
قال تقرير البنك الوطني ان المخاطر الجيوسياسية العالمية مستمرة في استقطاب الانظار في السوق هذا الاسبوع وهو ما يلقي بالعديد من الضغوطات على العملات في الاسواق الناشئة، فلقد سيطرت حالة كبيرة من التوتر على اسواق تداول العملات الاجنبية في منطقة الشرق الاوسط وبالتالي فقد احجم المستثمرين عن الاستثمار في الاستثمارات التي تنطوي على نسبة مرتفعة من المخاطر، هذا وتتهدد الاسواق الناشئة الكثير من المخاطر مقابل الدولار الامريكي واليورو وذلك مع العملات التي تشهد نسبة كبيرة من التراجع على غرار الليرة التركية والروبية الهندية واللتين تراجعتا الى ادنى مستوياتهما على الاطلاق، اما العملات التي تتمتع بموقع آمن مثل الدولار الامريكي واليورو والفرنك السويسري والجنيه الاسترليني والين الياباني فقد شهدت تداولات لا بأس بها خاصة باعتبارها من عملات الاحتياط. من ناحية اخرى، فقد ارتفعت اسعار الذهب والنفط هذا الاسبوع بسبب الاوضاع المتوترة في منطقة الشرق الاوسط، اما اسواق الاسهم فقد كانت هادئة فضلاً عن ان السندات في اسواق دول العالم الاول قد كانت جيدة. بالاضافة إلى ذلك، سعت دول الـBRIC والتي تضم البرازيل وروسيا والهند والصين للمحافظة على المستثمرين الدوليين فيها وذلك من خلال الاعلان عن فكرة انشاء بنك مشترك برأسمال يبلغ 50 مليار دولار امريكي.
وأضاف: اما في الولايات المتحدة الامريكية فعملية البحث مستمرة لإيجاد بديل لمحافظ البنك الاحتياطي الفدرالي وحيث ان يالن وسامرز يترأسات قائمة المرشحين، أما فيما يتعلق بالسياسة النقدية في البلاد فإن المسؤولين الرسميين ما يزالون عند المنهج نفسه من حيث اعتمادهم كلياً على المعطيات الاقتصادية الصادرة قبل القيام بأي خطوة، وهو الامر الذي يدع الاسواق مجبرة على التكيّف مع الوضاع السائدة وهو ما يجعلها عرضة للتقلبات في المعطيات الاقتصادية. والجدير بالذكر ان بعض المعطيات الاقتصادية الامريكية الرئيسية قد اصبحت على جانب كبير من الاهمية باعتبار ان المستثمرين يراقبونها عن قرب وذلك لتبيان اتجاه الدولار الامريكي مقابل الدول الصناعية العشر الكبرى. أما ايرادات السندات الامريكية لأجل 10 سنوات فتستمر بالتقدم للوصول نحو الحد الفاصل عند نسبة 3 في المئة لتصل إلى اعلى مستوى لها عند 2.89 في المئة ، وهو ما وضع الدولار الامريكي في قائمة الرهونات المفضلة في الاسواق العالمية المضطربة.
ومضى: تمتع اليورو بأسبوع مستقر نسبياً بالرغم من التراجع الذي مر به يوم الخميس بعد صدور المعطيات الاقتصادية الالمانية والتي أتت أسوأ مما كان متوقعاً والتي تزامنت مع صدور معطيات اقتصادية افضل للناتج المحلي الاجمالي في الولايات المتحدة الامريكية، هذا وقد ارتفع اليورو يوم الاربعاء ليصل إلى اعلى مستوى له عند 1.3399، الا ان المستثمرين قد قاموا بالاستفادة من الفرصة المتاحد امامهم لتحقيق بعض المكاسب قبيل حلول موعد الانتخابات الامانية ومع صدور المعطيات الاقتصادية الالمانية اتت اسوأ مما كان متوقعاً، ليقفل اليورو الاسبوع عند 1.3220.
وأردف: استمر الجنيه الاسترليني في التراجع بسبب المواقف غير الحازمة التي يستمر محافظ بنك انكلترا المركزي في اتباعها والمتعلقة بالسياسة النقدية المتبعة في المملكة المتحدة، فقد ارتفع الجنيه الاسترليني الى اعلى مستوى له عند 1.5612 مع بداية الاسبوع على اثر التحسن غير المتوقع في مبيعات التجزئة في البلاد، ليقفل الجنيه الاسبوع مع تراجع بسيط ليصل إلى ما دون مستوى الـ1.5504 بقليل.
وفي المقابل، تستمر تداولات الين الياباني باعتباره احد العملات التي تتمتع بالموقع الآمن خاصة مع التراجع الذي تشهده العملات الخاصة بالدول الناشئة، هذا وقد تأثر سعر الين الياباني على النحو الاكبر مع الكشف عن الايرادات الآسيوية المرتفعة خاصة وأن المستثمرين قد خففزا من انشطتهم التجارية على حساب الين الياباني، فقد تراجع سعر الين خلال الاسبوع الى ادنى مستوى له ليصل إلى 96.82 وليقفل الاسبوع مع المزيد من التراجع ليبلغ 98.00 خاصة بعد صدور المعطيات الخاصة بالناتج المحلي الاجمالي في الولايات المتحدة الامريكية والتي أتت أفضل مما كان متوقعاً.
اما فيما يتعلق بأسواق السلع، فقد ارتفع سعر سبيكة الذهب الى اعلى مستوى ليصل إلى 1,433 دولار امريكي كنتيجة للاضطرابات التي تشهدها منطقة الشرق الاوسط وبالرغم من الشائعات في امكانية قيام البنك المركزي الهندي ببيع بعضاً من احتياطي الذهب لديه من اجل دعم الاحتياطي لديه من الدولار الامريكي، ليقفل الذهب الاسبوع أدنى من مستوى 1,400 دولار امريكي بقليل.
وصرّح جيفري لاكر وهو رئيس بنك الاحتياطي الفدرالي في ريتشموند ان التحسن الملموس في سوق العمل من شأنه ان يفسح المجال اما لجنة السياسة النقدية لخفض حجم برنامج التيسير الكمي خلال فترة قريبة، حيث انه يعرف عن لاكر معارضته المستمرة لبرنامج شراء الاصول التابع للبنك المركزيي في البلاد، واشار لاكر انه على البنوك المركزية تجنب القيام بتوجيه القروض ضمن قطاعات معينة في الاقتصاد من خلال برامج الانقاذ مثلاً او برامج شراء الاصول، باعتبار ان القيام باستخدام المحفظة الاستثمارية للبنك المركزي وبشكل مفرط من اجل توجيه القروض نحو قطاعات او هيئات اقتصادية معينة من شأنه ان يجرف البنك المركزي نحو اتباع السياسة التوزيعية وبالتالي من شأنه ان يتهدد تنظيمات الحوكمة في البلاد.
بالاضافة إلى ذلك، اتت الايرادات الامريكية عند نحو ايجابي خلال الربع الثاني من السنةمع صدور البيانات الاقتصادية المتعلقة بالناتج المحلي الاجمالي يوم الخميس، مع تحسن بلغ نسبة 2.5 في المئة بعد ان بلغ نسبة 1.7 في المئة خلال الشهر السابق، اما عدد مطالبات تعويضات البطالة فقد تراجع كذلك بمقدار 6,000 مطالبة ليصل إلى 331 الف مطالبة اجمالاً وريباً من الرقم المتوقع عند 332 الف مطالبة.
ومضى: ان البيانات الاقتصادية القوية التي تشهدها البلاد تؤكد على ان قيام البنك الاحتياطي الفدرالي بتعديل برنامج الحوافز قد اصبح وشيكاً مع حلول موعد الاجتماع القادم للبنك المركزي خلال شهر سبتمبر، وهو الامر الذي يعتبر دعامة قوية للدولار الامريكي.
ويعيش المستثمرون حالياً حالة من الترقب مع قرب موعد الانتخابات الالمانية وبحيث انهم في انتظار دلائل ملموسة على قدرة منطقة اليورو لانتشال نفسها أخيراً من فترة الركود الاقتصادي، وقد صرح عضو البنك المركزي الأوروبي Nowotny أن بيان التوقعات الارشادية الخاص بالبنك المركزي الاوروبي والمتعلق بأسعار الفائدة وبقائها متدنية لفترة مطوّلة «لن يستمر الى الابد»، وسيظل البنك المركزي عند المنهج ذاته ومعتمداً في تدابيره على التوقعات الخاصة بالتضخم. وفي المقابل، أشار المفوض الأوروبي للشؤون الإقتصادية اولي رين الى ان المانيا وفرنسا تحملان مسؤولية اعادة التوازن الى الاقتصاد الاوروبي وبالتالي فعليهما ان يتقيدا بالاصلاحات المتفق عليها.
ارتفعت البطالة في المانيا خلال شهر اغسطس بمقدار 7,000 شخص شهرياً وخلافاً لما كان متوقعاً في ان ان تنخفض بمقدار 5,000 شخص، تجدر الاشارة إلى ان سوق العمل في البلاد قد بقى مستقر نسبياً خلال عام 2013 باعتبار ان عدد العاطلين عن العمل قد بلغ 2.94 مليون شخص خلال شهر اغسطس وبالتماشي مع معدل 2.94 مليون شخص وذلك لفترة الاشهر الثمانية الاولى من العام. من ناحية اخرى، يشير بعض المحللين الاقتصاديين انه من المحتمل ان فترة العطلات الرسمية قد لعبت دوراً كبيراً في النسب المتحققة، وبالتالي فإن معدل البطالة قد بقى ثابتاً خلال شهر اغسطس وذلك لفترة الاشهر الاربعة الاخيرة عند نسبة 6.8 في المئة .
وفي حين ان مؤشر PMI المركب لمعدل العمالة قد تراجع من 50.4 خلال شهر يوليو ليصل الى 49.9 خلال شهر اغسطس، الا انه ما يزال اعلى من المعدل المتحقق خلال الربع الثاني عند 49.1 وقريباً من حد الـ50، وقد ارتفع مؤشر Ifo لمناخ الاعمال من 106.2 خلال شهر يوليو ليصل إلى 107.5 خلال شهر اغسطس وهو ما يعتبر احد الدلائل الايجابية لاقتصاد البلاد. من ناحية اخرى وبالرغم من الارتفاع البسيط في نسبة البطالة الالمانية، الا ان سوق العمل الالماني ما يزال جيداً جداً ويحمل توقعات ايجابية للفترة القادمة.
من الملاحظ ان تقارير التضخم الصادرة يوم الجمعة كانت دون التوقعات خلال شهر اغسطس حيث بلغت نسبة 1.3 في المئة مقارنة مع نسبة 1.6 في المئة المتحققة خلال شهر يوليو، وبالرغم من ان البنك المركزي الاوروبي يتوقع ان تشهد نسبة التضخم بعض التقلبات، الا انه سيراقبها عن قرب بسبب تخوفه من ديناميكية الاسعار باعتبارها عند مستويات متدنية خاصو وأنها تقع ما بين 1 في المئة و1.5 في المئة ، وبالتالي فإنه من المرجح ان يتبنى دراغي موقعاً غير صارم خلال المؤتمر الصحفي الذي سيعقد خلال الاسبوع المقبل، وذلك مع التأكيد على الرسالة التي يحملها بيان التوقعات الارشادية للابقاء على اسعار الفائدة منخفضة، وهو الامر الذي قد يطغي على اداء اليورو مقابل قيام البنك الاحتياطي الفدرالي قريباً بتعديل برنامج الحوافز.
لم يتميز الخطاب الذي ادلى به محافظ بنك انكلترا المركزي هذ الاسبوع بالحزم المعتاد، كما انه لم يضف اي معلومات جديدة على ما تم ذكره في السابق، فقد خفف بنك انكلترا المركزي الشروط المفروضة على البنوك حيث ان الراسمال يحتاج الى ان يبلغ نسبة 7 في المئة فقط، وهو الامر الذي من شأنه ان يخفض حجم السندات المالية بمقدار 90 مليار جنيه استرليني، هذا وان تقييم المحافظ لاقتصاد البلاد بشكل عام ما يزال معتدلاً وبحيث أشار الى ان البلاد ستحتاج الى فترة اطول لكي تصل نسبة البطالة الى 7 في المئة ، كما أكد على ان وصول نسبة بطالة الى 7 في المئة سيكون الحد الفاصل مستقبلاً وليس حافزاً أمام البلاد لرفع اسعار الفائدة.
أعلن عضو لجنة السياسة النقدية لدى البنك المركزي الياباني موريموتو ان البنك المركزي الياباني مستمر في برنامج الحوافز الى حين وصول نسبة التضخم الى مستويات مستقرة، كما أشار الى انه من المتوقع ان يستمر اقتصاد البلاد في التعافي ضمن وتيرة معتدلة، واضاف موريموتو انه من الممكن ان تشهد البلاد ارتفاعاً في الايرادات في حال تراجعت مؤشرات الثقة في التمويلات اليابانية، وبالتالي فستحتاج اليابان الى المحافظة على ثقة السوق في قدرة البلاد على ضبط الأوضاع المالية العامة.
ومن ناحية اخرى، تشير العديد من الاستفتاءات في اليابان ان العامة من الناس لم تستفد فعلاً من السياسات التي تم اتباعها في البلاد مؤخراً من قبل المكتب التابع لرئيس الوزراء آبي، وبالتالي فقد حثّ النائب عن محافظ البنك المركزي الياباني ايواتا العائلات والمؤسسات على التحلي بالصبر بالنسبة للتدابير المتبعة لتعزيز الاقتصاد وخاصة فيما يتعلق بالسياسة النقدية والتي بدأت مع حلول شهر ابريل، وأضاف ايواتا انه بالرغم من ان الاجور ما تزال على حالها ومن ان الشركات غير قادرة على رفع حجم الانفاق الرأسمالي، الى انه «ما يزال من المبكر ان نقوم بالاستنتاجات فيما يتعلق بتأثيرات هذه السياسات على اقتصاد البلاد».
وبحسب ما ورد في الصحف اليابانية فسيحتاج رئيس الوزراء آبي الى اثبات موقفه امام الاسواق المالية من حيث التزامه بالشق الثالث من المخطط الذي وضعه للبلاد وذلك للتصدي للانكماش الاقتصادي ومن اجل اعادة احياء الاقتصاد الياباني.
تجدر الاشارة إلى ان الخطاب المذكور قد اتى تبعاً لصدور المعطيات الاقتصادية المتعلقة بالانتاج الصناعي الياباني، حيث تشير المؤشرات الى ان الانتاج الصناعي في اليابان قد حقق ارتفاعاً بنسبة 3.2 في المئة فقد خلال شهر يوليو بدلاً من نسبة 3.6 في المئة المتوقعة.