
اشار تقرير اصدرته شركة «بيتك للابحاث» المحدودة التابعة لمجموعة بيت التمويل الكويتي «بيتك» إلى استمرار استقرار التضخم في السعودية خلال أبريل دون تغيير بمعدل 4 في المئة، وذلك للشهر الرابع على التوالي.
وتوقع التقرير أن تحافظ السياسة النقدية السعودية على استقرارها، كما يتوقع أن تتبع أسعار الفائدة وأسعار الصرف في السعودية تحركات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة، وراى أن معدل التضخم لا يزال تحت السيطرة نظراً للأداء القوي الذي يشهده نمو القطاع غير النفطي في المملكة. إلا أن الإعانات الحكومية وزيادة أفضلية توظيف السعوديين بالإضافة إلى انخفاض معدلات الفائدة قد تزيد من معدل توقعاتنا للتضخم، وسيظل التضخم عند 4.5 في المئة خلال 2013/2014... وفيما يلى التفاصيل.
بعد استقرار معدل التضخم لمدة ثلاثة أشهر متتالية عند 3.9 في المئة على أساس سنوي خلال الربع الأول من 2013، سجل مؤشر قياس تكاليف المعيشة، والذي يقيس معدل التضخم، زيادة هامشية ليصل إلى 4 في المئة على أساس سنوي في أبريل 2013. وجاءت الزيادة على أساس سنوي من قطاعات الأغذية والمشروبات والاتصالات وتكاليف تأثيث المنازل، إلا أن هذه الزيادة قوبلت بانخفاض معدل زيادة الأسعار في قطاعات النقل والملابس والأحذية والمطاعم والفنادق. كما أدى ثبات معدل زيادة الأسعار في قطاعات مثل الإسكان والمرافق والتعليم والوسائل الترفيهيه والثقافية إلى استقرار الأرقام الرئيسية. وفيما يتعلق بالأساس الشهري، ارتفع معدل التضخم في السعودية بنسبة 0.2 في المئة على أساس شهري في أبريل 2013 بعد زيادة قدرها 0.3 في المئة على أساس شهري في مارس 2013 حيث ساعد ثبات أسعار قطاعات الإسكان والمرافق على التلطيف من حدة ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات.
وارتفعت أسعار قطاع الأغذية والمشروبات «أكبر مساهم في سلة مؤشر تكاليف المستهلك بنسبة 21.7 في المئة» بنسبة 6.2 في المئة على أساس سنوي «بزيادة بنسبة 0.9 في المئة على أساس شهري» في أبريل 2013 من 5.3 في المئة على أساس سنوي المسجلة في مارس 2013 حيث قفزت أسعار قطاعات فرعية مثل الخبز والحبوب واللحوم والدواجن والفواكه والمكسرات والخضروات خلال شهر أبريل. وقد ذكرنا في تقريرنا السابق أن الخبز والحبوب قد تواجه ضغوطاً طفيفه تعمل على زيادة أسعارها خلال الأشهر المقبلة عقب ورود تقارير عن نقص في كميات الحبوب والدقيق في بعض مناطق المملكة. وقد تحقق هذا بالفعل حيث تسارع تضخم الخبز والحبوب ليصل إلى نسبة 8.9 في المئة على أساس سنوي في أبريل من 6.5 في المئة على اساس سنوي في مارس.
وجاء الارتفاع الكبير في أسعار المواد الغذائية في السعودية متماشياً مع الارتفاع العالمي في أسعار المواد الغذائية خلال شهر أبريل عام 2013، وذلك وفقاً لمؤشر منظمة الأغذية والزراعة لأسعار الغذاء العالمية، والذي استأنف الارتفاع بنسبة 1.1 في المئة على أساس سنوي بعد أن شهد انكماشاً خلال الأشهر الثلاثة السابقة على التوالي. وقد شهدت الأسعار العالمية للغذاء انكماشاً منذ ديسمبر 2011 نتيجة لانخفاض أسعار الشحن ووجود فائض في انتاج بعض المواد وخاصة الأرز والسكر. وبالرغم من ذلك، وفي ظل التوقعات بأن يشهد السوق العالمي للمواد الغذائية المزيد من التوازن بين العرض والطلب خلال عام 2013 وفقاً لمنظمة الأغذية والزراعة، فقد تكون أسعار المواد الغذائية مصدراً لاستمرار زيادة الضغط على التضخم.
واستمر تضخم قطاع الإسكان والمرافق «والذي يساهم بنسبة 20.5 في المئة في سلة مؤشر تكاليف المستهلك» عند معدل 3 في المئة على اساس سنوي أي بدون زيادة شهرية خلال أبريل 2013 مقارنة بنسبة الـ 3.1 في المئة على أساس سنوي المسجلة في مارس 2013 «بزيادة بنسبة 0.6 في المئة على أساس شهري».
وقد انخفضت إيجارات المساكن، والتي تهيمن على قطاع الإسكان، بصورة طفيفة لتصل إلى 3.4 في المئة على أساس سنوي في أبريل 2013 من نسبة الـ 3.7 في المئة على أساس سنوي المسجلة في مارس 2013. وبالرغم من ذلك، فمن المتوقع أن تمثل الإيجارات ضغوطاً تصاعدية على التضخم المؤقت خلال الأشهر المقبلة على خلفية زيادة الطلب في ظل نقص المعروض من المساكن منخفضة التكاليف والتي كانت سائدة لعدة سنوات. وعلى الرغم من خطة الحكومة الرامية إلى بناء 500,000 وحدة سكنية من المنازل منخفضة التكاليف خلال الفترة ما بين عامي 2010 و2015، فإن عدم توفر الأراضي في المدن قد أدى إلى حدوث تأخير في تنفيذ هذه الخطة.
وقد سجل قطاع النقل «والذي يساهم بنسبة 10.4 في المئة في سلة مؤشر تكاليف المستهلك» انخفاضاً في معدل التضخم حيث جاء بنسبة 5.6 في المئة على أساس سنوي «بنقص بنسبة 0.5 في المئة على أساس شهري» في أبريل من نسبة الـ 7.5 في المئة على أساس سنوي «بزيادة 0.4 في المئة على أساس شهري» في مارس 2013 نظراً لزيادة أسعار السيارات بوتيرة أقل خلال شهر أبريل.
وفي نفس الوقت، استمر التضخم في قطاع الملابس والأحذية «والذي يساهم بنسبة 8.4 في المئة في سلة مؤشر تكاليف المستهلك» في الاعتدال ليصل إلى 3.3 في المئة على أساس سنوي «بانخفاض بنسبة 0.1 في المئة على أساس شهري» في أبريل من 3.7 في المئة على أساس سنوي «انخفاض بنسبة 0.4 في المئة على أساس شهري» في مارس 2013 حيث ساهمت قطاعات فرعية مثل خدمات الحياكة فضلاً عن الأحذية في تباطؤ وتيرة زيادة الأسعار.
وشهدت أسعار الملابس والاحذية في أبريل انكماشاً للشهر الخامس على التوالي. وبالرغم من ذلك، ارتفع قطاع تأثيث المنازل «والذي يساهم بنسبة 9.1 في المئة في سلة مؤشر تكاليف المستهلك» بنسبة 3.6 في المئة على أساس سنوي «بزيادة بنسبة 0.8 في المئة على أساس شهري» في أبريل من نسبة الـ 2.1 في المئة على أساس سنوي «بزيادة 0.6 في المئة على أساس شهري» في مارس 2013 على خلفية تسارع تكاليف الأثاث والمفروشات.
ونتوقع أن تحافظ السياسة النقدية السعودية على استقرارها، كما يتوقع أن تتبع أسعار الفائدة وأسعار الصرف في السعودية تحركات أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. وحيث إنه من المستبعد أن يقوم مجلس الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة برفع أسعار الفائدة حتى عام 2015، فإننا نرجح أن تبقى مؤسسة النقد العربي السعودي «ساما» على سعر إعادة الشراء عند 2.00 في المئة وعلى سعر إعادة الشراء العكسي عند 0.25 في المئة لبقية عام 2013 ولعام 2014. وقد أبقت ساما على أسعار الفائدة دون تغيير منذ ديسمبر 2008 في أعقاب الأزمة المالية العالمية.
ونتوقع أن تظل الأوضاع النقدية المحلية في السعودية ملائمة وأنها ستستمر في دفع الطلب المحلي. وظلت السيولة قوية إلا أن الإقراض المصرفي في القطاع الخاص انخفض بصورة طفيفة ليصل إلى 15.4 في المئة على أساس سنوي في مارس 2013 بعد أن بلغ ذروته في ديسمبر 2012 مسجلاً 16.4 في المئة على أساس سنوي.
ولكن في ظل محافظة نمو القروض الشخصية وقروض الشركات على صلابته فضلاً عن ازدهار أنشطة الأعمال على الصعيد المحلي، فمن المرجح أن يواصل الإقراض المصرفي نموه بوتيرة قوية. وفي الوقت نفسه، ظل نمو عرض النقود«ن 3» قوياً مسجلاً نسبة 12.3 في المئة على أساس سنوي في مارس 2013 من 13.9 في المئة على أساس سنوي في 2012 مدفوعاً بقوة الودائع تحت الطلب والودائع شبه النقدية الأخرى.
ويعد تأثير الأوضاع النقدية الملائمة على التضخم محدود نسبياً حيث تحافظ المملكة على سياسة ضبط أسعار المواد الغذائية والوقود والتي تشكل جزءا كبيرا من سلة مؤشر تكاليف المستهلك.
كانت الضغوط التضخمية في المملكة العربية السعودية مستقرة خلال الأشهر الأربعة الأولى من عام 2013 لكننا نتوقع أن ترتفع تلك الضغوط خلال النصف الثاني من العام 2013 نظراً للتوقعات التي تشير إلى ارتفاع أسعار الغذاء العالمية والتي تأتي بصورة أساسية نتيجة للنقص الذي سيحدث في محاصيل الذرة والحبوب حسب توقعات منظمة الأغذية والزراعة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن نقص المعروض من المساكن منخفضة التكاليف على المدى القريب بالإضافة إلى الظروف النقدية المواتية سوف يساعدان على دفع التضخم أعلى قليلا من مدى 4 في المئة إلى 5 في المئة خلال النصف الثاني من 2013 وحتى 2014. ونتوقع أن ينخفض التضخم المؤقت بصورة طفيفة ليصل إلى 4.5 في المئة في 2013 وأن يظل بنفس المعدل في 2014 «4.9 في المئة في 2012».
وفي ظل هذا المعدل، فإننا نرى أن معدل التضخم لا يزال تحت السيطرة نظراً للأداء القوي الذي يشهده نمو القطاع غير النفطي في المملكة. إلا أن الإعانات الحكومية وزيادة أفضلية توظيف السعوديين بالإضافة إلى انخفاض معدلات الفائدة قد تزيد من معدل توقعاتنا للتضخم.