قال تقرير الشركة الكويتية الصينية الاستثمارية رفعت إندونيسيا للمرة الثانية على التوالي هذا الشهر من سعر الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس، في محاولة لمكافحة الضغوط التضخمية وإعادة العملة إلى مستواياتها المعتادة، حتى وصل سعر الفائدة الإندونيسي لمستواه الحالي والبالغ 6.50 في المئة. وكان البنك المركزي قد رفع سعر الفائدة بشكل غير متوقع الشهر الماضي للمرّة الأولى منذ عام 2011، وذلك قبل الارتفاع الذي كان مرتقباً في أسعار النفط والزيادة المحتملة في معدل التضخّم التي تنتج عنه.
وتابع التقرير قامت إندونيسيا بعدها بوضع الإصلاحات على أسعار النفط في نهاية يونيو، فزاد بها سعر الغازولين بنسبة 44 في المئة، وزاد أيضاً سعر الديزل بنسبة 22 في المئة. وواصل التضخم الارتفاع في الوقت ذاته، حيث ارتفع من معدل 5.5 في المئة إلى 5.9 في المئة على أساس سنوي في يونيو، ومن المحتمل أن تستمر الضغوط التضخمية بعد أن خفضت الحكومة دعم أسعار الوقود حيث من المتوقع أن يستمر ارتفاع معدل التضخم ليصل إلى نسبة 7 في المئة بنهاية العام، وهو معدل أعلى بكثير من المعدل الذي تهدف له الحكومة والذي يتراوح ما بين 3.5 في المئة و5.5 في المئة. وفي الصدد ذاته، لا زالت الروبية الإندونيسية تسجل أداءاً ضعيفاً حيث انخفض سعر صرفها أمام الدولار الأمريكي لعدة أسباب، أولها، تزايد عجز الحساب الجاري، وثانياً، انخفاض الاستثمارات الأجنبية المباشرة الذي فاقمه عجز الحساب الجاري، وثالثاً، الخوف من أن يبدأ الاحتياطي الفيدرالي بتقليص برنامج التيسير الكمي في سبتمبر، مما يزيد الطلب على الدولار الأمريكي.
وأضاف التقرير يمثل الرسم البياني أعلاه معدل التضخم من خلال قياس «مؤشر سعر المستهلك» «CPI»، حيث أن التضخم هو نتيجة الزيادة السنوية في أسعار سلة من السلع والخدمات التي يطلق عليها مسمى سلة «مؤشر أسعار المستهلك»، ويتم تحديدها بناءً على عادات إنفاق السكان. وتشمل سلة «مؤشر أسعار المستهلك» أسعار المواد الغذائية والمواصلات والسكن والخدمات والأنشطة الترفيهية. وفي إندونيسيا، وكما هو الحال في الدول النامية الأخرى، يشكل الإنفاق على المواد الغذائية أكثر من ثلث السلة، ولهذا يؤثر ارتفاع أسعار المواد الغذائية بشكل كبير على التضخم. ولتفادي التضخم، يمكن للهيئات النقدية اتخاذ قرار لرفع أسعار الفوائد الذي سيؤثر مباشرة على قدرة الإنفاق الفردي. وبالتالي، برفع أسعار الفائدة، يرفع البنك المركزي كلفة الاقتراض، مما يدفع الأفراد إلى تقليل اقتراضهم، وبالتالي تقليل إنفاقهم. أما تخفيض أسعار الفائدة، فمن شأنه أن يزيد النشاط الاقتصادي عن طريق تشجيع الاستهلاك، وفي إندونيسيا، يقوم مجلس محافظي البنك المركزي الإندونيسي بتحديد سعر الفائدة في اجتماعه الشهري. ويهدف تحديد مستوى سعر الفائدة إلى تمكين إندونيسيا من إدارة السيولة في سوق النقد لتحقيق الأهداف التشغيلية الموضوعة للسياسة النقدية، وهذه السياسة تعتمد على سعر الفائدة على القروض المتداولة بين البنوك في يوم واحد. ومن المتوقع أن تتبع معدلات الودائع البنكية سعر الفائدة المتداولة بين البنوك وبالتالي أن يؤثر ذلك على أسعار الاقتراض.
وبين التقرير قد تأتي الزيادة في أسعار الوقود بتداعيات تؤثر سلباً على النمو الاقتصادي على المدى القصير، حيث تقلل من القدرة الشرائية للمستهلكين. كما أن الارتفاعات الإضافية في أسعار الفائدة بهدف السيطرة على التضخم، قد تؤثر على مستويات الاستهلاك والاستثمار، حيث يصبح الأفراد والشركات على حد سواء أكثر ميلاً إلى طلب القروض بالرغم من ارتفاع تكلفة الاقتراض. وقد كان قطاع الاستهلاك المحلي في إندونيسيا هو المصدر الأساسي للنمو الاقتصادي، حيث حافظ على معدل نمو أعلى من نسبة 6 في المئة حتى في الوقت الذي يتدهور فيه القطاع الخارجي. وبالرغم من انخفاض سعر صرف الروبية، شهدت إندونيسيا تقلص صادراتها، ويعود هذا بشكل أساسي إلى قرار منع تصدير المواد الخام جزئياً، والذي تم فرضه العام الماضي لتشجيع تصدير السلع ذات القيمة المضافة الأعلى. ولكن ومع تخلص الحكومة من تكلفة دعم الوقود والتي كانت تعادل 16 في المئة من ميزانية الدولة، أصبحت الحكومة تملك الآن فائضاً تستطيع استثماره في تطوير البنية التحتية للاقتصاد. كما أنها ستكون قادرة على تخفيف الأثر الذي يصاحب ارتفاع أسعار الوقود على الاستهلاك المحلي عبر منح 15 مليون عائلة فقيرة تعويضات نقدية. وفيما قد نرى انخفاض معدل نمو اقتصاد إندونيسيا لأقل من 6 في المئة هذا العام، فمن المرجح أن تأتي الإصلاحات الحالية المؤلمة بمصادر أكبر وأكثر استقراراً للنمو في السنوات القادمة.