من المؤكد أن انشغالنا بمحاولة إنهاء الصراعات الدموية المسلحة الدائرة الآن في أكثر من قطر عربي، يحول دون اهتمامنا الذي ينبغي أن يكون بالدرجة ذاتها، بالتداعيات المحتملة لتلك الصراعات، وما يمكن أن تفضي إليه مستقبلا، من تأثيرات سلبية كبيرة على أمن واستقرار المنطقة .
بالطبع إذا نحن غفلنا، فإن غيرنا لن يغفل، فهناك مراكز أبحاث ودراسات غربية لا تكف عن دراسة وتحليل هذه القضايا، سعيا لاستخلاص نتائج تفيدها في التقليل من الانعكاسات السلبية على دولها .. من هذا القبيل تلك الدراسة التي أعدها «معهد واشنطن لسياسات الشرق الأوسط»، حول ظاهرة «المجاهدين الأجانب في سوريا»، والتي استنتج من خلالها أن «النزاع السوري أدى إلى قيام موجة تعبئة للمقاتلين الأجانب لا تحدث سوى مرة واحدة في كل جيل، على نحو مماثل لما حدث في أفغانستان في الثمانينات، إنما على نطاق أوسع بكثير . وتدل الطبيعة المتطورة لهذه الشبكات وازدياد عدد الأفراد المتورطين في هذه الأنشطة إلى أن الجيل الجديد من الجهاديين المتمرسين في المعارك سيحاولون الإخلال بالاستقرار، أو التخريب أو التخطيط للاعتداءات الإرهابية في العالم العربي وأوروبا الغربية . ولا يمكن التنبؤ بالإطار الزمني وفاعلية هذه الأنشطة، ولكنها مثيرة للقلق لصناع القرار» .
المأساة أننا غافلون أو متغافلون بدرجة كبيرة عن إيلاء تلك الظاهرة أي درجة من العناية والبحث، قبل أن تنفجر تداعياتها في وجوهنا، دون سابق إنذار !