
توقع خبراء واقتصاديون أن يسهم قرار خادم الحرمين الشريفين بفتح الاستيراد لمصانع الأسمنت لما يصل لعشرة ملايين كيس في العام الواحد في حلّ تدريجي لأزمة الأسمنت التي تعاني منها السعودية في مختلف مدنها، وهي الأزمة التي يرجع الاقتصاديون أسبابها للتوسع العمراني في السنوات الماضية.
إلا أنهم قالوا في حديثهم لـ»العربية.نت» إن فتح الاستيراد قد يحل الأزمة بشكل تدريجي، مشددين على أهمية فتح المزيد من المصانع الجديدة لتلبية الطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية في البناء.
وأكد الخبير الاقتصادي الدكتور عبدالله المغلوث أن أزمة الإسمنت حقيقية وليست مفتعلة كما يتوقع البعض، وقال لـ»العربية.نت» إن «السبب هو طفرة البناء، حيث تم سحب كميات كبيرة من الأسمنت من السوق، إضافة الى النمو العمراني الكبير».
وتابع: «أصبح هناك شحٌّ في المعروض، ما ولد سوقاً سوداء أوصلت قيمة الكيس لـ20 و25 ريالاً في بعض المناطق ما عطَّل عمل كثير من المقاولين».
وتوقع الدكتور المغلوث أن يحل قرار الاستيراد المشكلة، موضحاً: «كان القرار حكيماً بالسماح لمصانع الإسمنت استيراد ما يصل لـ10 ملايين طن لتلبية الطلب على المادة المهمة».. ولكنه يستدرك: «الاستيراد حل تدريجي ونحن بحاجة لحلول أكثر ديمومة عبر بناء العديد من المصانع الجديدة لتلبية الطلب على الأسمنت «.
ومن جانبه يُلقي المدير التنفيذي لشركة أسمنت حائل المهندي مطر الزهراني باللائمة في عدم قدرة المصانع على تلبية الطلب الكبير على الإسمنت على عدم توفير أرامكو لكميات الوقود الكافية لزيادة الطلب. ويقول لـ»العربية.نت :» مع حجم المشاريع الكبيرة في السعودية ارتفع الطلب على الإسمنت بشكل كبير جداً، وهو لم يكن ارتفاعاً مفاجئاً بالنسبة لشركات الإسمنت، بل كان متوقعاً حسب الدراسات الاقتصادية.
وكان هناك طلب من عدة شركات بالتوسع، ولكن نقص الوقود حال دون ذلك فلا توجد كميات كافية منه، وهذا ما نرى آثاره السلبية الآن».
ويشدّد المهندس الزهراني على أن القرار بالسماح للمصانع باستيراد ما يقارب 10 ملايين كيس في العام هو تدريجي مؤقت.
ويضيف: لقد أبدت الشركات تجاوبها معه، ونأمل أن يساعد ذلك على فكّ الأزمة.
ولكن هناك حلول قصيرة المدى وهناك حلول طويلة المدى».. ويتابع :»الحل الأمثل أن تكون هناك موازنة تبنى على الطلب الحقيقي والعرض الحقيقي، فشركات الإسمنت لديها القدرة على توفير الطلب في حال توفر الكمية الكافية من الوقود وهو ما سيحل المشكلة».
ويواصل بتفصيل أكثر: «ليست القضية في أزمة الوقود ولكنها تتعلق بالكميات المتوافرة منه من قبل أرامكو وهي غير كافية، ولابد أن يكون لدينا نظرة تكاملية للأمر لحل المشكلة».
وكانت بوادر أزمة الأسمنت في السعودية بدأت العام الماضي، وحيث حذر حينها مختصون في منتصف ديسمبر الماضي، من احتمال ظهور أزمة أسمنت حقيقية في هذا العام في حال استمرت الزيادة التصاعدية للطلب على الاسمنت وهو ما حدث. وبحسب تقارير رسمية وصل الطلب على الأسمنت مع نهاية عام 2012 إلى 54 مليون طن، وهو ما مهَّد لنقص حاد في السوق لعدم قدرة المصانع على تلبية هذا الارتفاع.
وقدرت إحصائيات الزيادة في الطلب في السعودية ما بين 8 و12 في المئة سنوياً، وهو أمر كفل لمصانع الأسمنت الموجودة حالياً تحقيق أرباح كبيرة نهاية كل عام فحققت شركة الأسمنت العربية نمواً في صافي أرباح الربع الأول من العام الحالي بلغ 157.3 مليون ريال مقابل 146.1 مليون ريال للربع المماثل من العام السابق، فيما حققت شركة أسمنت اليمامة صافي ربح في الربع الأول من العام الحالي بلغ 277 مليون ريال ومقابل 174 مليون ريال للربع السابق.. وهو حال بقية الشركات.
ومع بدء الأزمة ظهرت أسواق سوداء للتجار على الرغم من العقوبات الصارمة التي تطبقها الجهات المعنية تجاه من يبيع الأسمنت بأعلى من سعره الرسمي المحدد بـ14 ريالاً للكيس وارتفع لأكثر من 22 ريالاً.
ويؤكد رئيس لجنة المقاولين في الغرفة الصناعية والتجارية في جدة عبدالله رضوان أن المشكلة الرئيسة في تكرار أزمة الأسمنت في المنطقة يمكن في التوزيع الجغرافي لمصانع الأسمنت في السعودية ويقول : «يوجد 17 مصنعاً فقط، منها ثلاثة فقط لمنطقة مكة، ومصنع أسمنت ينبع يغذي منطقتين فيهما مشاريع تنموية ضخمة، وهما المدينة المنورة ومكة المكرمة، كما أن أحد المصانع الثلاثة صغير قياساً بالمصانع الكبرى الأخرى».. ويشدد رضوان على أن سبب ارتفاع أسعار الأسمنت ليس من المصانع بل في تكاليف نقل الأسمنت التي تختلف من مصنع إلى آخر.
وتوسعت أزمة الأسمنت في عدد من مناطق السعودية من الجنوب للشمال حتى وصلت إلى منطقة تبوك التي يندر فيها وجود أسمنت كافٍ وأن وجد فهو يتجاوز 25 ريالاً للكيس.
فيما تسببت أزمة الأسمنت في منطقة القصيم في نشوء سوق سوداء نتيجة غياب الأجهزة الرقابية على مواقع التوزيع التي بات يتحكم بها العمالة السائبة ووصل السعر لأكثر من 28 ريالاً للكيس.. وهو ما تسبب في توقف الكثير من بيوت المواطنين لعدم قدرتهم على دفع هذه الأسعار العالية.
وتكرر الأمر في عسير التي يعاني المقاولون فيها من نقص في الإسمنت بشكل أكبر من غيرهم.
ويكشف مصدر في لجنة المقاولين في غرفة المنطقة الشرقية أن أزمة الأسمنت تسببت في توقع أكثر من 65 في المئة من المشاريع الصغيرة.