توفر المقاهي الشعبية المنتشرة في الكويت في شهر رمضان الفضيل وايام العيد ملتقى جميلا ومريحا لكبار السن والشباب والعائلات لتجاذب اطراف الحديث والترفيه.
وعلى الرغم من ان تلك المقاهي تجتذب الزوار طوال العام فان شهر رمضان يضفي عليها رونقا وجاذبية خاصة لذا فان استعدادات العاملين فيها تكون مختلفة اذ تبدأ بعد صلاة التراويح لاعداد الشاي والقهوة والمأكولات الشعبية الكويتية القديمة بأسعار زهيدة.
وتنتشر هذه المقاهي في معظم مناطق الكويت ومن اشهرها مقاهي قبلة وشرق والسالمية وأبو حليفة والصليبخات ويوم البحار.
والمقاهي الشعيبة- كما يحلو أن نسميها في هذه الأيام- كانت مركزًا تجاريًا مهما، خاصة في الصباح الباكر وبعد الظهر، حيث كان زوارها يأتون من كل صوب وحدب فيجتمع تجار اللؤلؤ ونواخذة الغوص الطواشين وتجار السلع والمواد الغذائية فيتبادلون المعلومات ويبيعون ويشترون، ويشاركهم في ذلك تجار ورجال من دول الخليج العربي، حيث يتم فيها إجراء العقود من بيع وشراء أيضا وانجاز الصفقات التجارية. وقد عرف الكويتيون المقاهي أو كما يسمونها «القهوة»، وكانت بدائية في أثاثها وديكوراتها الداخلية، حيث تتكون من كراسي خشب تفرش أحياناً بقطع من السجاد، وكانت هذه المقاهي تقدم القهوة العربية فقط. بعدها عُرف مشروب الشاي، ثم بدأت بتقديم المشروبات الباردة مثل الشربت، ثم المشروبات الغازية مثل النامليت بوتيله في ذلك الوقت. وبعض المقاهي أدخلت إضافات على تقديمها للخدمات لروادها مثل تقديم الدندرمة الأيس كريم، من إنتاج محلي بحت بعيدًا عن أي إضافات صناعية أو ألوان أو غيرها من المحتويات الصناعية. وقد ازدادت وانتشرت المقاهي في الكويت خاصة في ساحة الصفاة.
أهم المقاهي القديمة
المقاهي الشعبية كانت تعد مركزًا تجاريًا للقادمين من البادية والبصرة، كما كانت تنتشر المقاهي أيضًا في السوق الداخلي، وأسواق التجار، وسوق الصراريف، وسوق الحرس. وأصبح هناك تنافس بين الأحياء في تواجد المقاهي مثل جبلة، شرق، المرقاب، منطقة الوسط. وكان رواد المقاهي يقضون الوقت في تبادل الأحاديث وأخبار الديرة والاطمئنان على بعضهم البعض ولقاء من لم يرونه لفترة طويلة. كما كانت المقاهي الشعبية عبارة عن دكاكين صغيرة تضم عددًا من الكراسي الخشبية. ومن أهم مقاهي الكويت القديمة: قهوة بوناشي، وقهوة النوخذة، وقهوة الدهن، وقهوة بوعباس، وقهوة ابن عقاب، وقهوة ابن سلطان، وقهوة الحَمَارة، وقهوة بولند، وقهوة بوعاشور، وقهوة كرم، وقهوة ابن حيدر، قهوة ابن فهيم، قهوة نويدر، وقهوة خضير، وقهوة الطواويش، وقهوة الريس، وقهوة مارضا، وقهوة ميرزا.
نسيج اجتماعي
كما كان للمقاهي مقاصد اجتماعية: كاجتماع الأصدقاء والاستفسار عن بعضهم البعض، ومعرفة ما يحدث في محيطهم، وأخبار البحارة والسفن، خاصة في غيابهم، وعندما يغيب أحدهم عن الحضور يتساءلون عنه ويقومون بزيارته عند مرضه، كما أنهم كانوا يشربون القهوة العربية والنامليت ويدخنون القدو والنارجيلة، وكان يتم تحضير الجمر عن طريق لوجاغ التنور. وقد نجحت المقاهي الشعبية في جمع وتآلف الكويتيين وانصهارهم مع بعضهم البعض مما زاد من التقارب واللحمة بين أبناء البلد الواحد. ولقد كان صاحب المقهى يقوم بعمل الشاي والقهوة العربية واستقبال الأهالي والزبائن ومحاسبتهم، وكان له معاون يقوم بتقديم الشاي والقهوة ثم الغليون وعددهم واحد إلى اثنين، كما كان لصاحب المقهى ومعاونه لبس خاص، حيث كانوا يلبسون الوزار فوق الثوب ويلبسون الطاقية. وكان مرتادو المقاهي يجلسون على الكراسي الخشبية التكة التي كانت تستوعب أكثر من شخص. وأبرز ما كان يميز هذه المقاهي أن الجميع يرتادها، من شيوخ وأعيان وأصحاب المهن البسيطة والعادية والتجار، وكم من صفقة تمت في هذه المقاهي، وكم من مشاورات قد دارت أيضًا فيها.
وبعد الطفرة الاقتصادية ومسيرة النمو التي تحققت بسواعد أهل الكويت، وبالرغم من التطور والتقدم الذي سجلته الكويت في مختلف الميادين، إلا أن عبق التاريخ والماضي الجميل بقي في وجدان الكويتيين، لما لهذا الفلكلور من دور في حياتهم وماضيهم العريق، حيث تجسد- اليوم- المقاهي الشعبية المنتشرة في مناطق الكويت تراثاً خلفه الأجداد والآباء، وبات موقعًا ومزارًا لمحبي الأصالة والتاريخ، حيث كانت دعوة الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح- رحمه الله- لإقامة المقاهي الشعبية لتعيد لنا ذكريات الماضي والتراث القديم بما يحقق التواصل مع الحاضر و متغيراته. لذا تعددت المقاهي وانتشرت في معظم مناطق الكويت وتحديدًا على الواجهة البحرية، حيث أصبحت تستقبل روادها من داخل وخارج الكويت وعُرفت واشتهرت بها بين شقيقاتها من الدول الخليجية