تعتبر المرأة في طبيعتها الانسانية أقوى عاطفة من الرجل و أشدّ حسا منه رغم تطرفها احيانا في انسياق عواطفها ...اما أن تحب بعنف أو تكره بعنف ....و طالما كان المجتمع العربي يضع المرأة تحت المجهر و يشكك في شاعريتها الى جانب تفاصيل حياتها أكثر بكثير من الرجل و يحاسبها على هفواتها أضعاف محاسبته للرجل ، متأثرا بقشور طباع العرب في الجاهلية الذين كانوا يشتهرون بمقولة ( نعم الصهر القبر ) و العياذ بالله ....في قمع المرأة باعتبارها عارا عليهم ....
و مع النهضة العربية و التحرر الفكري الذي شهدته فترة الستينات ظهرت الحركة الشعرية النسائية كانطلاقة جديدة تجمع بين الجمالية الحديثة والتراثية بتكاثف الرؤى النسائية و تحررها من زوايا القيد رغم كوابح المجتمع ، حتى استطاعت الشاعرة المعاصرة سلك تلك الدروب الشائكة بالعادات و التقاليد لتعبر عن عاطفتها و أحلامها بتقنيات تعبيرية لا يملكها الرجل بنقش الدفء و البعد من ناحية التكنيك و الفعل الشعوري سواء بالفصيح أو الشعبي ، باسمها الصريح أو المستعار ..فلا خيار مادامت تجد في الشعر شجو الروح للواعجها و عذباتها وفق التخيل التحليلي الذي يتلازم مع الذكاء الابداعي و التصويري و الذي اكتسبته من شاعرات تركن بصمة مميزة في الادب النسائي عبرالتاريخ واستفدن من خصائص اللغة والثقافة، فجاء شعرهن مليئاً ببعض الطراوة الفنية والصدق الساذج وبطابع فني قريب الى متطلبات الصحافة.
ولعل العلامة الأكثر بروزا في هذا النمط الشعري هي الرمزية الجامحة والاستحضار اللازمني لتعبر عن قدرتها على الابتكار و المواءمة في منعرجات الخيال ....حتى تستطيع وضع أسس و معالم واضحة في بناء أسلوبية التنوع و التفرد ليبقى الصوت الأنثوي طابعا مختوما على أشعارها دون منافس سواء بمحاكاة الهيام و تلاحم الرومانسية في الرثاء المعبر عن ظلم القيد أو مهاتفة النفس للنفس لتحقيق منجزها الشعري بدراية و لغة غاية في الفصاحة بتأثيرها الضمني حتى تنمو في مناخات الحرية والصفاء الفكري.
و ما دمنا نستضيف الشعر يستوجب علينا ان نستدل على سمات و مراتب تأملها و مستوى خصوبة حساسيتها بقصيدتين :
للشاعرة د.فدوى التكموتي ( افتخار وكبرياء)
و قصيدة للشاعرة سحايب العازمية ( أحبك )
قصيدة افتخار وكبرياء
. يكفيني أني أعرفُ قَدْرَ نفسي .
. أنا من صنعتُ لعب الكلمات بأناملي .
. وسطرتُ على حروف الأبجديات اسمي .
. في قلمي ... حبري ... أوراقي .
. أعرفُ قَدْرَ نفسي .
. من أكون ... ومن أين أتيتْ... .
. أنا درة جوهرة .
. ماسة بلورة نادرة .
. لن يصلني أي نهرٍ دافقْ .
. حتى ولو كان بركانِ حب ثائرْ .
. أنا من صنعتُ لعب الهوى .
. بكلماتي ... .
. أبياتي ... .
. أشعاري ... .
. قصائدي ... .
. مزقتُ كل طقوس العباداتِ .
. والشرائعْ ... .
. وعرفتُ أني سر هذا الوجودْ .
. لن أقبل بانهزامي ... .
. حتى ولو كان فيه تحطيم فؤادي .
. آهٍ ... بل لن أقولَ آهٍ ... .
. هي للضعفاء والمساكينْ .
. أنا من صنعتُ الهوى .
. الكل يركعُ لي ... .
. ويسجدُ لكلماتي ... .
. ويحلفُ باسمي ... .
. في أشعاري ... أبياتي ... قصائدي .
. كل هذا ... لن أضيعهُ في رمشة .
. عينٍ للحظاتٍ كئيبةْ .
. أفضلُ الموت لي .
. من الوريدِ إلى الوريد .
. ولن أكونُ عبدةً .
. لأي رجلٍ يتلذذُ بالمالْ .
. فكرهُ حجر يذيبهُ في فنجانْ .
. وقهوةٍ مملوئةٍ باسمنتِ ... .
. غطاؤها ... تراب من جبال الجهل .
. وكثرةِ المال ... .
. لكني ... أعرفُ قَدْرَ ذاتي .
. أني عاشقةٌ بلا حدود .
. أسقي العشاق شرابا هنيا شدي .
. فيه شهدُ عسلٍ مثلجٍ ندي .
. يشربهُ العشاق في قصائدي .
. إنه كلامٌ ... صار دما يسري .
. في عروقهم بدون استأذان .
. وهم لا يدرون ... .
. أني أعطيهمْ ... وأنا في حرمانْ .
. كبرياءُ أنثى عاشقة .
. لن تركع لرجل مارد .
. حقير... ذليلا ... .
. ليس له أصلٌ أو جذرٌ .
. سوى قطعٍ ذهبيةْ .
. صنعها بين ليلة وضحاها .
. ولن يعرفَ أنها ذاهبةْ .
. كأصلهِ وجذرهِ في الهواء .
. لا يعرفُ له أي دربٍ .
. جاء به للحياة .
و قصيدة ( أحبك ) للشاعرة سحايب العازمية
أحأحبك كثر مايسكن خفوقي بالغلا طاري
أحبك كثر ماينعش فؤادي عطرك وندك
أحبك كثر ماتنزف عروقي صادق أشعاري
أحبك كثر مايسعد خفوقي مزحك وجدك
أحبك كثر ماتقطف أنامل يّدك أزهاري
أحبك كثر ماهاجس قصيدي بالغلا شدك
أحبك كثر ماتشعل عزوفك قوة أصراري
أحبك كثر مايروى حنين الشوق من عدك
أحبك كثر ماتفضح عيوني خافي أسراري
أحبك كثر ماتقرا شعوري آه من قدك
أحبك كثر ماأستعذب بصمتك هاجس أفكاري
أحبك كثر ماتنزف أطعون القلب من صدك