العامة النهائية للسنة المالية 2012-2013 «من أبريل حتى مارس» الى ارتفاع عمليات الإنفاق الحكومي في العام الماضي بنسبة 14 في المئة، متخطية بذلك التوقعات السابقة. وسيوفر هذا الارتفاع دعماً جيداً للاقتصاد العام الذي يشير الى نمو متباين، بيد أن الزيادة في المصروفات الجارية هي المتسبب في هذا الارتفاع وليس المصروفات الاستثمارية، التي أبدت بدورها أداءاً مخيّباً للآمال مرة أخرى. ومن المحتمل أن تتحسن عمليات الإنفاق الاستثمارية هذه السنة، إلا أن اجمالي الإنفاق الحكومي قد يرى انخفاضاً في النمو.
وأضاف التقرير قد وصل الإنفاق الإجمالي الحكومي الى رقمٍ أعلى بكثير من توقعاتنا، ليبلغ 19.3 مليار دينار. ويرجع ذلك الى القيام ببعض التعديلات الكبيرة بين بيانات الإحدى عشر شهراً وحسابات نهاية السنة والتي لم تكن متوقعة. وتخطت عمليات الإنفاق الجاري الرقم المقدر أن تصل اليه وهو 16.0 مليار دينار على وجه التقريب، حيث وصلت الى 17.5 مليار دينار وهي زيادة تقدّر بواقع 15 في المئة مقارنة بالسنة الماضية. وجاء هذا الارتفاع المفاجئ الحاد ضمن شريحة الإنفاق على الخدمات المتنوعة والتحويلات، التي تتضمّن رواتب العسكريين والتحويلات لصندوق التأمينات الاجتماعية والتحويلات الخارجية والتي ارتفعت جميعها في الحسابات الختامية. ومن الجدير بالذكر أن هذه الشريحة قد شكلت 52 في المئة من عمليات الإنفاق الجاري.
وتابع ارتفعت أيضاً رواتب وأجور المدنيين ضمن عمليات الإنفاق الجاري بنسبة كبيرة وصلت الى 18 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، لتبلغ 4.8 مليار دينار. وقد جاء هذا الارتفاع عقب زيادة أكبر بواقع 20 في المئة خلال السنة الماضية. ويعكس هذا الارتفاع الزيادات في عمليات التوظيف، حيث ازداد التوظيف في القطاع الحكومي بواقع 10,000 في السنة حتى يونيو من عام 2013. كما يعكس هذا الارتفاع أيضاً الزيادات في الرواتب، التي من ضمنها زيادة بنسبة 25 في المئة في الراتب الأساسي للمواطنين.
وأوضح ساهمت المصروفات على السلع والخدمات أيضا، والتي كانت قد ارتفعت بواقع 32 في المئة لتبلغ 3.6 مليارات دينار، بدفع مستوى الإنفاق الجاري. وغالباً ما تمثل هذه الشريحة عمليات التحويل بين الوزارات لتغطية التكلفة الافتراضية لشراء الوقود من المصافي المحلية وذلك بغرض تزويد محطات الطاقة. وحيث تم تتبع أثر هذا الارتفاع في أهداف الميزانية لهذا العام، فمن المرجح أنه مرتبط بتزايد انتاج الكهرباء.
وأشار أما عمليات الإنفاق الرأسمالي، فقد ظلت كما هي لهذا العام، مستقرة عند 1.8 مليار دينار. ويعكس هذا الركود التباطؤ في تطبيق خطة التنمية التابعة للحكومة في الفترة بين 2010-2011 و 2013-2014 والذي لا تظهر جميع عناصره في الميزانية. وقد وبلغت نسبة تنفيذ الإنفاق المخطط له في السنة الماضية 69 في المئة، متحسنة بذلك عن السنة السابقة والتي كانت متدنية عند نسبة 64 في المئة. ويرجع ذلك لحدوث هبوط في أهداف الميزانية الرسمية لهذه السنة. ويظل الإنفاق الضعيف على الاستثمار من أكبر نقاط ضعف الاقتصاد. فعلى سبيل المثال، شهدت عمليات الإنفاق الاستثماري نمواً بمتوسط 7 في المئة للسنة الواحدة خلال الخمس سنوات الماضية مقابل نسبة تصل الى 16 في المئة في نمو عمليات الإنفاق الجاري. حيث تمثل المصروفات الاستثمارية 9 في المئة من الإنفاق الحكومي الإجمالي، وتعتبر هذه النسبة منخفضة وفقاً للمعايير الإقليمية.
وتشير هذه الأرقام الى أن السياسة المالية كانت داعمة للنمو الاقتصادي في العام الماضي. حيث يبدو أن مستوى الإنفاق قد ارتفع بنسبة 15 في المئة مقارنة بالسنة الماضية، وذلك بعد استبعاد بعض العناصر الضخمة التي بالكاد لها تأثير على الطلب المحلي كعمليات التحويل للخارج والتحويلات التي تجري بين الوزارات. و يقابل هذا الارتفاع نزولاً طفيفاً في العام الذي قبله.
وعلى عكس المصروفات، فقد كان مستوى الدخل الحكومي متماشيا مع توقعاتنا، حيث بلغ 32.0 مليارات دينار بإرتفاع 6 في المئة مقارنة بالسنة الماضية. وتشكل الإيرادات النفطية معظم هذا الدخل، فقد سجلت أكبر صعود لها لتصل إلى 30.0 مليار دينار. وعلى الرغم من أن أسعار النفط قد هبط متوسطها عن السنة الماضية، إلا أنه قد قابل ذلك ارتفاع في انتاج النفط بواقع 5 في المئة، ليصل الى 2.9 مليون برميل في اليوم الواحد. وقد زادت الكويت وبعض الدول الأعضاء في منظمة أوبيك من انتاجها للنفط رغبةً بتعويض الهبوط في عمليات التزويد في أماكن أخرى. وأظهرت الإيرادات غير النفطية صورة جيدة حيث سجلت زيادة بواقع 22 في المئة، لتصل إلى 2.0 مليار دينار. وكان الدافع الأساسي لهذه الزيادة إرتفاع التحصيلات من رسوم شركات الاتصالات ومدفوعات لجنة الأمم المتحدة للتعويضات.
وبين التقرير نظراً للقفزة غير المتوقعة في عمليات الإنفاق الإجمالية من الميزانية، فقد تبيّن أن حساب السنة المالية 2012-2013 قد بلغ 12.7 مليار دينار. ورغم قوته إلا أنه كان أقل من الفائض المتوقع تحقيقه والذي يبلغ 14 مليار دينار. ويشكل هذا الرقم 25 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للعام 2012. واتى الفائض الأخير بعد عدة سنوات من نتائج قوية للميزانية منذ بداية القرن الحالي. وقد وصل مجموع الفائض المتراكم ما يقارب 71 مليار دينار، مما ساهم في زيادة صندوق الثروة السيادية لدولة الكويت.
ومن المحتمل أن تشهد السنة المالية القادمة 2013-2014 فائضاً كبيراً في الميزانية ولكن أقل بصورة طفيفة عن السنة الماضية. ومع استمرار ارتفاع أسعار وانتاج النفط، فمن المحتمل أن تكون الإيرادات مقاربة لمستويات السنة الماضية. وقد حددت الحكومة ضمن أهداف الميزانية للسنة المالية 2013-2014 تقليصاً في الإنفاق بواقع 1 في المئة مقارنة بالسنة الماضية. ولكن مع عدم إنفاق المخصصات كاملة في العام الماضي، فلا يزال هنالك مجالاً لزيادةٍ لا بأس بها في عمليات الإنفاق الفعلي وبواقع 5 في المئة على وجه التقريب وذلك مع الحفاظ على أهداف الميزانية. من المفترض أن يوفر ذلك دعماً مستمراً للاقتصاد العام. و بنفس الأهمية، فإننا نتوقع أن يسجل الإنفاق الاستثماري نموا جيدا وذلك وفقاً لمؤشرات مؤخراً تفيد بأنه قد تم أخيراً البدء بمشاريع ضخمة تترأسها الحكومة.