
قال تقرير البنك الوطني ان أسعار النفط الخام تراجعت في شهر سبتمبر، فقلصت بعض الأرباح التي حققها شهر أغسطس، وبلغ معدل خام التصدير الكويتي 107 دولارات للبرميل في الأسبوع الأول من شهر أكتوبر، بعد أن انخفض بشكل حاد بمقدار 10 دولارات ليصل إلى 104 دولارات في منتصف شهر سبتمبر، وهذه الأسعار هي بشكل عام مستويات الأسعار التي سادت في معظم السنة الماضية.
وأضاف التقرير انخفضت أيضا أسعار الخامات الإسنادية العالمية الأخرى بشكل حاد في منتصف الشهر. فقد تراجع سعر مزيج برنت بمقدار 9 دولارات ليصل إلى 108 دولارات للبرميل خلال ثلاثة أيام، وذلك قبل أن يستقر على سعر 112 دولارا. فيما تراجع سعر غرب تكساس المتوسط – وهو النفط الأميركي الأساس – بمقدار 7 دولارات ليصل إلى 92 دولارا، ومن المثير للاهتمام أن سعر خام غرب تكساس المتوسط لم يستعد مستواه ولو جزئيا، وفي الواقع استمر في الانخفاض تدريجيا، وذلك بسبب ارتفاع إنتاج الزيت الحجري الأمريكي وانقطاع عمل المصافي.
وحصل معظم التراجع في أسعار النفط في شهر سبتمبر في يوم واحد خلال دقائق، ما شكّل ارتباكا بشأن السبب الكامن وراء ذلك، واستبعدت السلطات في الأسواق أن يكون السبب خللا تقنيا طارئا، والذي كان سيؤدي إلى معاودة الأسعار سريعاً إلى ما كانت عليه، ويرى بعض المراقبين أن هذا التراجع يأتي على خلفية ارتفاع التوقعات بطرح احتياطيات النفط الاستراتيجية، ما أدى إلى توتر المتداولين في سوق النفط، وإضافة لذلك، أعلنت السعودية تكرارا، وهي عضو رئيس في أوبك، عن التزامها بإعادة أسعار النفط إلى 100 دولار، ويتوقع معظم المحللين أن تتراجع أساسيات سوق النفط في الربع الأخير من العام 2012 نتيجة تقطّع أقل في إمداد النفط من خارج الأوبك، وارتفاعات في إنتاج أمريكا الشمالية.
ورغم هذه الضغوط السلبية، تبقى أسعار النفط الخام قوية بشكل عام، خاصة في ضوء القلق من مستقبل الاقتصاد العالمي، وسيستخدم تراجع أساسيات السوق لإعادة المخزون الذي استهلك في السنوات السابقة ولن يكون لذلك بالضرورة تأثير كبير على الأسعار، وفي الوقت ذاته، تستمر المخاطر الجيوسياسية بإضافة علاوة على أسعار النفط الخام، وتشمل هذه المخاطر امتداد النزاع القائم في سوريا لأنحاء أخرى من منطقة الشرق الآوسط، واحتمال وقوع مواجهة عسكرية بين إسرائيل وإيران.
توقعات الطلب على النفط
لم تحصل مراجعات كبيرة لتوقعات المحللين بالنسبة لنمو الطلب العالمي على النفط خلال الشهر الماضي، إذ أن المحللين كانوا أصلا قد أخذوا بالحسبان التباطؤ الاقتصادي، ويتوقع أن يبقى نمو الطلب على النفط في العام 2013 دون المسار بقليل عند مستوى يتراوح بين 0.8 – 0.9 مليون برميل يوميا، أي في المئة 0.9 - في المئة 1.0، ليماثل النمو الحاصل في العام 2012، ويستمر الضغط السلبي على الطلب تحت وطأة تراخي النشاط الاقتصادي «خاصة في الاقتصاديات المتقدمة» وارتفاع أسعار النفط وتأثير إجراءات كفاءة الطاقة، وتلحظ الوكالة الدولية للطاقة أن نمو الطلب الصيني على النفط سيبقى دون في المئة 3 في السنة القادمة مع تباطؤ الاقتصاد، على عكس المعدلات ثنائية الرقم التي شهدناها بين من عام 2002 إلى عام 2006 وفي أجزاء من عامي 2010 و2011، ولكن الأسواق الناشئة عموما ستبقى المحرك لنمو الطلب على النفط، ويتوقع أن يتراجع طلب دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية بما يتراوح بين 0.2 – 0.3 مليون برميل يوميا في العام 2013، وهو التراجع التاسع خلال 11 سنة مضت.
التوقعات بشأن إمدادات النفط
انتعش إنتاج النفط الخام في دول أوبك الإحدى عشرة «أي باستثناء العراق» بقدر كبير بلغ 235.000 برميل يوميا في شهر أغسطس ليصل إلى 28.3 مليون برميل يوميا، بعد تراجع لثلاثة أشهر على التوالي، وسجل المنتجان من غرب أفريقيا، أنغولا ونيجيريا، أكبر ارتفاع شهري بمقدار 193.000 و49.000 برميل يوميا على التوالي، نتيجة اكتمال أعمال الصيانة في حقول النفط الأنغولية ورفع حالة «القوة القاهرة» التي تسببت بوقف صادرات الخام النيجيري، وانتعش أيضا الإنتاج الليبي بعد توقف في بداية شهر يوليو، وتقدّر مصادر حكومية أن مستوى الإنتاج في شهر أغسطس كان قريبا من مستويات ما قبل الحرب البالغة 1.6 مليون برميل يوميا، وستساعد إعادة تشغيل مصفاة رأس لانوف في 31 أغسطس على تخفيف الضغط عن قدرة التخزين المحدودة في محطة التصدير الأساس في رأس لانوف، وسيخفف ذلك من مشكلة هامة في البنية التحتية كانت ستقف عائقا أمام زيادات مستدامة في الإنتاج في الأشهر المقبلة، وفي تلك الأثناء، استمر تراجع الإنتاج الإيراني للشهر الحادي عشر على التوالي ليصل إلى ما دون 2.8 مليون برميل يوميا، أي إلى ما دون معدلات الإنتاج العراقية والكويتية.
وارتفع مجموع إنتاج أوبك «بما فيه العراق» بمقدار 254.000 برميل يوميا ليصل إلى 31.4 مليون برميل يوميا في شهر أغسطس، وهو ثاني أعلى إنتاج شهري منذ يوليو 2008، وسجل إنتاج النفط العراقي في أغسطس ثاني رقم قياسي على التوالي في الفترة ما بعد 1990، بلغ 3.1 مليون برميل يوميا، وجاء ذلك عقب بدء إضافة النفط الكردي «100.000 برميل يوميا» إلى الصادرات العراقية في 1 أغسطس، وسيكون المزيد من الارتفاع في الإنتاج محددا بسبب مشاكل تتعلق بالبنية التحتية للتخزين والأنابيب.
ويتوقع أن يرتفع الإنتاج من خارج أوبك بحوالي 0.6 مليون برميل يوميا في العام 2012، تساهم فيه سوائل الغاز الطبيعي من أوبك بحوالي ثلثي هذا الارتفاع، وقد تأثر إنتاج الدول من خارج أوبك سلبا هذه السنة بسبب توقفات مختلفة في الإنتاج بما فيها إعصار أيزاك في الولايات المتحدة، والإضراب في بحر الشمال، والاضطرابات في السودان واليمن وسوريا، وفي السنة المقبلة، سيساعد ارتفاع إنتاج أميركا الشمالية على استعادة الإنتاج، وإذا ما بقي إنتاج دول أوبك الاثنتي عشرة عند مستواه الحالي، يمكن لمجموع الإنتاج النفطي العالمي أن يرتفع بما يقارب 2 مليون برميل يوميا في العام 2012.
توقعات الأسعار
بعد أن استعادت قوتها في الربع الثالث من العام 2012، يتوقع لأساسيات سوق النفط أن تتراجع في هذا الربع الأخير من السنة على خلفية ارتفاع إنتاج النفط في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية والنمو المعتدل للطلب، وقد يؤدي ذلك إلى خفض الأسعار أكثر، ولكن ذلك ليس مضمونا، وإذا افترضنا ارتفاعا في الطلب في العام 2012 بمقدار 0.7 مليون برميل يوميا « في المئة 0.8» وارتفاعا في إنتاج أوبك بمقدار 1.6 مليون برميل يوميا في العام 2012 ككل، فإن الإنتاج سيفوق الطلب هذا العام، ما سينتج عنه ارتفاع في المخزون بمقدار 0.9 مليون برميل يوميا، وستنخفض أسعار خام التصدير الكويتي إلى ما دون 100 دولار للبرميل مع نهاية السنة.
ومن ناحية أخرى، إذا بلغ إنتاج الدول من خارج أوبك 0.3 مليون برميل أعلى من المتوقع في السنة القادمة – وقد يرجع ذلك جزئيا للارتفاع المتواصل في إنتاج شمال أميركا – فإن الأسعار قد تكون مهيأة لتراجع أكثر حدة، ووفق هذا السيناريو، سينخفض سعر خام التصدير الكويتي إلى أقل من 90 دولارا للبرميل في بداية السنة القادمة، وأكثر من ذلك لاحقا، وذلك بالتأكيد سيحفز دول الأوبك على خفض الإنتاج لمنع الأسعار من المزيد من التدهور.
وبدلا عن ذلك، يمكن أن يكون نمو الطلب العالمي أقوى من المتوقع، احتمالا بسبب إجراءات السياسة التحفيزية في الولايات المتحدة والصين، وفي هذه الحالة، سيبقى سعر خام التصدير الكويتي مدعوما فوق 100 دولار للبرميل لما تبقى من هذا العام وفي بداية العام 2013.
توقعات الميزانية
سيتراوح معدل أسعار النفط وفق السيناريوهات الثلاثة المفصلة أعلاه ما بين 98 و104 دولارات للبرميل للسنة المالية 2012/2013، وحسب التقارير الصحفية، تمت الموافقة على الميزانية الحكومية ويبلغ بند الإنفاق فيها 21.2 مليار دينار، أي بارتفاع نسبته 9 في المئة عن ميزانية السنة الماضية، وإذا، كما نتوقع، جاءت المصروفات الفعلية ما بين في المئة 5 - في المئة 10 دون مستواها المعتمد في الميزانية، يمكن أن يبلغ فائض الميزانية ما بين 7.8 و11.4 مليار دينار قبل استقطاع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة، وسيعادل ذلك فائضا ضمن نطاق 16 في المئة - 23 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ويلحظ أن الحكومة وافقت الشهر الماضي على رفع مخصصات صندوق احتياطي الأجيال القادمة من 10 في المئة إلى 25 في المئة من مجموع الإيرادات، يبدأ العمل به في هذه السنة المالية، ورغم أن ذلك لا يغير من قوة الوضع المالي، فإنه يمكن أن يعني أن التحويلات لصندوق احتياطي الأجيال القادمة ستبلغ رقما قياسيا قدره 7 مليارات دينار هذه السنة.